الممارسة الديمقراطية، والحرية المسئولة، تكفلها الأحزاب السياسية، وهذا لا ينفك عن دعم للدولة ومؤسساتها بصورة مستدامة؛ فالغاية الكبرى لكافة الأحزاب، تكمن في تحقيق التنمية المستدامة، ومستهدفاتها، في مجالاتها المختلفة؛ ومن ثم تتبنى في أجندتها رؤية الدولة، وما يتمخض عن استراتيجيتها من مستهدفات، وهذا يمنح طبيعة العمل الحزبي آليات، تساعد منتسبيها في التواصل مع الجهات المعنية بتنفيذ سياسات الدولة المتنوعة.
من ينتسب لحزب سياسي، يتوجب عليه أن يكون قادرًا على العطاء، يوظف قدراته وطاقته؛ من أجل غايات معلنة، يتبناها هذا الحزب؛ ومن ثم يصبح مدركًا لطبيعة العمل الحزبي ورسالة الأحزاب السياسية في كليتها، وهنا نتحدث عن متابعة حثيثة للميدان، وتقويم مستمر لمجريات الأحداث، وبالطبع متابعة مستدامة للرأي العام، وما يوجه إليه من قضايا، تشكل بؤرة اهتمامه، ونعي أن تعزيز التوعية المجتمعية من أولويات الأحزاب السياسية قاطبة؛ فهذا دون مواربة، يحقق الاستقرار، ويهيئ لمداخل التنمية بشتى المجالات.
العمل الحزبي منوط به التأكيد على وحدة الصف، والتركيز على لم الشمل، وهذا بكل تأكيد يؤدي لنتيجة مهمة، تتمثل في مساندة ودعم الدولة، بل والاصطفاف تحت راية جامعة، مهما كانت التباينات في طرائق العمل، واستراتيجيات الأداء الحزبي؛ لذا يجب أن يسهم النتاج الحزبي في نشر الثقافة السياسية، وتنمية الوعي السياسي، لدى كافة شرائح المجتمع، وبالطبع الشباب في القلب من ذلك، بل في بؤرة الاهتمام؛ حيث إنهم يمتلكون المقدرة على العطاء، لما يمتلكونه من طاقات متقدة على الدوام.
فقه أولويات الدولية مهمة رئيسة للعمل الحزبي؛ حيث ضرورة تعزيز ماهية الدولة، ومقومات البناء، اللازمة لاستكمال مسيرة الإعمار؛ فنعلم أن تتحقق النهضة يقوم على إرادة وعزيمة أبناء الشعب، ورغبتهم في الحفاظ على مقدراتهم الثمينة، وهذا بكل تأكيد رهن توافر قيمتا الولاء والانتماء؛ لذا باتت التوعية قائمة على منهجية مقصودة، تستهدف غرس القيم المجتمعية النبيلة، التي تساعد في الحفاظ على كيان وكينونة وطننا الغالي.
البوابة الحزبية متاحة للجميع، وخاصة فئة الشباب؛ حيث يتوجب علينا العمل على تأهيلهم، كيف لا؟ وهم قادة المستقبل، وحاملي الراية، وحافظي مقدرات هذا الوطن العظيم؛ إذ يجب أن يمتلك الشباب رؤية، تجاه ما يواجه الدولة من تحديات، ومشكلات، ويشاركوا بصورة فاعلة في التصدي للأزمات التي تواجه الدولة ومؤسساتها، وما قد يعاني منه المجتمع من عثرات، وعبر العمل الحزبي، يتم غرس قيمة تحمل المسئولية المجتمعية؛ ومن ثم يعمل من ينتسب للعمل الحزبي على تلبية تطلعات جمهور المواطنين، وما يرغب في تحققه على أرض الواقع.
في الآونة الأخيرة، لوحظ مدى حب واندماج الشباب في العمل العام، وبدى ذلك واضحًا من خلال المبادرات التي أطلقتها الدولة؛ فوجدنا أن رأس الحربة، وقاطرة الإنجاز، تمثلت في تلك الفئة النشطة، التي تمتلك من المقدرة والطاقة، ما تستطيع أن تحدث به تغييرًا محمودًا، وهذا مؤشر دال على أن هذا الشباب المخلص، يمكنه أن يخوض غمار الحياة السياسية، عبر البوابة الحزبية؛ كي تحدث المشاركة الفاعلة في التغيير، والإصلاح، والتنمية المستدامة، في شتى مجالاتها.
مصر من الدول التي تمتلك المعدل الأكبر من فئة الشباب، وفق متغير التعداد السكاني، وهذا في حد ذاته ميزة، وتفرد، ينبغي العمل على استثماره؛ فمن خلال ذلك نستطيع أن نكون رأيًا عامًا وطنيًا مفكرًا مبدعًا، قادرًا على العطاء، يعتمد في ممارساته على استراتيجيات التفكير المنظومي، والفكر الاستراتيجي، وهنا نضمن فعالية المشاركة، وقوتها بما يحفظ على مجتمعنا نعمة الاستقرار، ويحقق معادلات الأمن والأمان، بصورة وظيفية.
ندرك أن من مهام العمل الحزبي، تعزيز ودعم من يتحملون المسئولية التنفيذية في الدولة المصرية، وهنا يحدث التناغم المنشود، بين من يقدم الخدمات المجتمعية للجمهور، ومن يوفر المتطلبات الأساسية، والاحتياجات الرئيسة له؛ وبناءً على ذلك يتم الدفع بمسارات التنمية، من خلال مشروعات الدولة القومية، التي تحدث نقلات نوعية، في متنوع المجالات، كما أن ما يواجه الدولة من تحديات، ومشكلات، وأزمات، يضع الجميع في إطار المسئولية؛ فنجد أن العمل على شراكة إيجاد الحلول تصبح جماعية عبر لغة حوار وطني جامع؛ فيصبح الجميع إيجابيًا تجاه بناء الوطن العظيم، واستكمال مسار إعماره ونهضته.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر