تناولت في مقالي السابق عرضا وتحليلا لتصريحات ترمب، ونتيجة تعقب الواشنطن بوست لها..
إلا ان تلك التصريحات اخذت بعدا آخر لم يكن ترمب نفسه ولا المحيطون به من الصهاينة الأميركان من اصل يهودي أو غيرها من الأصول، يتوقع هذا الرد القوي الرافض لها دوليا وإقليميا، وحتى في الداخل الأميركي.
لقد أجهضت عودة أهل غزة (الجبارين) لشمال القطاع خاصة، ولكل غزة عامة، كل المخططات الصهيونية لإبادة هذا الشعب الأبي العاشق لتراب أرضه، رغم كل المآسي والأحزان على فقدان الأهل والأقارب والعزوة والصحاب والجيران والقادة، وكانت مشاهد تلك الجموع سبب حسرة وندم قيادة الكيان ومستعمريه، وكل صهاينة العالم.
لقد كان أهل غزة نادمين، ليس على تداعيات حرب الإبادة التي استمرت شهورا عديدة، ولكن لأنهم تركوا أرضهم وبيوتهم ونزحوا، وتأسفوا لعدم نيلهم شرف الشهادة الذي ناله من استشهد منهم، بل وتعهدوا بعدم ترك أرضهم مرة أخرى، وتكررت على ألسنتهم وفي قلوبهم مقولة (الجنة أقرب من أي مكان).
وسط هذا الزخم والنصر المبين والفرحة التي يحاول الإسرائيلون وأدها بدهم مناطق ومنازل الأسرى المحررين، واعتقال ذويهم من ناحية، وتكدير فرحة الفلسطينيين بالنصر من خلال الممارسات المرفوضة دوليا في الضفة وجنين، بمساعدة منتسبين للسلطة الفلسطينية، رغبة واملا في إطالة عمر حكومة نتنياهو، التي تتغذى على الدمار والخراب، وعلى الدماء الطاهرة للمقاومين والمدنيين والأطفال والنساء!!
وسط كل ذلك تأتي تصريحات ترمب العلنية المباشرة لمصر والأردن بقبول تهجير أهل غزة!!
لقد أثبت الرد القوي من القيادة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومن القيادة الأردنية وحكومتها، فشل ادعاء نتنياهو بأنه نجح في تغيير الشرق الأوسط!!
الشرق الأوسط ليس خريطة، بل شعوب تمثل القضية الفلسطينية التي لها أولوية حياتية، ولذلك نادى كبير قادتها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بصوت عال ( لا التهجير) فالتفت كل مكونات الشعب المصري حوله.
وكل يوم تزخر وسائل الإعلام والسوشيال ميديا برفض التهجير، وبحق أهل غزة في الحياة الكريمة على أرضهم التاريخية.
وتأتي الأفعال مترجمة لموقف مصر قيادة وشعبا، من خلال المساعدات اليومية التي تروي عطش وجوع اهلنا في غزة، وتدفئهم بعد برد النزوح، وتكمل سعادتهم بعد حزنهم بفقد الحبيب والقريب والصديق.
هذه الوقفة التاريخية من مصر الشرق الأوسط، أجبرت ترمب على تقليل غطرسته وسعيه المستمر لإرضاء اليهود والصهاينة، للمطالبة بالبحث عن بديل التهجير، وهو يعلم تمام العلم أن كبرياءه تحطم على صخرة مصر الشرق الأوسط، وأن البديل الحقيقي هو التخلي عن مشاريع الصهاينة التي لم تحدث سابقا ولن يسمح بها التاريخ المعاصر،، ولن يفلح تلويحه الرخيص للكونجرس بفرض عقوبات على مصر ، فمصر عندما تقول لا فيجب عليه الاصغاء لها، لأن مصر هي الشرق الأوسط.
osamasend@gmail.com