الاخبارية رويترز
ذكرت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن مصر تجري مفاوضات مع شركات طاقة ومؤسسات تجارة عالمية لشراء ما بين 40 إلى 60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال (LNG) في ظل أزمة طاقة متفاقمة قبيل ذروة الطلب في فصل الصيف.
وقد تضطر البلاد إلى إنفاق ما يصل إلى 3 مليارات دولار بالأسعار الحالية لتأمين هذه الشحنات، مما يشكل ضغطًا إضافيًا على الخزانة العامة التي تعاني بالفعل للحفاظ على استمرارية التيار الكهربائي، في ظل تراجع إنتاج الغاز والأزمة المعيشية المتفاقمة.
ووجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم الأربعاء، الحكومة إلى “اتخاذ ما يلزم بشكل استباقي لضمان تدفق الكهرباء بشكل مستقر”، وفقًا لبيان رسمي.
وقال مصدر صناعي مطلع: “الحكومة تجري الآن محادثات لاستيراد ما لا يقل عن 40 شحنة غاز مسال ونحو مليون طن من زيت الوقود”. وأضاف: “التركيز الأساسي كان على الغاز نظرًا لمرونة شروط الدفع مقارنة بزيت الوقود، إلا أن الأخير لا يزال قيد النظر في حال ارتفعت أسعار الغاز المسال”.
وخلال العامين الماضيين، شهدت مصر انقطاعات كهربائية دورية بسبب عدم كفاية إمدادات الغاز لتلبية الطلب. وقد انخفض إنتاج البلاد من الغاز في فبراير إلى أدنى مستوى له منذ تسع سنوات.
وكانت مصر قد عادت لتكون دولة مستوردة للغاز في العام الماضي، بعد أن اشترت عشرات الشحنات وتخلت عن خططها لتصبح موردًا لأوروبا نتيجة لانهيار إنتاجها المحلي.
كما أن أزمة العملة الصعبة أجبرت الحكومة على تأخير سداد مستحقات شركات النفط الأجنبية، مما أدى إلى تقليص أنشطة الاستكشاف وإبطاء إنتاج النفط والغاز.
وقال مصدر تجاري ثانٍ إن مصر قد تحتاج إلى ما يصل إلى 60 شحنة غاز مسال لتغطية احتياجاتها في عام 2025، وقد يرتفع هذا الرقم على المدى الطويل إلى 150 شحنة.
وأضافت المصادر أن مصر تجري محادثات مع قطر، الجزائر، أرامكو السعودية، وعدد من كبرى شركات التجارة العالمية.
ولم ترد وزارة البترول المصرية، ولا شركة قطر للطاقة، ولا أرامكو السعودية، ولا وزارة الطاقة الجزائرية على طلبات رويترز للتعليق.
ووفقًا لبيانات شركة S&P Global Commodity Insights، فقد اشترت مصر حتى الآن 1.84 مليون طن من الغاز المسال هذا العام، وهو ما يمثل قرابة 75% من إجمالي وارداتها لعام 2024.
الغاز الإسرائيلي
ويُعد تراجع الإمدادات من حقل لفياثان البحري الإسرائيلي مشكلة إضافية، وقد عُزي ذلك إلى أعمال صيانة مجدولة، مما اضطر مصر إلى تقليص أو وقف إمدادات الغاز لعدة مصانع أسمدة لمدة لا تقل عن 15 يومًا.
وقال مدير أحد مصانع الأسمدة، طالبًا عدم ذكر اسمه: “مصنعي توقف بالكامل منذ يوم السبت، وهناك مصانع أخرى تعمل بطاقات جزئية”. وحذر من أن استمرار هذا التوقف قد يؤثر على صادرات الأسمدة، التي تُعد مصدرًا مهمًا للعملة الأجنبية.
وتعتمد مصر بشكل كبير على واردات الغاز من إسرائيل، والتي تشكل ما بين 40 إلى 60% من إجمالي وارداتها، وما بين 15 إلى 20% من استهلاكها، وفقًا لبيانات JODI.
لكن مصر تواجه الآن احتمالية دفع أسعار أعلى، إذ قال مصدران صناعيان إن إسرائيل ترغب في رفع أسعار الغاز المصدر بنسبة 25%.
وتعتمد أسعار الغاز الإسرائيلي على أسعار النفط، والتي انخفضت، في حين تعتمد أسعار الغاز المسال على مؤشرات أخرى مثل مؤشر اليابان-كوريا (JKM) في آسيا، ومركز TTF في أوروبا، أو مؤشر هنري هاب في الولايات المتحدة.
وقال أحد المصادر: “إسرائيل تريد أسعارًا أعلى، لأن الأسعار الحالية منخفضة جدًا عند حوالي 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وفقًا لأسعار خام برنت اليوم، بينما سعر الغاز المسال أقرب إلى 14 دولارًا. كانت إسرائيل راضية عندما كانت الأسعار عند حدود 7.5 دولار”.
وقالت متحدثة باسم وزارة الطاقة الإسرائيلية لرويترز إن “أسعار الغاز تُحدد من خلال مفاوضات تجارية بين الشركات. حكومة إسرائيل ليست طرفًا في هذه العملية، بل إنها شأن تجاري بحت”.
ولم ترد وزارة البترول المصرية على طلب رويترز للتعليق.