كذبة أبريل مزحة أوروبية بدأت فى فرنسا بعد أن وضع شارل التاسع عام 1564 ميلادية التقويم الجديد بتحول عيد رأس السنة إلى الأول من يناير, حيث كان الاحتفال به يبدأ فى 21 مارس وينتهى فى الأول من إبريل, ليظل بعض الفرنسيين يحتفلون برأس السنة فى الأول من أبريل, ليطلق على هؤلاء المحتفلين “ضحايا كذبة أبريل”, ليتحول الأمر إلى عادة مزاح بين الأصدقاء فى الأول من أبريل من كل عام, لتنتشرهذه المزحة على نطاق واسع فى معظم بلدان أوروبا فى القرن السابع عشر الميلادى, ليصبح الأول من أبريل هو اليوم الذى يباح فيه الكذب لدى شعوب العالم قاطبة, فيما عدا الشعب الألمانى, فهو يوافق يوم ميلاد الزعيم الألمانى “بسمارك” والشعب الأسبانى, حيث إنه يوم مقدس دينيا لديهم, ليتصدر الشعب الانجليزى قائمة أكثر الشعوب كذبا فى الأول من أبريل, لنرى مواقف كثيرة مضحكة فى هذا اليوم, لكنها تتحول فى بعض الأحيان إلى مآس باكية تحدث بسبب كذبة أبريل, ومن أشهر هذه المآسى أن اشتعلت النيران فى مطبخ إحدى السيدات الانجليزيات فى العاصمة لندن, فخرجت إلى شرفة المنزل تطلب النجدة, فلم يساعدها أحد, إذ كان ذلك اليوم صباح أول أبريل.
وفى مصر لم يحمل شهر أبريل هذا العام حتى الآن كذبة واحدة, بل سيطرت على أيامه أكاذيب كثيرة ملأت فضاء واقعنا, وستبقى كذبة أبريل فى النهاية مزحة للضحك فى كثير من بلدان العالم, لكن أتمنى ألا تستمر لدينا فى صورة سخرية مخضبة بالدموع من واقع أليم مازالت تعيشه مصر والمنطقة العربية كلها.
جاء وذهب فى ابريل, مكث زمنا قصيرا ثم صعد, على حد تعبير رفيقه فى العمر القصيرأمل دنقل الذى رحل ضيفا حييا متعجلا للذهاب هو الآخر بعد ميلاد يحيى بعامين, وحين انتقل يحيى الطاهر إلى الوجود الأعلى والأطهر فى حادث سيارة يوم 9أبريل عام 1981 رثاه أمل دنقل من مستشفاه بقصيدة ذكر فى مطلعها أسماء إبنة يحيى الصغيرة التى كان يطوف أبوها القاهرة وبيوت الأصدقاء, حاملا إياها على صدره كأنه يباهى بها الوجود الأرضى الضنين, يقول أمل فى مطلع رثائه ليحيى قبل أن يلحق بصديقه:” ليت أسماء تعرف أن أباها صعد/لم يمت/ هل يموت الذى كان حيا/ كأن الحياة أبد/ وكأن الشراب نفد/ وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد؟/. ولد يحيى الطاهر عبد الله فى قرية الكرنك بمدينة الأقصر محافظة قنا فى 30أبريل عام 1938, وحمله توتره الابداعى لمدينة قنا فى عام 1959, وهناك التقى رفيقيه أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودى اللذين كانا يكتبان شعرهما المبكر, بينما يحيى لم يبدأ بعد, واكتفى فى ذلك الوقت بدور الناقد لكتابات صديقيه بالغرفة التى ضمت ثلاثتهم, واستمر الأمر على هذا الحال حتى عام 1961 الذى شهد ميلاد يحيى إبداعيا بقصة”جبل الشاى الأخضر” الأكثر تميزا فى مجموعته القصصية الأولى”ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالا”, وفى عام 1962 رحل الأبنودى إلى القاهرة, ودنقل إلى الاسكندرية, بينما تريث يحيى عامين بقنا, ثم هبط إلى القاهرة فى عام 1964, وانتهى هناك من كتابة مجموعته القصصية الأولى, التى نشرتها هيئة الكتاب عام 1970, وفى عقد السبعينيات المثمر صدرت للطاهر خمس مجموعات قصصية أخرى كانت علامات فى هذا الفن النادر الذى قليلا مايجود بموهبة أصيلة فيه, وكان يحيى من أندر هذه المواهب, وتميز خاصة بعنايته الفائقة بصياغة لغة القص, وكأنه صائغ للذهب والجواهر حتى كان بعض معجبيه من الأجيال الشابة يحفظ قصصه عن ظهر قلب, وينشدها بين الأصدقاء كأنها قصائد, وكذلك كان يفعل يحيى نفسه بالطبع, ولاشك أن معايشته مبكرا فى مرحلة التكوين لشاعرين مبدعين كان لها أكبر الأثر على توجهه هذا فى فن كتابة القصة القصيرة, الذى يعتبر اللغة غاية فى حد ذاتها لامجرد وسيلة لنقل الحدث, والسمة الكبرى الثانية فى عمله – خاصة المجموعات القصصية الأخيرة:”الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة”1977, و”تصاوير من التراب والماء والشمس”1981 – اهتمامه وافتنانه بعالم الصعاليك والمهمشين, وهو توجه نابع بالأصالة من مشاهدات وتجارب حياته, لكنه أيضا تأثر فى ذلك بأعمال الكاتب الأمريكى جون شتاينبك الذى اكتشفه يحيى بالصدفة فى مكتبة أحد أصدقائه, فترك أثرا لا يمحى على وجدانه وعقيدته الفنية, لكن قبل هذه الذروة التى شهدتها الأعوام الأخيرة من حياة وإبداع يحيى الطاهر عبد الله كانت له فتوحات فنية منذ مجموعته الأولى, وعبر ماتلاها فى عشر سنوات من التوهج: “الدفوالصندوق”1974, و”الطوق والأسورة” 1975, و”أنا وهى وزهور العالم”1977, و”حكايات للأمير حتى ينام” 1978, وخطف الموت يحيى وهو فى قمة توهجه, ورحل عنا وهو فى الثالثة والأربعين, لكنه فى عشرين عاما من الابداع استطاع أن يترك بصمة لاتنسى فى فن القصة القصيرة, العصى على معظم الكتاب, وها قد مر من الأعوام44 عاما منذ فارقنا يحيى الطاهر, وللأسف انزلقت ذكراه مع مرور الوقت إلى صمت مريب ومخجل, فقليلا مايتذكره أحد, وهو الذى كان يملأ الدنيا ضجة ومرحا وإبداعا, فلماذا نحن هكذا: آفتنا النسيان؟
فى مثل هذا اليوم 9أبريل عام 1413 جاء تنصيب هنرى الخامس ملكا على انجلترا, و عام 1938ثورة التونسيين ضد الاستعمار الفرنسى, و1948 وقوع مذبحة دير ياسين وسقوط 360 شهيدا بها على يد منظمتى الأرجون وشتيرن الصهيونيتين, و1953 إنشاء اتحاد البريد العربى, و1957 إعادة افتتاح قناة السويس أمام الملاحة البحرية بعد إغلاقها بسبب العدوان الثلاثى, و1958 وفاة روز اليوسف عن عمر 60 عاما, التى ولدت فى مدينة طرابلس اللبنانية واستقرت فى الاسكندرية, واعتزلت الفن مبكرا ثم اتجهت إلى الصحافة, وأسست مع محمد التابعى مجلة روز اليوسف, وصدرأول عدد لها فى 26 أكتوبر 1925, و1963الولايات المتحدة الأمريكية تمنح البريطانى ونستون تشرشل المواطنة الفخرية ليكون أول أجنبى حصل عليها, و1967أول رحلة تجريبية للطائرة بوينج 737, و1981 اصطدام غواصة نووية أمريكية بسفينة شحن يابانية, و1991استقلال جورجيا عن الاتحاد السوفيتى, و2005 زواج الأمير تشالز ولى عهد المملكة المتحدة من كاميلا باركر بولزوالملكة اليزابيث الثانية تمنحها لقب دوقة كورنوال.
