التاريخ زاخر بالمواهب في شتى المجالات والتي لم تأخذ حقها من الأضواء والكتابة عنهم ومنهم الفنان عبد اللطيف عبد الله عبد الرحمن التلباني الشهير بعبد اللطيف التلبانى فهو من مواليد 1 يونيو عام 1936 في قرية العزيزية مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية وألتحق بالمدرسة الابتدائية وواصل تعليمه وحصل على التوجيهية أي الثانوية العامة ويعد أصغر طالب يحصل عليها على مستوى الجمهورية والد الفنان عبد اللطيف التلباني من خريجي كلية دار العلوم وكان يعمل بالتدريس وتولى إدارة إحدى المدارس وكان ترتيب عبد اللطيف التلباني في الأسرة الخامس فشقيقه الكبير سيد أستاذ دكتور في جامعة نابولي بإيطاليا والثاني سعيد دكتور بكلية العلوم والثالث عبد الرحمن مهندس زراعي والرابع حمدي مهندس كهرباء وله 5 شقيقات بنات وقد التحق عبد اللطيف بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وأثناء الدراسة اشترك في حفلات الجامعة بالغناء والتمثيل ويعمل بالأوقاف وبعد حصوله على ليسانس الآداب قسم تاريخ وآثار من وكان من دفعته سمير صبري وسميرة عبد العزيز تم تجنيد عبد اللطيف التلباني في القوات المسلحة وجاء توزيعه على سلاح البحرية بالإسكندرية وعندما استمع الإذاعي حافظ عبد الوهاب لصوت عبد اللطيف التلباني أعجب به وطلب منه التقدم لاختبارات الإذاعة وبالفعل عام 1957 أعلنت الإذاعة عن امتحانٍ لاختيار الأصوات الجيدة والجديدة فتقدم عبد اللطيف التلبانى ومعه محمد سلطان ومصطفى فتحى وصلاح عبد الوهاب وأحمد حمدى وعبد الوهاب سيف وكانت لجنة الاختيار برئاسة رئيس الإذاعة ومؤسسها حافظ عبد الوهاب وعُضوية عبد الحميد الحديدى والشاعر الإذاعى أحمد خميس والمُهندس على نور وبعد إعجابٍ شديد وافقت اللجنة بالإجماع على اعتماد عبد اللطيف التلبانى ملحنا فى الإذاعة وفي نفس الوقت تم اعتماد محمد سلطان مطربا ولكن أصبح العكس
كانت أول أغنية لعبد اللطيف التلباني هى أغنية خليني على بالك كلمات محمد مكيوي ولحن محمد غنيم وانتشر اسم عبد اللطيف التلباني في الإسكندرية واتصل بالملحن الكبير محمد المصري الذي سبق أن تعامل معه أثناء دراسته في كلية الآداب وكان عبد اللطيف التلباني يزوره في بيته بشارع الإسكندراني كل يوم ليعلمه العزف على العود والمقامات الموسيقية
أنتقل عبد اللطيف التلباني من شارع الحماسة إلى حي كامب شيزار مع ابن خالته مصطفى عبد العظيم الذي كان يهوى الغناء لكنه لم يستمر وغنى عبد اللطيف في إذاعة الإسكندرية أكثر من أغنية وعندما استمع الإذاعي الموسيقار محمد حسن الشجاعي مسئول الغناء والموسيقى بالإذاعة لتسجيلات المطربين الجدد لفت انتباهه صوت الفنان عبد اللطيف التلباني فقال له : مكانك في القاهرة ثم كانت النقلة الكبيرة لعبد اللطيف عندما غنى لأول مرة في حفل أضواء المدينة في الستينيات وعندما سمع الموسيقار محمد عبد الوهاب صوت عبد اللطيف التلباني قال له : صوتك بيلمع
الفنان عبد اللطيف التلباني كان يذهب إلى جبهة القتال ويقيم الحفلات للجنود كما غنى في العديد من الدول العربية ولم يهتم بالمؤامرات التي تحاك له كما لحن العديد من الأغنيات ومثل في خمسة أفلام وغنى في بعض المسرحيات والأوبريتات وكان المرشح الأول لفيلم الشموع السوداء لكن المخرج وجد إن وجه مبتسم دائما والشخصية تحتاج صاحب وجه عابس ولهذا ذهب الدور إلى صالح سليم
سافر الفنان عبد اللطيف التلباني بصحبة الملحن جوني كونستنينز اليوناي الأصل المصري الجنسية إلى أسبانيا لتمثيل مصر والتي كانت تسمى في ذلك الوقت الجمهورية العربية المتحدة في مهرجان الأغنية لدول البحر المتوسط وهذا المهرجان يقام سنويا منذ 9 سنوات ولأول مرة تشترك فيه مصر ويقام المهرجان على شكل مسابقة يغني فيه مطربون ومطربات من الدول الواقعة على حوض البحر المتوسط وفي نهاية المهرجان تمنح الاغنية الفائزة جائزة ذهبية على شكل قارب من قوارب القرون الماضية وفازت مصر بالأغنية التي غناها الفنان عبد اللطيف التلباني وهى من كلمات الشاعر محمد حلاوة ولحن جوني كونستنينز وتقول كلماتها :
النيل والقمر
والليل والسهر
والحب هنى المغرمين
وقلبي ليه أنا حزين ؟
حبيت يا قمر
حبيت ياقدر
ياريت يا ليل يعود حبيبي
روح ياقمر كلم حبيبي
يا شوق عطشان آماني
ياشوق قرب لقاه
وقد نشرت الصحافة فوز مصر والفنان عبد اللطيف التلباني بالجائزة وبعد المسابقة دعى الفنان عبد اللطيف التلباني لحضور 9 مهرجانات تقام في أوروبا وخاصة أنه يجيد اللغة الإنجليزية وأيضا الفرنسية .
أهالي العزيزية قرية الفنان عبد اللطيف التلباني التابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية ذهبوا إلى منزل والده لتقديم التهنئة ولكن أحد الظرفاء البسطاء غافل الأسرة وتسلق إلى الدور الثانى وسرق ملابس والد عبد اللطيف التلباني المنشورة على حبل الغسيل وأخذ أيضا أحذيته وبعد شهور كان الفنان عبد اللطيف التلبانى يستقل سيارته في طريقه إلى الإسكندرية وإذ بسيارة نقل كبيرة تضرب سيارته بقوة قبل مدينة كفر الدوار وتقذفه فى الزراعات الموازية للطريق الأسفلتي وتحطمت السيارة وظل الفنان عبد اللطيف التلبانى ينزف وهو بالسيارة لمدة ساعتين وإذ برجل ريفي شهم من كفر الدوار يوقف جراره الزراعي ويهبط ويخرج الفنان عبد اللطيف التلباني من شباك نافذة السيارة ويحمله على جراره وذهب به إلى المستشفى اليونانى بالإسكندرية وقام فريق الأطباء بالمستشفى بالكامل باسعافه وتم وضعه بالجبس ولم تعرف أسرة الفنان عبد اللطيف التلباني بالحادث إلا من خلال ماكتبته الصحف فى اليوم التالى فسارعت الأسرة مع الأقارب والمحبين إلى المستشفى وقرر إخوته نقله إلى القاهرة ومتابعته وبالفعل تم نقله إلى شقته بشارع رمسيس وقام برعايته شقيقه الأكبر وظل الفنان عبد اللطيف التلباني بالجبس لا يتحرك لمدة شهرين متتابعين وزاره فى شقته الفنان عبد الحليم حافظ والفنان فريد الاطرش والموسيقار محمد الموجى والكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين وأنيس منصور ويوسف السباعى وكان الفنان عبد اللطيف التلباني مازال فى عمله الذى يتبع الآثار ولم يستقيل بعد
الفنان عبد اللطيف التلباني مثل وغني للتليفزيون مسرحيات : كلمة حب ومحسن وزيزي وأنا وهو ومراتي وقام ببطولة وغناء الأوبريت شارع النغم مع المطربة مها صبري وإخراج محمد سالم وعرض عام 1974 أما الأفلام التي شارك فيها فهى : نمر التلامذة وحارة السقايين وغازية من سنباط وجزيرة العشاق ودرب اللبانة وهو آخر أفلامه وعرض يوم 3 سبتمبر عام 1984
الفنان عبد اللطيف التلباني كان يحل مشاكل الفنانين ويسأل عنهم ويزورهم وذكرت ابنة الفنان عبد المنعم إبراهيم في لقاء للتليفزيون أن الفنان عبد اللطيف التلباني كان يسأل عن والدها أثناء مرضه بل ويزوره وكان يزور أيضا عبد الغني السيد وفاطمة رشدي وقالت عزيزة حلمي : لو أنا خلفت ماكنتش حبيت ابني زي مابحب عبد اللطيف التلباني
الفنان عبد اللطيف التلباني أدى العمرة وفريضة الحج أكثر من مرة وكان يؤدي الصلوات بصفة منتظمة وأقام مسجدا في الدور الأول من عمارته وعندما كان يزور العائلة بالشرقية وكان يذهب إلى المسجد للصلاة ثم يعود ويجلس مع العائلة وذات يوم لاحظ حارس عمارة المطرب عبد اللطيف التلباني أنه لم يخرج من شقته منذ 3 أيام وأن سيارته لم تتحرك من مكانها والصحف التى اعتاد أن يضعها أمام باب شقته مازالت بحالتها منذ أيام فطرق باب شقة المطرب عبد اللطيف التلباني لكن دون جدوى فشعر الحارس بأن أمرا سيئا أصاب المطرب عبد اللطيف التلباني وأسرته فحاول أن يصل إلى أحد المقربين منه وجمع الجيران وبحثوا عن رقم هاتف صديقه المطرب ماهر العطار واتصلوا به فحضر مسرعا وفشلت كل محاولات معرفة مصير المطرب عبد اللطيف التلباني فقرر الفنان العطار أن يستجمع قواه هو والحارس وأن يكسرا باب الشقة فكانت الفاجعة جثة شيماء البالغة من العمر 9 سنوات ابنة المطرب عبد اللطيف التلباني مسجاة فى المطبخ بينما جثة ألفت السبكي زوجة عبد اللطيف التلباني فى صالة الشقة وجثة المطرب عبد اللطيف التلباني أمام سريره
أبلغ الحاضرون الشرطة التي حضرت على الفور واتخذت الاجراءات ويوم 10 يوليو عام 1989 نشرت الصحف خبر وفاة الفنان عبد اللطيف التلباني مع زوجته وابنتهما وفي ذلك الوقت كانت الأسرة في العزيزية مركز منيا القمح تستعدت لاستقبال ابنها الفنان عبد اللطيف التلباني وزوجته وابنته فرن جرس التليفون ظهرا فأسرعت أحلام شقيقة الفنان عبد اللطيف التلباني لترد معتقدة أن شقيقها هو المتصل وأنه سيخبرها بأنه وصل أو أوشك أن يصل فإذا بالمتصل يخبرها بأن شقيقها وأسرته أصيبوا فى حادث وتم نقلهم للمستشفى لم تتمالك الشقيقة الصغرى أحلام التلبانى نفسها من الصدمة وعم الحزن الأسرة والقرية وكل محبي الفنان عبد اللطيف التلباني في كل مكان
أحلام شقيقة الفنان عبد اللطيف التلباني وتصغره بحوالي 25 سنة وبعد ذلك أصبحت الأم لضابط ومهندس وموظف بأحد البنوك في حديثها معي قالت : قبل وفاة شقيقي الفنان عبد اللطيف التلباني بأيام قليلة شعرت بتعب شديد وذهبت له في عمارته لعرضي على أحد الأطباء وبالفعل تم ذلك وكان يصر أن أنام في الحجرة مع زوجته حتى لاأنام بمفردي وعندما سافرت للعودة إلى الشرقية قام بتوصيلي إلى الزقازيق برغم عدم نومه في ذلك اليوم
وصل جثمان الفنان عبد اللطيف التلباني إلى قريته العزيزية مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية وتم تشييع جثمانه في جنازة مهيبة وتوارى جثمانه بين ثرى مقابر العائلة بالقرية ودفنت زوجته وابنته في مقابر أسرة زوجته
قالت أحلام شقيقة الفنان عبد اللطيف التلباني : الغاز كان سبب الوفاة وكانت زوجته تشتكي من عطل في الإشعال الذاتي وأنا محتفظة بتقرير النيابة وأنا أستاء من المواقع والأقلام التي كتبت خلاف ذلك .