لم يكن أحد من أهل حاره السلطان أومن اهالي الشارع الكبير لايدين لعم عطيه سواء بثقافته الواسعه اوبتكوينه العقلي الراقي، عم عطيه لم يكن لديه كرسي من الخشب او الخيزران يجلس عليه أثناء عمله الراقي في تثقيف اهالي حاره السلطان وكذا الشارع الكبير ، بل كان كرسيه عباره عن حجر يساوي في القياس فرشه الممتلىء بشتي أنواع الصحف والجرائد والمجلات الورقيه ، عم عطيه كان دائم الترديد لكلمه اقرأ، ولكي يحبب أهل الحي في القراءه كان دوما يربطها بنزول وحي السماء وتلقي رسول الارض لاول اوامر السماء.
علي باب الحاره صفت الدكاكين بجوار فرشة عم عطيه ، وقبل ان يتوجه الاهالي نحوها لشراء طعام الا فطار ، يهرولون نحو فرشه عم عطيه يبلون ريقهم بالثقافه قبل ملئ البطون ، كان هناك سرا عظيما في الورق يجعل شهيتهم مفتوحه للطعام واستقبال يومهم بالابتسامه والنكتة والاخبار الجديده ، وعند الساعه الحاديه عشر صباحا كانت تنفذ من عنده جميع نسخ الاهرام والاخبار والجمهورية، وتبقي عنده بعض مجلات آخر ساعه وروز اليوسف وصباح الخير واكتوبر وفرفشه والموعد وطبيبك الخاص، ولكنها هي الاخري تنفذ قبل ان يرتفع الصبح من الظهيره، شهوه اهل حارتنا للقراءه والثرثره جعلتها تسبق حارات العالم في نشر ثقافه الثرثره وليس القراءه فقط ، عم عطيه كان يضخ ثقافه كل يوم في دماء اهل الحاره، ومن يفوته منهم إقتناء أحد الجرائد الرسميه في الصباح ، يقترض من جاره الجريده ، يحلفه جاره وقت الاقتراض الا يخلف الصفحات وان ترجع له سليمه فإنه لم ينتهي بعد من بعض المقالات المهمه الذي حجبها الي السهره يتلذذ بها وهو ذاهب الي نومه .
علم اهل الشر ان هناك حاره سعيده بالورق في مكان نائي في الشرق الاوسط ، فتولي عالمهم صنع أله تفي بالغرض وتصيبهم واولادهم بالمرض بدل الورق، تصيب الاصبع وتعمي العيون وتتبني كل يوم الف فضيحه وفضيحه، هذا الجهاز الجهنمي تقريبا اقتناه معظم اهالي حاره السلطان ، مما جعل عم عطيه تبور بضاعته في معظم الايام ولاينفذ منها سوي القليل .
من قبل استغرب الاهالي من جهر عم عطيه بالدعاء لعبد الناصر وشركه راكتا للورق ، الكل كان يسحب جريدته ويضحك علي الادعيه التي لا تتسق مع بعضها ، ولكنهم تحسروا بعد حين انهم لم يُؤَمنوا علي دعواته ، واضحي كل منهم واولادهم واحفادهم يتبعون الخواجه وثقافته التيكا واي، تلكم الثقافه التي لم تحن الي الماضي لحظه وقوضت الحجر الذي كان يجلس عليه عم عطيه وكذا الاحجار الرواسي التي كانت يوم ما تحمل اوراق جريده الاهرام والاخبار والجمهوريه.
