تشكل المعايشة التعليمية أهمية بالغة في تعزيز الربط بين النظرية والتطبيق؛ ومن ثم هناك بعض المعايير، التي تسهم في تحقيق المستهدف جراء المعايشة، وهنا نتناول ما يحافظ على كل من المعلم والمتعلم، في ضوء الالتزام بالأدوار، وتفهم الغاية الرئيسة من مناخ المعايشة؛ حيث يدرك الجميع أنهم مسئولون عن نجاح المهام التي يرسمها سيناريو المعايشة، الذي يتم وضعه مشاركة بين المعلم والمتعلمين.
نتفق سويًا على أن الاحترام المتبادل، ومعلومية أسس وحدود وآداب التعامل، من الأمور المهمة في إنجاح المعايشة التعليمية دون مواربة؛ ومن ثم ينبغي ألا نضع فواصل، تساعد في إحجام المتعلم عن الاقتراب من المتعلم، بل نرسم صورة التعامل المبني على، التقدير، والاحترام، وحسن التأدب، وصياغة الطلب في صورة راقية مع المعلم، من قبل المتعلم، وهذا يغرس المزيد من القيم النبيلة في أذهان المتعلمين؛ فالمعلم له قدره، ومقدراه، ومكانته، التي يجب أن تشغل المساحة المناسبة لدى المتعلم على وجه التحديد.
تذكير المتعلمين بغاية المعايشة، من الحين للآخر أمر وجوبي؛ كي لا ينصرف المتعلمون إلى ما قد يشتت جهودهم، أو يصرفهم عن الغاية الرئيسة للمعايشة؛ لذا ينبغي أن يتبنى المعلم فلسفة التقويم البنائي، لكل ما يقوم به المتعلمون من جهود متتالية، وهنا نضمن تصحيح المسار، وتأكيد التركيز على المهام التي تم رسمها في سيناريو تخطيط المعايشة التعليمية، كما نسمح بالتالي لتعضيد ماهية التقييم الذاتي؛ ومن ثم ينظر كل متعلم لنتاجه من فترة لأخرى، وهنا عليه أن يطلب مزيدًا من التعزيز، أو يتنامى لديه مزيد من شغف اكتساب الخبرات التعليمية، أو غير التعليمية من وعاء المعايشة.
الاندماج الاجتماعي في بوتقة المعايشة والمخالطة، في صورتها المطلقة أمر غير مرغوب فيه؛ ومن ثم فإن الضابط لهذا الأمر، يكمن في تحديد مسئوليات فردية، يؤديها كل متعلم على حدة، بما يضمن تفعيل قيمة الحرية المسئولة، والاعتماد على الذات، والتعاون المقنن، الذي لا يفقد الفرد المقدرة على الإنجاز الحقيقي، في إطار بيئة المعايشة التعليمية، وهذا الأمر ندرك أهميته جيدًا؛ حيث إن الأنشطة التعليمية الصفية، تقوم فلسفتها على التشارك بصيغة الاعتماد الإيجابي؛ فليس للسلبية مكان بين أفراد مجموعات التعلم بصورة مطلقة؛ لكن تكامل الأداء من أجل تحقيق المهام، أمر مقبول بعد استيعاب الجميع واكتسابهم لمكون الخبرة المستهدفة.
نود الإشارة إلى أن المعايشة التعليمية، لا تقلل من أهمية شأن العمل الجماعي؛ لكن لا تهمل في نفس الوقت الجهد الفردي، القائم على تحمل المسئولية، وتبني فكرة المحاولة، وتصويب المسار، وهنا نجمع بين الحسنيين؛ فنرى جماعة فاعلة، وأفرادًا يتسمون بالنشاط، والحافزية، والجاهزية، والشغف التعليمي، ولديهم طاقة متقدة نحو الوصول للأهداف، التي تم التوافق حولها، في مرحلة التخطيط الجمعي، كما أن هذا في حد ذاته، يضمن الاستثمار الجيد للوقت وللطاقات في صورتها الجماعية والفردية على السواء.
المعايشة التعليمية، يجب أن تتضمن في طياتها، قيم التربية التي نرجوها؛ فعبر المخالطة ينبغي أن نرصد حالة من التوافق، والالتزام بأسس وآداب الحوار والمناقشة، واختيار الكلمات الطيبة، التي من شأنها تعزز العلاقات الاجتماعية بين مجتمع المعايشة، وألا نرصد حالات تعبر عن التجاوز في شأن، أو خصوصية الآخرين، وهذا يلزم من يقوم على المعايشة، أن يركز على تحسين العلاقات بين المتعلمين، وتصويب الخطأ الذي قد يتبادر من فرد المعايشة، سواء أكان مقصودًا، أو غير مقصود، وهنا نخرج بثمرات عديدة، يعلوها غرس المزيد من القيم النبيلة، والتخلي عن الممارسات غير المقبولة؛ ومن ثم الحفاظ على كرامة، وشخصية، مجتمع المعايشة التعليمية.
مؤشرات التحسن الخاصة باكتساب الخبرات في إطارها الوظيفي، أو التطبيقي، أو العملي، من معايير المعايشة التعليمية، التي لا ينبغي غض النظر عنها؛ حيث يدرك كل من المعلم والمتعلم، النتائج التي تم حصدها جراء الانتهاء من فعاليات المعايشة، وهنا نتحدث على إطار تقويمي، يسمح لنا بأن نحسن، ونطور، ونرتقي بالممارسات والأداءات في المستقبل، بل ويؤكد لدينا نجاح الفكرة؛ ومن ثم نسعى لتعميمها، والعمل على شمولية مجتمعات التعلم المدرسي فيها على نطاق واسع.
دعونا نؤكد بأن معايير المعايشة، تتسم بالمرونة، وتقبل مزيدًا من الأطروحات التي تثري مناخها، ولنا أن ندرك أهمية العطاء اللامحدود، الذي يقدم من المعلم، وكافة القائمين على العملية التعليمية، في بلادنا الحبيبة؛ كي تنمو خبرات التعلم، لدى فلذات أكبادنا، في إطارها الصحيح، ويتوالد لديهم الرغبة، والشغف، نحو مزيد من التعلم، بل ونصقل مداخل تنمية التفكير الإيجابي، والابتكاري، ونحصل على أطروحات نصفها بالملهمة في بيئاتنا التعليمية عبر سلمه المتدرج؛ فما أجمل من رقي، وارتقاء، وازدهار، لجيل يحمل راية النهضة، والتقدم، في بلادنا الحبيبة، على أرض السلام.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر