عبر التاريخ لم تكن سيناء مجرد بقعة جغرافية على خريطة مصر بل كانت وستظل حصنًا منيعا ، وسدا منيعًا أمام كل محاولات العبث بأمن الوطن أو التلاعب بمقدراته. فهذه الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء ، لم تكن يوما ساحة لتسويات سياسية أو رهينة لحسابات القوى الكبرى ، بل هي جوهر الأمن القومي المصري وخط أحمر لا يمكن تجاوزه.
في ظل الأحداث المتسارعة في المنطقة عاد الحديث مجددا عن سيناء كحل محتمل لقضية اللاجئين الفلسطينيين ، وسط محاولات دولية لإيجاد حلول على حساب السيادة المصرية. ورغم تعدد السيناريوهات المطروحة، يبقى الموقف المصري واضحا وحاسما: سيناء ليست ولن تكون يوما أرضا للتهجير أو الاستيطان أو أي شكل من أشكال إعادة التوطين.
التاريخ يرفض التهجير لم يكن هذا الطرح جديدا ، فقد حاولت قوى استعمارية سابقة فرضه منذ عقود ، وكانت مصر دائما على أهبة الاستعداد لمواجهته. فمنذ الاحتلال الإسرائيلي لسيناء عام 1967، كانت هناك محاولات عدة لإحداث تغييرات ديموغرافية في هذه البقعة الاستراتيجية، إلا أن الإرادة المصرية أفشلت تلك المخططات وأثبتت أن سيناء ليست قابلة للبيع أو المساومة.
هذا الموقف ليس مجرد قرار سياسي تتبناه الدولة، بل هو عقيدة راسخة لدى المصريين جميعا ، لأنهم يدركون أن أي تغيير في معادلة سيناء سيمثل تهديدا وجوديًا لمصر بأكملها. لذلك، فإن رفض التوطين في سيناء ليس مجرد موقف سياسي أو أمني بل هو التزام تاريخي يرتبط بسيادة الوطن وهويته.
الاقتصاد والسيادة.. وجهان لعملة واحدة
مع تطور الرؤى التنموية ، تبرز سيناء كواحدة من أهم مناطق الاستثمار والتطوير في مصر. فالاقتصاد الدائري الذي أصبح محورًا أساسيًا في خطط 2025 يعكس رؤية مصر لبناء مستقبل مستدام يرتكز على الاستغلال الأمثل للموارد وتعزيز الاكتفاء الذاتي. ومن هنا فإن التنمية في سيناء ليست مجرد مشاريع اقتصادية ، بل هي تأكيد على أن هذه الأرض جزء أصيل من الوطن، تُبنى بسواعد أبنائه ، وتُحمى بإرادتهم.
الحديث عن التنمية في سيناء لا ينفصل عن مفهوم الأمن القومي، فالتطوير العمراني والصناعي والزراعي في هذه المنطقة لا يهدف فقط إلى تحسين مستوى المعيشة، بل أيضا إلى تعزيز الوجود المصري على أرضها، وإغلاق أي ثغرات قد تستغلها أطراف خارجية لمحاولة فرض أجندات مشبوهة.
في ظل التوترات الإقليمية ، تحاول بعض القوى فرض رؤى جديدة تتجاهل حقائق التاريخ والجغرافيا، ولكن الرد المصري جاء حاسما وقاطعا سيناء ليست أرضًا للتفاوض، ولا مجال لإعادة رسم خرائطها وفقًا لأهواء أطراف خارجية.
لا يمكن الحديث عن أمن مصر واستقرارها دون التأكيد على أن سيناء ستظل جزءًا أصيلًا من تراب الوطن، وأن كل محاولة للمساس بها ستواجه بحزم على المستويين الشعبي والرسمي. فهذه الأرض التي حررها المصريون بدمائهم لن تكون أبدا محل مساومة وستظل دائما أرضا للصمود وليست للتوطين**.
وفي عام 2025 ، حيث تتغير موازين القوى في المنطقة، يبقى الموقف المصري كما كان عبر التاريخ: لا تفريط في الأرض، ولا مساومة على السيادة، ولا مجال للتنازل تحت أي ظرف. فسيناء لم تكن يومًا للبيع ولن تكون أبدًا إلا جزءًا لا يتجزأ من الوطن ، محمية بإرادة شعبها ومدعومة بسياسات تحفظ أمنها واستقرارها.