تهجير الفلسطينيين من أراضيهم حلم إسرائيلي لم تتوقف الدولة العبرية عن التفكير به منذ نكبة 1948 حيث اعتمدت العصابات الصهيونية في عملية تهجيرها للفلسطينيين في عام 1948 بشكل أساسي على مجموعة من المجازر التي ارتكبتها بحق بعض القرى الفلسطينية وحاولت من خلالها ان ترهب الفلسطينيين وتدفعهم الى مغادرة أراضيهم. وبين الحين والأخر تتجدد الفكرة سواء من الداخل أو من الحليفة الام أمريكا الداعمة الأولى للكيان الصهيوني. ان اقتراح الرئيس دونالد ترامب بنقل مليون ونصف من سكان غزة الى مصر والأردن الدولتين العربيتين الجارتين لحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة في الوقت الذى يمنع ترامب دخول المهاجرين الأجانب الى أمريكا ويرفض ادخالهم ويمنح لنفسه الحق بإدخال المهجرين الى مصر والأردن ان هذا الرجل يفتقر الى الفهم والفكر والادراك السياسي .وان السياسات الامريكية على مدار 75 عاما من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم تكن يوما جزءا من الحل بل كانت سببا اصيلا من المشكلة جراء انحيازها المطلق ورعايتها الرسمية لهذا الكيان الصهيوني المغتصب .
في ولاية ترامب الأولى (2017 – 2020) بدأ الحديث إعلاميا في (2018) عن خطة أمريكية لتهجير الفلسطينيين تحت ما سمى ب “صفقة القرن ” وفى مارس 2019 أعلن الملك عبد الله الثاني رفض فكرة الوطن البديل والتوطين مؤكدا ان فلسطين والقدس خط احمر وسط مواقف رسمية وإعلامية مصرية متكررة عن رفض مخططات التهجير.
ان ما أعلنه الرئيس ترامب حول قضية التهجير استكمال لصفقة القرن التي بدأت في ولايته الأولى بالقدس ونقل السفارة الامريكية اليها وكان ذلك اعترافا بحق إسرائيل في القدس ويبدو ان ترامب يريد ان يكمل الصفقة في ولايته الثانية فقد اعطى لإسرائيل الضوء الاخضر باقتحام الضفة وما يحدث في جنين الان يؤكد ان ترامب اطلق العنان لإسرائيل في اكمال مشروع صفقة القرن ما بين غزة والضفة كما اعطى تعليماته للبنتاغون بعد ولايته الثانية بأيام معدودة بالأفراج عن شحنة قنابل تزن الفى رطل لإسرائيل سبق ان جمد تسليمها الرئيس الديمقراطي جو با يدن العام الماضي على اعتبار انها سوف تخلف مأساة بشرية كبيرة . ان مؤامرة التهجير اخر ما بقي من الصفقة ان تصريحات ترامب أدخلت المنطقة كلها في صراعات لا أحد يعرف مداها الا الله. اعتبر الباحث الإسرائيلي “إيلي نيسان” أن تصريحات ترامب حول غزة تأتى في إطار محاولاته لإعادة إحياء “صفقة القرن ” والتي فشلت بسبب رفض الدول العربية والفلسطينيين لها. وان استمرار تجاهل حل الدولتين سيؤدى الى تصعيد خطير في المنطقة. ان المقاومة الفلسطينية والرفض العربي يعيقان تنفيذ هذه المخططات.
كانت حرب غزة محطة جديدة لعودة إسرائيلية لمخطط التهجير حيث كشفت ورقة نشرها “معهد مسجاف الإسرائيلي ” في 17 أكتوبر 2023 تدعو لإبعاد الفلسطينيين الى مصر وفى 14 من الشهر التالي دعا وزير المالية المتطرف الى الهجرة الطوعية واستيعاب عرب غزة في دول العالم هو حل إنساني ينهى معاناة اليهود والعرب على حد سواء “
شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ان تهجير الفلسطينيين الى مصر خط احمر مشيرا الى ان اخراج الفلسطينيين من أراضيهم يعنى عدم عودتهم اليها ابدا وهو ما يهدد جوهر القضية الفلسطينية.
كما أعرب الازهر الشريف رفضه القاطع لكل مخططات ومحاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم ونص البيان إن غزة أرض فلسطينية عربية وستظل كذلك بإذن الله الى ان يرث الله الأرض ومن عليها وأن المحتل الغاصب ومن خلفة يحاولون سلب الأرض كما اعتادوا تزييف التاريخ ومحو الحقائق في ظل تواطئو عالمي غير مسبوق.
ستظل مصر مستمرة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ورفض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية او الاضرار بحقوق الشعب الفلسطيني التي لا يمكن التنازل عنها بما ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية.
المحامى – مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا