نزولاً على رغبةٍ مُؤججةٍ جامحةٍ من بعض المقربين، التائقين إلى تلك اللوحة الخلابة، التي رسمتها أبوكساه فيمَا غبّر من أزمنةٍ بهيجةٍ وأحقبةٍ تليدة، وتوارت بين زخم الأحداث وزمجرير التفاصيل بالحجاب، وكان الاستجداء بالإيماء إلى تاريخ هذه القرية في الحقل النيابي بشقيه الشعب والشورى، أو مجلس النواب ومجلس الشيوخ طرحه غنّاء:: كأنما وَلّت هذه الوِريقات مع هجير السنين ولم تُعقب، فريثما تعود، فإن لم تعد، ففي بارقة السطور ما يُشّبَهُ بفِردوسٍ مفقودٍ طلعه نضيد…
باديء ذي بدء
رادفت أبوكساه سائر وقائع الحياة النيابية المصرية على اختلاف أزمنتها، وتنوع مسمياتها، فعاصرت جميع أحقبة الحياة السياسية المصرية تباعاً، استهلالاً بالحقبة الخديوية، ثم الملكية، فالجمهورية، والإخوانية….
لا جرّم أن بِدء الحياة النيابية المصرية كان في عهد الخديوي إسماعيل، بتأسيس مجلس شورى النواب عام ١٨٦٦م، ومثل الفيوم آنئذ حزين الجاحد، وسرعان ما ألغي مجلس النواب بعد الدورة الثالثة عام ١٨٨١م على خلفية التدخل الإنجليزي في البلاد، الذي تمخضت عنه الثورة العرابية .. بيد أن أُنشيء مجلس شورى القوانين، وتم انتخاب مفتاح معبد أفندي عام ١٨٩٩م بدلاً من طلبة سعودي بك، وأعيد تعيين مفتاح معبد عام ١٩٠٦م بعد وفاة السيد عبدالخالق السادات…
ثم تجمدت الحياة النيابية المصرية تأثراً بأحداث الحرب العالمية الأولى [١٩١٤م _ ١٩١٨م ] ووجود الإنجليز في مصر، فلما تم إجلائهم عن مصر، عاد التشريع البرلماني إلى حيث كان بمقتضى دستور ١٩٢٣م، وتشكلت أول هيئة نيابية عام ١٩٢٤م…
ومنذ الهيئة النيابية الثانية عام ١٩٢٥م، وحتى نهاية الهيئة النيابية التاسعة عام ١٩٥٠م.. لم تغب شمس أبي كساه عن مجلس النواب…
في الهيئة النيابية الثانية عام ١٩٢٥م، مثلها علي مفتاح معبد نائباً منتخباً عن دائرة سنهور القبلية…
وفي الهيئة النيابية الثالثة عام ١٩٢٦م، حافظ علي مفتاح معبد على مقعده عن نفس دائرة سنهور القبلية…
وفي الهيئة النيابية الرابعة عام ١٩٢٩م، ظهر أحمد مفتاح معبد لأول مرة، نائباً عن دائرة سنهور القبلية…
وفي الهيئة النيابية الخامسة عام ١٩٣١م، مثل أبوكساه عبدالقوي أحمد معبد، نائباً منتخباً عن دائرة أبشواي الرمان…
وفي الهيئة النيابية السادسة عام ١٩٣٦م، عاد أحمد مفتاح معبد ممثلاً لها عن دائرة سنهور القبلية…
وفي الهيئة النيابية السابعة من ١٩٣٨م حتى ١٩٤٢م، وفي مفارقة لا تتكرر كثيراً، مثل أبوكساه الأخوين أحمد مفتاح وعلي مفتاح معبد، الأول نائباً عن أبشواي الرمان، والثاني نائباً عن فيديمين… وفي هذه الدورة كان أحمد مفتاح من ضمن ثلاثة مراقبين داخل البرلمان مع حامد بك العلايلي، والسيد عبدالحميد البنان…
وفي الهيئة النيابية الثامنة من ١٩٤٢م حتى ١٩٤٥م، مثل أبوكساه مصطفى عبدالقوي معبد عن دائرة أبشواي …
وفي الهيئة النيابية التاسعة من ١٩٤٥م حتى ١٩٥٠م.. مثل أبوكساه أحمد مفتاح معبد عن أبشواي الرمان …
خمسون عاماً ونيف من الحضور الدائم لأبي كساه بين جنبات مجلسي النواب والشورى..
ثم تحل ثورة يوليو، فتتغير أطوار الحياة الكلية في مصر، وحسبنا والعمل النيابي، الذي استجلب النفوذ المادي والتكتل العصبي، لتظهر قرية أبي كساه على استحياء، فيمثلها الدكتور حسن معبد عن بندر الفيوم في حقبة التسعينيات، ويخبو سناها قليلاً، ثم يعيده الدكتور صابر عطا في إنجاز فردي بتلاحم جماعي، تكلل بنجاح جدير في دورة ٢٠٠٥م، ثم يضع الدكتور الصديق علي عبدالتواب الشيخ علي رحمه الله آخر لبنة في بُنيان أبي كساه داخل البرلمان، عندما دخل مجلس الشورى عام ٢٠١٢م، كثانِ رجلٍ في تاريخ أبي كساه، يدخل مجلس الشورى بعد مفتاح معبد….
