دموع فؤادي تبكي أطلال العيد المندثرة بين ركام الذكريات.. فلا تسألني يا قلب أين اختفت ملامح الابتهاج بالعيد في عصور التحضر التي مزقت أواصر الدم بيننا؟
كلما تعرج بي الذاكرة للماضي المخضَّب بالألوان الزاهية؛ تأتزر روحي عباءة الحلم زافرة أنفاس حاضرها الأليم، وتستأنف فرصة السفر عبر قصة الأمس للتزود من طقوس عيدية نشأت في كنف الأجداد، وتضعضعت في زمن بلا ملامح.
عندما تتوالى تلك الذكريات على الوجدان أقف بباب الحنين أبكي فقدان لحظات عشت تفاصيلها بكل استمتاع ولذة تحت شجرة العائلة. أشواقي للماضي المفعم بالحب تمطرني بشآبيب الشجن المميت، فلا أنا أحيا واقعي ولا الذكريات تحييني.
أيا عيد بأي حال ستعود عليَّ بعدما تهشمت عصاي وبت بلا سند؟ بأي حلة ستأتي و وهج الفرح خمد في عيني، وتساويت مع كل الأيام في نظري؟ هلا حدثتني قليلًا ماذا تخبئ في حقائبك من أحوال؟ ليتك تأتيني بالبشرى كهدهد سليمان، ليتك تفرغ عليَّ قوارير من الحبور لتبرأ قروحي، وياليتك تمسح عيوني بقمصان البهجة بعد أن تعلّقت بالدموع حينًا من الدهر . يا ضيفٌ غير ماكث فينا!
لم يعد صِيتُك يجلب الأنس لقلبي بل بات يصفعني بمطارق الوجوم.
في سماء عيدي تبرق شمس بلا ضوء وأنا أقف تحتها أتحسس طيف أبي العساس حولي؛ عله يدلني على طرقات الحياة الخالية من الظلال المرائية، ويأخذني لعالم السعادة؛ حيث أتشمم رياحين الجنة وأرتوي من الكوثر، حينذاك فقط سأتنفس فغوة العيد وتغبط روحي المسفوحة على رابية المواجع، وتتجذر فيها البسمة بعد انقطاع.