فايننشال تايمز
تتعاون المملكة العربية السعودية مع جيم بالسلي، المؤسس المشارك لشركة بلاكبيري، في محاولة للنهوض بقطاع الغولف المتواضع في المملكة ووضعه على خارطة القوى الكبرى في هذه الرياضة.
ويستثمر رجل الأعمال الكندي بالسلي 100 مليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لتطوير منتجعات غولف فاخرة في البلاد، التي تملك عدداً قليلاً من ملاعب الغولف مقارنة بدولة الإمارات المجاورة. وتندرج هذه الصفقة ضمن “رؤية 2030” السعودية، وهي خطة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط عبر “تحول استراتيجي” نحو السياحة.
وقال بالسلي لصحيفة فاينانشال تايمز إن استراتيجيته تتضمن طرحاً غير معتاد يستهدف ملايين المسلمين الذين يزورون السعودية لأداء الحج والعمرة، وقد يرغبون بتمديد زيارتهم لتجربة الغولف.
وأضاف: “تعالوا من أجل التاريخ والجمال الطبيعي والضيافة الأسطورية… وابقوا من أجل الغولف ونمط الحياة العصري”. بالسلي هو مالك أكبر مشغل لملاعب الغولف في كندا، GolfNorth.
يرى بالسلي أن هناك إمكانية طويلة المدى لإنشاء ما يصل إلى 100 ملعب غولف في السعودية، مقارنةً بنحو 12 ملعباً حالياً، لكنه يهدف في الوقت الراهن إلى إنشاء ما بين 7 و10 ملاعب، ويأمل في إنجاز بعضها بحلول عام 2027. وقال: “من الممكن أن نبدأ أعمال البناء هذا العام”، مشيراً إلى شراكته مع صندوق الاستثمار العقاري “صمو العالمية” لبناء فنادق ومجمعات سكنية مرتبطة بهذه الملاعب.
وتساءل بالسلي: “السؤال هو، لماذا لم يُنفذ مثل هذا المشروع قبل 10 أو 20 سنة عندما كانت عُمان والإمارات تفعلان الشيء نفسه؟”
لم تكن الغولف تاريخياً رياضة رئيسية في السعودية، التي تعشق كرة القدم، لكنها بدأت تنمو سريعاً منذ عام 2017، عندما أصبح ياسر الرميان، حاكم صندوق الاستثمارات العامة السعودي وعاشق الغولف، رئيساً للاتحاد السعودي للغولف.
وقال عبد الرحمن حركاتي، وهو مدير تنفيذي مقيم في الرياض بدأ ممارسة الغولف خلال دراسته في الولايات المتحدة قبل نحو 15 عاماً، إنه اليوم يمارس اللعبة كل عطلة أسبوع. وأضاف: “الآن كثير من السعوديين يلعبون الغولف لأن الاتحاد فتح باب التدريب المجاني لكل من يرغب بالتعلم، حتى بدون معدات شخصية. جلبوا مدربين أجانب ورحبوا بالرجال والنساء والأطفال”.
ورغم المناخ الصحراوي والغبار، أصبحت الغولف تجارة ضخمة في الخليج. وقد أنفق صندوق الاستثمارات العامة 3.9 مليار دولار لدعم بطولة LIV المنافسة، التي استقطبت كبار لاعبي الغولف بحزم مالية ضخمة وأثارت نزاعاً مستمراً مع جولة PGA الأميركية. كما أن الصندوق يبني عدة ملاعب، من بينها واحد غرب الرياض صممه أسطورة الغولف جاك نيكلاوس.
وفي الوقت نفسه، تستثمر مؤسسة ترامب في الغولف في الخليج من خلال اتفاق ترخيص في قطر، ومشروع منتجع فاخر وملعب غولف بقيمة 500 مليون دولار في عُمان.
وكرر بالسلي سؤاله: “لماذا لم يتم تنفيذ هذه المشاريع قبل عقد أو عقدين عندما كانت دول الخليج الأخرى سباقة في هذا المجال؟”
وأشار التقرير إلى أن كلاً من “صمو” وبالسلي يمولان المشروع، مع أمل في جذب مستثمرين آخرين. وقال بالسلي إن المشروع لا يتلقى حالياً أي تمويل حكومي أو حوافز ضريبية، “لكن هذا قد يتغير لاحقاً”.
يُنتقد قطاع الغولف عالمياً بسبب استهلاكه الكبير للمياه والطاقة، لكن المطورين في الخليج يقولون إنهم يسعون لتعزيز ممارسات الاستدامة، مثل إعادة تدوير المياه، وزراعة الأشجار، واستخدام الطاقة المتجددة. ونظراً لقلة الأمطار وغياب الأنهار الطبيعية، تعتمد السعودية ودول الخليج على تحلية مياه البحر التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة.
وسيُبنى المشروع الأول في ضاحية جنوب شرقي مدينة جدة الساحلية على البحر الأحمر، وتحديداً في منطقة تُعرف بـ”وادي عسلى”، كانت سابقاً موقعاً لتصريف مياه الصرف الصحي.
وبينما تسعى الحكومة لتوفير حوافز لبناء مساكن ميسورة ضمن خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لرفع نسبة تملّك المساكن إلى 70% بحلول 2030، فإن مشاريع “الحياة المرتبطة بالغولف” تستهدف المشترين من الطبقة المتوسطة العليا والسياح الفاخرين.
وقال بالسلي: “نوع مشاريعنا يتماشى مع توجه المملكة نحو زيادة السياحة وتوفير مساكن جديدة… والغولف هو العنصر الذي يربط بين كل ذلك”.