في معترك الحياة، حيث لا مجال للصدف، ولا فسحة للانتظار، تبرز الحقيقة الكبرى كالشمس في كبد السماء:
أن لا شيء يمنح دون مقابل، ولا مجد ينال دون تعب.
وحده السعي، هو القانون العادل الذي يحكم سير هذه الرحلة، وهو الوعد الإلهي الصادق الذي لا يخلف، ولا يبدل.
منذ اللحظة الأولى التي يفتح فيها الإنسان عينيه على هذه الحياة، تبدأ رحلته بين الرجاء والعمل، بين الحلم والكد، بين ما يريد، وما عليه أن يفعل ليصل.
فلا تقاس قيمة الإنسان بما يملكه، بل بما يسعى إليه، وما يقدمه، وما يتركه من أثر بعد غيابه.
السعي هو البصمة التي تميز كل روح طامحة، هو العلامة الفارقة بين من يكتفون بالتمني، ومن يشيدون فوق أرض الواقع قصور الإنجاز.
هو النار التي تشعل القلب، وتدفع العقل لابتكار الحلول، وهو الجسر الذي يربط بين اليوم والغد، بين اللحظة والأبد.
السعي هو الرحلة التي لا تنتهي، مهما كانت العوائق والقدرة على الوقوف مجددا بعد كل سقوط، والعزم على المضي قدما رغم الصعوبات.
هو دافع يرافقنا في كل مرحلة، يعطينا القوة لنكمل الطريق، ويمنحنا الأمل في كل يوم جديد.
إنه الطريق الذي نختاره، والمصير الذي نصنعه بأنفسنا. فإذا كانت الأحلام تمنحنا الأمل، فإن السعي هو الذي يجعلها حقيقة.
السعي هو المفتاح الذي يفتح أبواب النجاح، كالفجر الذي ينقشع عن ظلام الليل ليكشف عن يوم جديد
وبين السعي والإنجاز، تنسج قصص العظمة والتفرد، وتكتب في صفحات الحياة بأحرف من نور.
فلا تتعلق بالأمنيات وحدها، ولا تركن إلى الدعوات الخالية من العمل، فإن السماء لا تمطر ذهبا، والأرض لا تخرج كنوزها إلا لمن حرثها بعرق الجبين.
وامنح سعيك كل ما فيك، واسع وكأن الحياة لن تمنح لك إلا بهذه اللحظة، بهذا الجهد، بهذا الإيمان.
إن الطريق قد يطول، وقد تتعثر الخطى، لكن الله وعد، ووعده الحق:
وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ (41) وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ (42) سورة النجم