الطاقة المتجددة تعد من أهم الابتكارات في مجال الطاقة الحديثة. تعتمد هذه الأنواع من الطاقة على مصادر طبيعية مستدامة تساعد في الحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
من المتوقع أن استخدام الطاقة سوف يتضاعف بحلول عام 2050 ومن اجل المحافظة على البيئة وإيقاف التدهور المناخي فقد تعهدت دول العالم الصناعي على تقليل الاعتماد على الوقود الاحفوري من نفط وغاز وفحم وكافة مشتقاتهم بحيث توفر %30 من الطاقة المطلوبة وإيجاد بدائل نظيفة لا تؤذي البيئة أو المناخ وهذه البدائل ستوفر السبعين بالمائة الباقية وحاليا نجد كافة دول العالم تجري البحوث والابتكارات لإيجاد مصادر للطاقة المستقبلية وهذه المصادر تستمد طاقتها من الطبيعة كهبوب الرياح والطاقة الشمسية وما يهمنا في بلاد العرب
هو توفر طاقة الشمس بغزارة في كافة البلاد العربية والفضل لله تعالى ويجب علينا شكره على هذا الفضل والمنة فالعالم العربي غني بالمصادر الاحفورية (النفط) وغني أيضا بمصادر الطاقة الشمسية علما بان الطاقة الشمسية الساقطة علي الأراضي العربية خلال سنة واحدة تساوي 27.5 ضعف من أجمالي المخزون العربي من النفط.
تعريف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) ” الطاقة المتجددة هي كل طاقة يكون مصدرها شمس , جيوفيزيائي أو بيولوجي والتي تتجدد في الطبيعة بوتيرة معادلة أو اكبر من نسب استعمالها , وتتولد من التيارات المتتالية والمتواصلة في الطبيعة كطاقة الكتلة الحيوية , الطاقة الشمسية , طاقة باطن الأرض , حركة المياه , طاقة المد والجزر في المحيطات وطاقة الرياح , وتوجد العديد من الأليات التي تسمح بتحويل هذه المصادر طاقات أولية كالحرارة والطاقة الكهرومائية والي طاقة حركية باستخدام تكنولوجيا متعددة تسمح بتوفير خدمات الطاقة من وقود وكهرباء
تعريف برنامج الأمم المتحدة للحماية البيئة (UNEB) الطاقة المتجددة عبارة عن طاقة لا يكون مصدرها مخزون ثابت ومحدود في الطبيعة , تتجدد بصفة دورية اسرع من وتيرة استهلاكها وتظهر في الأشكال الخمسة التالية :الكتلة الحيوية , أشعة الشمس , الرياح , الطاقة الكهرومائية وطاقة باطن الأرض
بلغت الاستثمارات العالمية الجديدة في مجالات الطاقة المتجددة 264 مليار دولار في العام 2017, باستثمارات الطافه الكهرومائية حوالي 214,4 مليار دولار عام2013,بانخفاض14%عن العام السابق23% عن عام2011 وبأخذ الاستثمارات غير المدرجة في مجالات الطاقة الكهرومائية بعين الاعتبار, يصل جمالي الاستثمارات الجديدة في الطاقة المتجددة الي 249,9مليار دولارعام2013 وللسنه الأنية علي التوالي, وتراجعت الاستثمارات بعد عده سنوات من النمو ,ويرجع ذلك في جزء منه الي عدم اليقين بشان سياسات الحوافز في أوروبا والولايات المتحدة , والأخرى الي الانخفاض الحاد في تكاليف التكنولوجيا المستخدمة
مصر صاحبة ثالث أكبر حجم لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الشرق الأوسط وأفريقيا بعد إيران والسعودية، إذ بلغ حجم انبعاثاتها 351.96 طنًّا متريًّا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في 2019. وقطاع الطاقة المصري هو المساهم الأكبر في هذه الانبعاثات، فهو مسؤول عن 74% منها في عام 2019 (WRI, 2022; Enterprise, 2020). كما أن مصر أكبر بلد في شمال أفريقيا والمنطقة العربية من حيث عدد السكان، مما أدى إلى تزايد الطلب على الطاقة. وما زاد الأمر سوءا هو أن عبء فاتورة دعم الطاقة صار أثقل (IRENA, 2018). وفي سبيل تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، صاغت الحكومة المصرية إستراتيجية لتنويع مصادر الطاقة تعرف باسم “إستراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حتى عام 2035″، بهدف ضمان استمرار أمن واستقرار إمدادات الطاقة في البلاد. ويترتب على هذه الإستراتيجية تعزيز دور الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بينما تستهدف تنويع مزيج الطاقة عن طريق زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وعلى الأخص طاقة الرياح والطاقة الشمسية (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2016). تتوقع “رؤية مصر 2030”
أن يكون قطاع الطاقة قادرا على تلبية كافة متطلبات التنمية المستدامة باستخدام موارد الطاقة المتجددة وتعظيم الاستفادة من موارده غير المتجددة والمتجددة على السواء. والهدف هو المساهمة الفعالة في دفع النمو الاقتصادي والتنافسية والعدالة الاجتماعية، وكذلك المحافظة على البيئة وتحقيق الريادة المصرية في تطوير مصادر الطاقة المتجددة أثناء مواكبة أهداف التنمية المستدامة العالمية (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2016). يُبرز هذا التعليق الحاجة إلى الطاقة المتجددة في التصدي لتغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في مصر. يركز القسم الأول على الصلة بين الطاقة المتجددة وتغير المناخ. ويُبرز القسم الثاني دور الطاقة المتجددة في تحقيق التنمية المستدامة، بينما يناقش الثالث العلاقة بين الطاقة المتجددة والعدالة الاجتماعية. أما القسمان الرابع والخامس فمكرسان لتحليل التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة المتجددة، ولعدد من التوصيات بشأن السياسات.
الطاقة المتجددة وتغير المناخ
إن طموح الحكومات والمدن والجهات المتخصصة إلى مكافحة تغير المناخ والانتقال إلى نظام طاقة يتجاوز الكربون هو طموح ينعكس في توسع العالم حاليا في تكنولوجيات الطاقة المتجددة (Sakellariou, 2013; Hashmi and Alam, 2019; Ibrahiem, 2020). ومصر هي إحدى الدول النامية المتأثرة بظاهرة تغير المناخ،
ولذا فقد أبدت اهتماماً كبيراً بالمسألة، حيث تؤكد مصر على إعلان ريو دي جانيرو وخطة عمل بالي، على الأخص فيما يتعلق بمبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة بين البلدان. وبالإضافة إلى ذلك، فمصر من بين الدول الـ194 الموقعة على اتفاقية باريس، والتي تعهدت بالحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية وإبقائها أقل من درجتين مئويتين (مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية)، ومتابعة الجهود المبذولة لوقف ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية. كما تسعى مصر إلى خفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري عن طريق اتخاذ تدابير لخفض استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات المتجددة، وتتوسع أيضا في مشاريع الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة (وعلى رأسها طاقة الرياح والطاقة الشمسية والوقود الحيوي) (IRENA, 2018). تهدف استراتيجية الطاقة المتجددة في مصر إلى بلوغ حوالي 42% من إجمالي الكهرباء الناتجة من المصادر المتجددة بحلول 2035 (IRENA, 2018) وقد أُعدت استراتيجية وطنية للهيدروجين الأخضر ليشملها إطار العمل المصري الخاص بالطاقة.
الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة
تبنت مصر أول استراتيجية للطاقة المتجددة في 1982، بهدف توليد 5% من كهربائها من مصادر متجددة بحلول عام 2000 (EU, 2015). في 2013، تبنت الحكومة إستراتيجية متكاملة للطاقة المستدامة للعمل بها من 2015 إلى 2035 من خلال مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي. في أكتوبر 2016، وافق المجلس الأعلى للطاقة على الاستراتيجية (IRENA, 2018). لتحقيق الاستدامة في قطاع الطاقة، صاغت الحكومة سياسات مالية ونقدية وتجارية لتطوير مصادر الطاقة المتجددة وتشجيع الاستثمار. إحدى الأدوات البارزة في السياسة المالية هي الضرائب، ويخضع رأس مال الطاقة المتجددة بمكوناته لضريبة قيمة مضافة بنسبة 5% فقط بدلاً من 14% بموجب قانون ضريبة القيمة المضافة (IRENA, 2018). في فبراير 2017، أضاف البنك المركزي قطاع الطاقة المتجددة إلى مبادرة الشركات والمشروعات المتوسطة الصادرة في 2016 (مبادرة قيمتها 200 مليار جنيه مصري) بهدف تشجيع البنوك على تمويل الشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة (Abbas, 2019). وبالإضافة إلى ذلك، اتخذت الحكومة عدة تدابير لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الطاقة المتجددة. وكانت الخطوة الأهم بهذا الصدد هي التعديلات التشريعية المدخلة لإزالة عوائق الاستثمار في هذا المجال؛ وأبرزها الموافقة على نظام تعريفة التغذية الكهربائية في سبتمبر 2014 لتشجيع إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة (NREA, 2020).
الطاقة المتجددة والعدالة الاجتماعية
لدى مصر فرص لتنويع مزيج الطاقة وتسريع التحول نحو الطاقة المتجددة لخفض معدل البطالة المرتفع بين الشباب ومعدل الفقر على السواء. وبالنسبة إلى تشغيل الشباب، خُلقت 6000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة نتيجة المرحلة الحالية من نشر الطاقة المتجددة، حيث الألواح الشمسية وحدها مسؤولة عن توليد نصف هذه الوظائف. وفقا لتحليل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA, 2018)، تمثل الصناعة التحويلية 22% من الوظائف الجديدة في صناعة الألواح الشمسية، في حين أن غالبية الوظائف المتولدة في قطاع طاقة الرياح تتوزع بين العمليات والصيانة (43%). وعلاوة على ذلك، فإن تكنولوجيات الوقود الحيوي المتنوعة متوفرة في مصر، على الأخص من أجل إنتاج الغاز الحيوي الريفي من الروث وجمع النفايات الزراعية وكبسها في قوالب. توقف هذه التكنولوجيات نزوح الشباب إلى المدن الكبرى من خلال توفير وظائف في المناطق الريفية، ومن ثم خفض معدل الفقر (IRENA, 2018; Cote, 2019).
التحديات التي تواجه قطاع الطاقة المتجددة
في مصر، يواجه نمو صناعة الطاقة المتجددة عددا من العقبات، بما في ذلك العقبات المتعلقة بالتكنولوجيا والاقتصاد والسياسة. تشمل التحديات التكنولوجية الافتقار إلى مواصفات للتشغيل والإدارة، إذ إن التكنولوجيا والاستثمارات المصرية في قطاع الطاقة الشمسية لا تزال في المرحلة التجريبية ولم تتقدم لتبلغ مرحلة الإنتاج الجماهيري (Salah et al., 2022). ويضاف إلى هذا افتقار إلى قوة عاملة ذات كفاءة في تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وكذلك قصور في تقنيات التخزين المناسبة (Salah et al., 2022). تتجلى الصعوبات الاقتصادية بشتى الأشكال، حيث قد تعجز بعض المناطق الريفية الواقعة تحت خط الفقر عن تحمل ثمن الطاقة المتجددة المرتفع. أما على جانب القطاع الخاص، فإن معدلات السداد المرتفعة واستمرار ارتفاع أسعار الفائدة السنوية لا تزال تشكل تحديا تواجهه الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم عند الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة. يمكننا أن نُعزِي التحديات المتعلقة بالسياسة إلى وجود ضوابط غير متسقة من إدارة حكومية إلى أخرى، وغياب التوحيد القياسي، وغياب إطار تنظيمي إقليمي متسق (Salah et al., 2022).
التوصيات
فيما يلي عدة توصيات للارتقاء بالطاقة المتجددة والتصدي لقضايا المناخ في مصر:
تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة. من المهم نشر الوعي بأهمية الانتقال إلى استخدام الطاقة المتجددة والعمل على توسيع هذا الاستخدام من خلال صياغة التشريعات المحفزة للاستثمار في صناعة الطاقة المتجددة وتشجيع استثمار القطاع الخاص في مشاريع الطاقة المتجددة من خلال تقديم قروض بسعر فائدة منخفض وخفض الرسوم والضرائب على تكنولوجيات الطاقة الخضراء.
ضمان إستراتيجية هيدروجين وطنية تعطي الأولوية للتنمية الوطنية بينما تحمي الهيمنة الاقتصادية والسياسية لمصر باعتبارها أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط (Esily et al., 2022). إن تطوير الهيدروجين في مصر أمر حيوي وسوف يشمل التصدي لعدد من المسائل، ومنها تحديث التكنولوجيات الحالية لتوفير الهيدروجين بسعر معقول. ويجب تطوير إستراتيجية وطنية على أساس المزيد من التقصي والتقييم في ثلاثة مجالات رئيسية: المعرفة بالطاقة على مستوى العالم، والهيدروجين الأزرق المستخرج من الغاز الطبيعي، والهيدروجين الأخضر المستخرج من مصادر متجددة (Esily et al., 2022).
التعلم من التجارب الدولية. من شأن مصر أن تنتفع، على سبيل المثال، من التجربة الألمانية الخاصة بدعم الدولة للطاقة الشمسية دعما مؤقتا، وهو ما ساهم في زيادة استخدام الأسطح الشمسية، بالإضافة إلى تشجيع استخدام تكييف الهواء بالطاقة الشمسية عن طريق النظام المصرفي، كما هو متواجد ببنك التنمية الألماني. كما يمكن لمصر أن تتعلم من أساليب التمويل والسياسات الاقتصادية الألمانية، ومنها شهادات انبعاثات الكربون والحوافز الضريبية (Rentzing, 2009).
أخيرا، وبما أن لدى مصر خطة إلغاء تدريجي لدعم الوقود الأحفوري، يمكن للتشريع أن يركز على توجيه الدعم لصالح قطاع الطاقة المتجددة والمعروف بالدعم الأخضر لتعزيز الانتقال إلى صافي الانبعاثات الصفري من الكربون (Monasterolo & Roberto, 2019).يُعد الدعم الأخضر نوع فريد من أنواع الحوافز المالية وأداة ضريبية تهدف إلى تحسين الجودة البيئية والموارد الطبيعية. في 2017، قدرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة الدعم الأخضر ليبلغ حوالي 167 مليار دولار أمريكي، ويقدَّر أن بلدان الاتحاد الأوروبي قد تلقت حوالي 54% من إجمالي الدعم الأخضر، تليها الولايات المتحدة (14%)، واليابان (11%)، والصين (9%)، والهند (2%) ثم بقية العالم موزعا عليها نسبة 9% (Taylor, 2020). يتوجه غالبية هذا الدعم الأخضر إلى تطوير التكنولوجيا الموفرة للطاقة وإلى الطاقة الخضراء على سواء للحد من أثر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (Xie et al., 2019).
