عبْرَ تاريخه المُشرّفِ، وعطائه المُستدامِ، ونقاء وجدان منسبيه الذين هم من خيرة هذا الشعب الأصيل، وبمواقفه النبيلة، التي تتجدد خلال حُقَبِ التاريخ نجد جيشًا يشكل في مكونه منارة ساطعة من الشهامة، والباسلة، والفداء؛ حيث يحمي، ولا يعتدي، ويعطي، ولا يتجاوز، ويتقدم، ولا يتأخر، ويثور على العدو، ويرْأف ببني جلدته، ويصون، ولا يخون، ويدْحرُ العدوان، ولا يتقبل الهزيمة؛ إنه جيشُ مصر، منارة جيوش العالم قاطبةً.
وعبْرَ حُقبِ بعيدةٍ، وقريبةٍ يؤكد الجيشُ المصريُّ العظيمُ دوره الرائد في حماية مُقدّرات الوطن في ظل تقلّباتٍ، وتمّوجاتٍ، وتحدّياتٍ يصعبُ حصْرُها، وفي ظل لهيبِ منطقةٍ لم يتوقفْ في ربعوها النزاعُ، والصراعُ، ولم تهدأْ إلا قليلًا؛ فهذا الجيش قد أخذ على عاتقه أمانةَ الحفاظ على مصر، وشعبها؛ كونه من لبنة هذا الشعب، ومن فلذاتِ كبده؛ فلا يرتضي عُدْوانًا عليه، ولا يقبل بأن يجور عليه أحدٌ، ولا يرتضي أن يتحكم في مصيره كائنٌ من كان.
إنّه الجيشُ المصريُّ الأمينُ الذي لم يُكِنُّ له يومًا مطلبًا من شعبه؛ لكن على الدوام يحمل مُقّدراته، ويحفظ ترابه، ويرعى دستوره، ويتصرفُ برشدٍ، وحكمةٍ، ولا ينزلقُ نحو مطامعَ، أو صراعاتٍ، لا تعني الدولة، وسياستها؛ لكن تراه مراقبًا لأمن بلاده القوميّ، لا يقبل أن يهدده أحدٌ، ولا ينتظر حتى ينال منه أحدٌ؛ فلديه بحول الله -عزوجل-، وقوته ما يستطيع أن يُرْدعَ به أيّ عدوانٍ، أو جوْرٍ على ترابِ هذا الوطنِ القاطنِ في القلوبِ.
إنه الجيش العظيم الذي يُعد ملاذًا من كل ضائقةٍ، أو نائلةٍ، أو نازلةٍ، تحيقُ بالوطن، وشعبه؛ فطموحاتُ، الجميعِ، وآمالُهُم تتعالى في ظل من يمدُّ لهم يد العون، والمساندة، والمساعدة؛ فالمنهج الذي يتربّى عليه منتسبو المؤسسة العسكرية يكمن في الحفاظ على شرف الأمة المصرية، وهُويّتِها، وقوميّتِها، بل، وتقديم ما من شأنه أن يرْفعَ من قدرها، ومقدارها، ويجعلها ناهضةً، متقدمةً، مُزْدَهِرةً بيْن الأممِ قاطبةً؛ فيقدّمُ لها ما تطْلبُه، وما قد تحلُمُ به في كل وقتٍ، وحينٍ.
نعلنها بكل فخرٍ، ونؤكدها على الدوام فنقول: إن الجيش المصري منارةُ الجيوش؛ حيث لا يقبل الهوانَ، والاستسلامَ؛ فقد تربّي على العزّة، والإقْدامِ؛ فيعملُ منتسبوه بكل جِدٍّ، واجتهادٍ من أجل أن يكون مُتأهبَّ الاستعداد؛ للمواجهة، ويحرصَ قادتُه على رفع كفاءة مقاتليه؛ فالمُهمّةُ جَدُّ خطيرةٍ؛ لكونها تعنى بحماية الوطن برًا، وبحْرًا، وجوًا؛ فلا تهاونَ، ولا تقصيرَ، ينتابُ مؤسسةٌ تعي ما عليها، وتدركُ قدر الأمانة التي تقع على كاهلها.
وفي هذا الإطار لا يسعُنا إلا أن نشيد بجهود القائد الأعلى للقوات المسلحة المصريّة الذي طوّر من جيش بلاده الوطنيّ، ووفر كافة الدعم الذي من شأنه أن يحققَ رفع الكفاءة القتالية، وزاد من الخبرات النوعية، والتقنية في كافة مجالاته، وأسلحته؛ فصار الجيش من أفضل جيوش العالم، وفق تصنيفات عالميّة تعتمد على فلسفة المعايير في تقييمها للجيوش؛ فليس هناك مكانٌ للمجاملة، أو التغرير.
إن ما ينقل من مظاهر للتدريب لهذا الكيان العظيم يُعد نقطة في بحر؛ حيث تبذل كافة الأسلحة بالجيش جهودًا مضنيةً، ومتواصلةً يجعلها تحقق الغاياتِ المستهدفةِ من التدريب، خاصّةً فيما يتعلق بتوظيف التقنيةِ العسكريّةِ، التي تزيد من القدرات القتاليّة، وتتواكب مع التطورات التدريبيّة الحديثة لجيوش العالم المتقدمة؛ فقد أضحتْ الاستراتيجيات القتاليّة في تقدّمٍ، وتطُّورٍ مستدامٍ، وامتلاكٍ للتقنية الحديثة التي تعد من أسباب التَفوّق، وبلوغِ الهدفِ.
ورُغم الاهتمام بالجوانب القتاليّة لم يتأخرْ جيْشُنا العظيمُ في تقديمِ صورِ المساهمةِ الخاصّةِ بإعمارِ، وبناءِ الجمهوريّةِ الجديدة في ضوء ما يمْتلكُه من إمكانياتٍ، وقدْراتٍ لُوجِسْتيّةٍ وفي إطار التزامه، ودقته في التنفيذ، وفي خضم إيمانه الراسخ بأنه ملكٌ للشعب، وما يقدمه فرضَ عينٍ، وما يقومُ به من قبيل المهامِ القوميّةِ، التي تحقق غاياتِ الوطنِ العزيزِ على القلوب؛ ومن ثم لا ينتظرُ المقابلَ، بل يترقّبُ مزيدًا من النهضة، واستدامة التنمية في شتّى المجالاتِ المصريّة.
وفي كل لقاءٍ من قبل القائد الأعلى للقوات المسلحة بأسلحة الجيش المصريّ، وقادته يؤكد سيادته على مبدأ التفاني في التدريب، والتحلي بالعلم، والتّمادي في دروب المعرفة، التي تبني العقول، وتزيد من الخبرات؛ ليصبحَ المقاتلُ قادرًا على أن يتواكب مع كل جديدٍ في المجالِ العسكريّ، بل، ويضيفُ إلى رصيده الثقافيّ ما يجعله متفاعلًا مع مجتمعه، ومدركًا بما يدور على كافة المستويات الداخليّة، والإقليميّة، والعالميّة، وأرى أن هذه وصايا قد تسهم في نهضة أركان الجيوش، وتُزِيدُ من كفاياتها، وكفائاتها.. ودي ومحبتي لجيشي ولوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر