يعتبر معرض القاهرة الدولي للكتاب أكثر من مجرد حدث لبيع الكتب، فهو ملتقى ثقافي يجمع بين مختلف أطياف الفكر والإبداع. يشهد المعرض ندوات ثقافية، عروضا فنية، ومعارض تشكيلية، إلى جانب منصات للكتب المستعملة مثل سوق سور الأزبكية. كما يعد فرصة للتواصل بين المؤلفين والجمهور، ويعزز من أهمية القراءة كوسيلة لتشكيل الوعي وبناء المستقبل.
أن “معرض القاهرة الدولي للكتاب يلعب دورا كبيرا في دعم حركة النشر وتعزيز القراءة لدى الأجيال الجديدة ، وأتطلع دائما إلى المشاركة فيه سواء كناشر أو قارئ “، واصفا المعرض بأنه منصة تعبر عن الثراء الثقافي والتنوع الفكري الذي يميز عالمنا العربي. أن معرض القاهرة الدولي للكتاب احتل المركز الثاني على مستوى العالم وهو يعد منارة ثقافية بارزة تعكس المكانة الفكرية والحضارية لمصر والعالم العربي .
جاءت فكرة إقامة المعرض في أواخر ستينيات القرن الماضي على يد الفنان التشكيلي عبد السلام الشريف، الذي اقترحها على الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة حينذاك. كان الهدف هو خلق منصة تجمع الناشرين والكتب من مختلف أنحاء العالم في مكان واحد، في وقت كانت مصر تحاول استعادة مكانتها الثقافية بعد نكسة 1967.
وافق الرئيس جمال عبد الناصر على الفكرة، تقديرا منه لأهمية الثقافة كأداة ناعمة لتعزيز الصمود الوطني. تولت الكاتبة والباحثة سهير القلماوي الإشراف على تنظيم أول دورة للمعرض، بالتعاون مع سوق الكتاب الدولي في لايبزج بألمانيا، وتمكن إسلام شلبي، ممثل وزارة الثقافة، من جذب كبرى دور النشر العالمية للمشاركة رغم محاولات إسرائيل عرقلة المشروع.
أن المعرض يوفر بيئة مميزة للحوار الثقافي بين مختلف الثقافات، حيث يشارك في فعالياته كتاب ومثقفون ودور نشر من جميع أنحاء العالم من خلال الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية، ويفتح المعرض الباب للنقاش حول قضايا الفكر والفن والأدب، مما يعزز التفاهم المتبادل بين الشعوب، ويسهم في دعم صناعة النشر من خلال توفير منصة لعرض الإصدارات الجديدة وإتاحة الفرصة لدور النشر الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى جمهور أوسع. كما يُعد مناسبة للترويج للكتاب العربي في الأسواق العالمية، مما يعزز حركة النشر والترجمة.
وأضاف أن المعرض يلعب دورًا مهمًا في تشجيع القراءة بين الشباب والأطفال من خلال تخصيص مساحات لأنشطة الأطفال وفعاليات موجهة للأسرة، ويسهم ذلك في خلق جيل واعٍ محب للمعرفة، مما يعزز التنمية الثقافية المستدامة في المجتمع، ومع تطور التكنولوجيا، أصبح معرض الكتاب أيضًا منصة لعرض الابتكارات الرقمية في صناعة الكتب، مثل الكتب الإلكترونية والسمعية، ويواكب المعرض التغيرات في عادات القراءة ويوفر خيارات متعددة للقراء في العصر الرقمي.
تسعى وزارة الثقافة، والهيئة المصرية العامة للكتاب، إلى تقديم دورة استثنائية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، فهناك العديد من المفاجآت التي ستجذب الجمهور بشكل أكبر، باعتبار معرض الكتاب أكبر حدث ثقافي ينتظره ملايين القراء، وأنار عبر تاريخه العريق عقولًا مصرية وعربية، وأسهم في بناء فكر أجيال وأجيال اعتزت بهويتها، وتلقت الكتاب باعتباره نبراسًا وهاديًا، لذا يشهد المعرض هذا العام انفتاحًا كبيرًا على مستوى النشاط الثقافي والقضايا الثقافية والمعرفية التي يتناولها في برنامجه، من خلال التعاون مع العديد من المؤسسات الوطنية، لتكون هذه الدورة علامة فارقة في تاريخه، حيث تم بذل الكثير من الجهد، وسخرت الدولة المصرية إمكاناتها، تقديرًا لمكانة الثقافة والكتاب.
وأكد أن معرض القاهرة الدولي للكتاب، حدث ثقافي عالمي، ونقطة مركزية كبيرة لتداول الكتاب، كما أنه لا يعتبر معرضًا مخصصًا للكتاب فقط، بل هو محفل ثقافي كبير يضم مجموعة كبيرة من الندوات واللقاءات والأنشطة الثقافية والفعاليات الفنية والعروض المختلفة، بحيث تكون محافظة القاهرة بالكامل خلال أسبوعي معرض الكتاب متوجة في عمل ثقافي كبير اسمه «معرض الكتاب»، وسيكون حدثًا زاخرًا هذا العام، ويختلف تمامًا، كونه أكبر معرض في المنطقة العربية، وسنستمر على نفس الشكل والقوة، ولكن بأشكال ووسائل مختلفة تمامًا، وبالتالي ستكون النسخة الـ56 من المعرض مختلفة عن النسخ السابقة، على المستويات كافة.
ويأتي المعرض في دورته الحالية متحديًا الصعاب التي تواجه العالم، ويجتمع تحت سقفه الكتاب الأدباء من مصر والوطن العربي، بل العالم، ويزوره ملايين عدة من القراء الذين تنصب اهتماماتهم بالاطلاع على كل ما هو جديد، حتى يبدو المشهد أشبه بكرنفال احتفالي كبير ومبهج.
وفي النهاية، يظل معرض القاهرة الدولي للكتاب حدثًا ثقافيًا استثنائيًا يجسد رسالة الثقافة في توحيد الشعوب وتعزيز قيم المعرفة والانفتاح، ويظل منصة للإلهام والإبداع والتواصل الثقافي، مما يجعله علامة فارقة في المشهد الثقافي العربي والدولي.
إن معرض القاهرة الدولي للكتاب هو الأكثـر جماهيـرية في عدد الزوَّار.. فقد وصل عددهم في الدورة السابقة إلى أكثر من أربعة ملايين وسبعمائة وخمسة وثمانين ألف زائر، كما أن المعرض هو الأطول في عدد أيام فعالياته التي تبلغ ثلاثة عشر يومًا، وأيضًا إدخال اتحاد الناشرين العرب كشريكٍ في الإعداد والتنظيم من خلال تمثيله برئيسه في اللجنة الإدارية العليا لتنظيم المعرض، فهو دون سواه من المعارض العربية يحرص على وجود الاتحاد كشريك، ممثلا للناشرين العرب، كذلك يمنح معرض القاهرة سعرًا مميـزًا لأعضاء اتحاد الناشرين العرب، وهو يتفرد بذلك بين سائر المعارض العربية، كما يحتضن معرض القاهرة الدولي للكتاب اجتماعات وفعاليات اتحاد الناشرين العرب أثناء المعرض، وهناك ميـزة لهذا المعرض تتمثل في أن معظم صناع النشر في العالم العربي، من ناشرين ومؤلفين ومصممي الكتب، وأصحاب المطابع، ومستوردي مستلزمات إنتاج الكتاب، وشركات التوزيع، جميعهم يحرصون على حضور المعرض، وهذه الميـزة قلما نجدها في المعارض الأخرى».
«إن ما ذكرناه عن معرض القاهرة الدولي للكتاب ليس تعصبًا كون رئيسه مصريًّا، ولكن هذه هي الحقيقة، فمنذ تأسيسه عام 1969م دائمًا ما يبحث عن التميز والتفرُّد من خلال الكتب المعروضة من مختلف البلدان العربية والأجنبية، بجانب الفعاليات الثقافية من مؤتمرات وندوات وورش عمل تُشارك فيها نخبة متميـزة من الكتاب والمفكرين من شتى بلاد العالـمين العربي والأجنبـي، هذا فضلًا عن الأنشطة الثقافية والمهنية والمبادرات الثقافية، كما قدم عددًا من رموز الشعب المصري تحت مسمى “شخصية المعرض” على مدار الدورات السابقة، وفي هذا العام تم اختيار العالم الراحل الأستاذ الدكتور أحمد مستجير ليكون هو شخصية المعرض، والأستاذة فاطمة المعدول تم اختيارها شخصية معرض الطفل».
يعتبر معرض القاهرة الدولي للكتاب واحدا من أكبر معارض الكتب في العالم، حيث يشارك فيه أكثر من 80 دولة و1350 دار نشر، ويتوقع أن يشهد المعرض حضورا كبيرا من الزوار، مما يعكس أهمية الكتاب والثقافة في المجتمع العربي والعالمي. يتميز المعرض ببرنامجه الغني والمتنوع من الفعاليات الثقافية والفنية، مما يجعله منصة مثالية لتبادل الأفكار والخبرات بين الكتاب والمثقفين من مختلف البلدان. في السنوات الأخيرة، تبنى المعرض التقنيات الحديثة لتقديم تجربة أكثر سلاسة للزوار، مثل إتاحة التطبيقات الرقمية لتحديد المواقع داخل المعرض، وحجز التذاكر عبر الإنترنت. كما بدأت مشاركة منصات النشر الإلكتروني والكتب الصوتية لمواكبة التطورات في عالم صناعة النشر. يُعَدُّ المعرض أداة فعّالة لنشر ثقافة القراءة بين مختلف فئات المجتمع، حيث يقدم إصدارات متنوعة تناسب جميع الأعمار والاهتمامات. من خلال تخفيضات الكتب وورش العمل المخصصة للأطفال والشباب، ينجح المعرض في جذب أجيال جديدة للانخراط في عالم الأدب والقراءة.
دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري
وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا