يشعر كل المصريين بأنهم ينتمون لوطن قادر على صنع الكثير والكثير مما يعتز به الإنسان فى هذا العالم الغريب المليئ بالظلم والقهر واهدار الحقوق.
لدى مصر- دولة وجيشا وشعبا- من القيم الحضارية والمشاعر الانسانية والقدرات المتعددة والمتنوعة ما أصبح نادرا فى عالم تسوده البلطجة والظلم والتبجح بكل ما هو مهين ومزعج، ويتنافى مع القوانين والاعراف الدولية وموازين الحق والعدل، وحقوق الإنسان التى تتشدق بها بعض الدول الكبرى فى عالم اليوم.. وهى على أرض الواقع تسجل أحط صور التعامل، واهدار الحقوق، والبلطجة، مغترة بما تمتلك من قوة غاشمة، لا تقوى إلا على الضعفاء، الذين لا يمتلكون ما يدافعون به عن أنفسهم وأوطانهم.
فى هذا العالم الذى يموج بكل صور الظلم والقهر والعدوان يفتخر المصريون بمواقف وسياسات وطنهم فى كل الاتجاهات.. فمصر لا تقبل ظلما ولا عدوانا على أى شعب.. ومن هنا كان موقفها السياسي والأخلاقى من العدوان الصهيونى الاجرامى على الشعب الفلسطينى واللبنانى واليمنى وكل شعب يطاله العدوان الآثم من أحقر قوة عسكرية فى التاريخ.
والواقع أن مصادر فخرنا واعتزازنا ببلادنا كثيرة ومتنوعة.. كما أن مظاهر قدرات مصر عديدة وتجعل منها دولة قادرة على حماية نفسها.. كما أنها قادرة على تحقيق توازن القوى فى منطقة يعتقد البلطجى الصهيونى أنه سيدها الأوحد، لأنه لا يواجه قوى تستطيع ردعه، وكل من يقدر عليهم عبارة عن جماعات وفصائل لا تمتلك 2% مما يمتلكه من أسلحة وقدرات عسكرية تتدفق عليها من أمريكا وبعض الدول الأوروبية.. ويمكن أن نشير الى أبرزها فى النقاط التالية:
نفتخر بمصر المتوازنة سياسيا التى ترتبط بعلاقات جيدة مع معظم دول العالم وخاصة الدول الكبرى.. نفتخر بمصر التى لا تنحاز لباطل مهما كانت القوى التى تسانده أو تدعمه.
وبفضل هذه السياسة الاخلاقية رفضت مصر كل صور العدوان على الشعب الفلسطينى وكانت فى طليعة الدول المنددة بهذا العدوان، والمحذرة من مخاطره وتداعياته، وكل ما حذرت منه مصر حدث، والتداعيات الأمنية والعسكرية للقوة الصهيونية الغاشمة التى لا تحكمها قيم ولا أخلاق كان لها تداعياتها الخطيرة على المنطقة كلها بما فيها الكيان الصهيونى نفسه، ولو الدعم غير المحدود لهذا العدو سياسيا واقتصاديا وعسكريا لسقط ولم يستطع المواجهة منذ عدة أشهر.
وقد تجلت قدرة مصر السياسية والأمنية فى التوصل لاتفاق الهدنة الأول والثانى والذى تم من خلالهما حقن دماء الآلاف، وعودة الأسرى الى أسرهم فى عدد من دول العالم وليس فى فلسطين المحتلة والكيان الغاصب فقط.. فمصر كانت وستظل تمتلك مفاتيح الحلول للمشكلات والأزمات بما تمتلك من نفوذ ومن سياسة معتدلة بين كل الأطراف.
مصر قادرة عسكريا على الدفاع عن أرضها وحقوقها السياسية وعن أمن وسلامة مواطنيها وكل من يعيش على أرضها، ولولا هذه القدرة التى يعترف بها الجميع ويقدرها العدو قبل الصديق لكانت مرتعا لكل الطامعين على حدودها وهم كثيرون ويحيطون بها من كل جانب.
مصر.. ولله الحمد تمتلك جيشا قويا قادرا على ردع كل معتد آثيم .. جيش لا يعتدى على أحد، ولديه عقيدة عسكرية مثالية لا تتوافر لكثير من جيوش العالم، تلك التى تزعم أنها تحترم حقوق الإنسان وهى فى واقع الأمر مثال صارخ فى إهدار كرامة الإنسان بفعل ما تمارسه من عدوان وظلم.
نفنتخر ونطمئن بأن لدينا الجيش الذى حقق نصر أكتوبر المجيد وهزم أحقر قوة احتلال التى توهمت انها لن تقهر.. فقهرها ابطال مصر وعلموا عليها مما سبب لهم عقدة تاريخية من الجيش المصرى ستظل تلاحقهم الى أن يشاء الله.
هزمهم جيش مصر وهو لم يكن على الصورة التى عليها الآن من الاستعداد والجاهزية والتسلح الحديث والتدريب الأفضل.. ولذلك سيظل الجيش المصرى مصدرا لفخر المصريين واعتزازهم، فهو الذى حرر الأرض من العدو المغتصب، وهو الذى سجل أروع صور العطاء والتضحية من أجل الوطن، وهو من استطاع أن يلقن إسرائيل فى حرب اكتوبر المجيدة درسا قاسيا فى فنون القتال رغم تفوق جيش العدو فى العتاد العسكرى فى ذلك الوقت.. وهو الذى وقف الى جوار الشعب المصرى وحماه من تجار الثورات الذين عاثوا فى الأرض فسادا وانحرافا، وهو الذى واجه بشجاعة جماعات الارهاب فى سيناء وقدم تضحيات سخية لتطهير مصر من جماعات الضلال تحت شعارات دينية زائفة.. فما شهده الجيش المصرى خلال السنوات العشر الماضية من تحديث ودعم بالعتاد العسكرى المتطور، يضاعف من ثقتنا فى قدراته وفخرنا واعتزازنا به فهو ( برا وبحرا وجوا) يتفوق على كل جيوش منطقة الشرق الأوسط، وهو الدرع الحامى للوطن الذى يعمل له الأعداء والمتربصون بمصر وأمنها واقتصادها ألف حساب.
مصر قادرة اقتصاديا على توفير مقومات الحياة الكريمة لشعبها دون حاجة لدعم أو قرض من هنا أو هناك.. فهى تزرع وتصنع وتصطاد وتنتج معظم ما يحتاجه الشعب، ولولا المشروعات التتموية الكبرى التى انطلقت فيها منذ سنوات وتحتاج الى استكمال لجنى ثمارها ما احتاجت قروضا أو مساعدات من أية دولة مهما كان حجم اقتصادها.. وفى أوقات الأزمات يظهر المعدن الحقيقي للشعب المصرى صاحب النفوس الأبية الذى يرفض أن يستغل حاجته أحد أو يهدده شخص مهما كان نفوذ دولته على الساحة الدولية.
على مستوى البناء والتعمير فمصر تتقدم قافلة البناة العرب.. ومهندسوها العباقرة لهم بصماتهم التاريخية فى عدد من الدول الأوروبية والعربية والاجيال الجديدة من المهندسين والفنيين وعمال البناء ينتشرون الآن فى كل بلاد العالم يشيدون كل أشكال وألوان البنايات.. ولذلك كان لهم المبادرة فى طرح مخططات إعادة بناء غزة الجديدة دون تهجير شعبها وهم على استعداد أن يضيفوا بصمات جديدة من العمران الحضارى ليجعلوا من غزة أحدث المدن العربية بعيدا عن الأفكار والمخططات الشيطانية التى تستهدف السطو عليها فى تحد صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية.
مصر قادرة علميا وفكريا وحضاريا، وهى قبلة الفكر والثقافة والفنون فى الشرق الأوسط والمصريون هم من علموا الكثيرين من إخواننا العرب، ومنهم استمدوا علومهم وأفكارهم وثقافتهم.. وما يحمله أبناء مصر من فكر وعلوم وثقافة سيظل عامل بناء وتنمية إذا ما وجه التوجيه الصحيح.
مصر قادرة وصابرة.. فلا تختبروا صبرها
b_halawany@hotmail.com