أجيدُ حياكةَ الخَيبات، وطمرَ الأسىٰ،
مُزدحمةٌ بالفراغ،
أجمعُ دقّات الخُسارةِ في وعاءٍ مثقوب،
تلك السِكّين التي ذُبحَ بها الفؤاد؛
أنا مَن أعطيتُها إلىٰ سرابٍ،
حينَ غيّبَتني مَشاعري عن الثبات،
أنا مَن تربّصَ بسكّينَتي، واعيا راحةَ البال؛
حتىٰ صارَت مُهْترئةً، تبكي الفزَع ليلَ نهارٍ،
فلا تُحدّثَني مجُدّدًا عنه، دَعه ينسكِبُ إلىٰ النِسيان،
وتلكَ الزُهورَ التي أهدانيها، مَسمومَةً؛
ما زالَت أشواكُها تُدميني،
كانَ يزيحُ عن الطريقِ الخوفَ، ويزرَعَه بقَلبي،
ينسِجُ من القلقِ مَمرًا لأخطو إليه؛ فيتَخلّلَ لانسِجَتي،
وترَكني بعدَ انطفاءٍ،
كلَيلَةِ شِتاءٍ حزينةٍ، أو كَساقيةٍ مَهجورَةٍ حُرِمَت الماء،
أرخىٰ جِناحي الوَهمُ، ليأسِرَني حبُّه،
وأتغَللُ لانتظارٍ لا ينتَهي،
فكَكَني، نزعَ ثَباتي، وراقَبَ كيفَ أنزِفُ،
كانَ مَيلُ الثباتِ يقتُلُني،
حزنٌ سُكَبَ في جوفي، أنبَتَ عِتابًا صامتًا،
حتىٰ امتلأتُ بالغيابِ، وأنا أنازِعُ الشَوقَ،
أجزِمُ أنّ العقلَ تخلّفَ عن الحضور،
كانَ قلبٌ يتصدَرُ المَشهدَ، يبني قُصورًا مِن الرِمالِ،
ولا يبتَلِعَه الصَمتُ، إلّا حينَ تتكالَبَ عليَّ آلامي،
ويعودُ العقلُ بكامِلِ سَطوَتِه،
ليالي الوَداعَ أهدانيها،
وعودٌ غافيةٌ، وانغلاقٌ أكبرَ، كانَ صَمتًا قيدَ فكّيه،
لمْ يكُن لي، كانَ للغيابِ بكُلِّ أسباب الحضور،
لم يتبَقّ إلا حزنٌ يسكُنُني، وذكرياتٌ مُعتّقةٌ بكلِماتُه،
لا أريدُ شيئًا، أنا لا أريدُ منه شيئًا
سِوىٰ نزعَ خِنجرٍ أغمَدَه في قلبي..!
