الحياة مثل المسرح يتقن فيه البعض أدوار الخداع، يبتسمون كأنهم نور، لكن في قلوبهم ظلام، ظلام لا قاع له.
نمد أيدينا بحسن نية، فنصافح الغدر في أبهى صوره، ونحسن الظن بأرواح لا تعرف سوى الخيانة، فإذا بنا نلدغ من حيث ظننا الأمان.
البعض يشبه الأفعى، مهما أطعمتها ورعيتها، ستظل تراك فريسة، تتربص بك، تراقبك بصمت، حتى تحين اللحظة فتغرس أنيابها فيك بلا رحمة.
والبعض كالعقرب، يقترب كأنه ظلك، يسرق دفء يدك، يلقي إليك كلمات الود، ثم لا يلبث أن يغرس ذيله في ظهرك.
فلا فرق لديه بين العدو والصديق، فالغدر يسري في دمه، ولسعه قدر محتوم لكل من يقترب منه.
لكن الكارثة الكبرى ليست في الأفعى وحدها، ولا في العقرب بمفرده، بل حين يجتمعان معا، حين يتحالف الخبث مع الغدر، ويتلاقى السم بالسم، فلا تدري من أين تأتي الطعنة، ولا كيف تحمي نفسك من فخاخ تحاصرك من كل الجهات.
الأفعى تخطط، والعقرب ينفذ، فتجد نفسك في فخ لا نجاة منه إلا بالهرب.
ليس كل يد تمتد إليك نجاة، وليس كل ابتسامة نورا.
هناك من يحاكي الصدق دون أن يعرفه، يمثل الوفاء وهو لا يؤمن به، يرتدي قناع الطيبة، بينما خلفه يتوارى خنجر مسموم.
في البداية، قد يبدو لك البعض سندا، لكن الأيام تكشف أنهم مجرد فخاخ محكمة، وأن اليد التي امتدت لمصافحتك يوما، كانت تخفي في اليد الأخرى خنجرا ينتظر اللحظة المناسبة لطعنك.
الأفعى لا تألف صاحبها، والعقرب لا يعرف الحب، فطبيعتهما أن يلدغا، وكما أن الماء لا يمحو السم، فإن المعروف لا يغير من خلق الخائن.
لا تنتظر وفاء من خائن، ولا إخلاصا ممن لم يعرفه يوما، ولا تبحث عن الطهارة في مستنقع يعج بالسموم.
المخرج الوحيد من هذه الدائرة القاتلة، ألا تحاول تغييرهم، بل أن تدرك أن السلام الحقيقي يكمن في الابتعاد عنهم.
تذكر دائما:
حين تجتمع الأفعى بالعقرب، لا يكون السؤال كيف تنجو؟ بل متى ستسقط؟
فإما أن ترحل قبل أن تقع، أو تنتظر لدغة لا شفاء منها.
واعلم أن الأفعى والعقرب، حين لا يجدان فريسة يبثان فيها سمهما، يلدغ كل منهما الآخر، فالغدر يسري في عروقهم، والخيانة تجري في دمائهم، فلا صداقة تجمعهم، ولا ولاء يربط بينهم.
فلا تكن ضحية لهم، ولا تكن شاهدا على حتفهم، بل امض في طريقك، واتركهم لصراعهم المحتوم.
فمن عاش بالغدر - مات به.