الإخبارية – مسقط
افتتح السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان دار الأوبرا السلطانية التي تعد الأولى من نوعها على مستوى دول الخليج والثانية على مستوى الوطن العربي في عام 2011م بحفل مهيب كان بإشراف المخرج العالمي فرانكو زيفيريلي وبقيادة الفنان العالمي بلاسيدو دومينجو قائد أوركسترا أوبرا الافتتاح وذلك تقديرا لمكانتيهما العالمية في مجال الفنون الموسيقية والأدائية. شيدت الدار على مساحة شاسعة تبلغ 80 ألف متر مربع في منطقة قريبة من شاطئ القرم بالعاصمة مسقط، وتبلغ مساحة البناء 25 ألف متر مربع مكونة من ثمانية طوابق، منها ثلاث طوابق تحت الأرض ، وتم انتقاء تصاميم البناء لتتناغم بشكل أنيق مع الطراز المعماري العماني والمستمد من الإبداع الهندسي للقلاع والحصون الأثرية التي تشتهر بها السلطنة بالإضافة إلى تناغمه بدقة مثالية كذلك مع الطراز العربي والإسلامي في أزهى عصور الحضارة التي نستمد منها كل الأمجاد، لتصبح هذه الدار بحق تراكما معماريا فريدا يستلهم من مختلف الحضارات التي مرت على المنطقة.
نستطيع أن نقول بعد مضي أكثر من ست سنوات من تاريخ الافتتاح أن دار الأوبرا السلطانية هي الأبرز حتى الآن في السلطنة بالعمل على التخطيط للاقتصاد الإبداعي في مجال الفنون بشكل خاص. فدار الأوبرا السلطانية تهدف في المقام الأول منذ إنشائها إلى أن تكون مركزاً مهما في العالم للتواصل الحضاري والثقافي في مجالات الفنون الراقية المختلفة مع دول العالم وثقافاتها بهدف إثراء المجتمع ببرامج فنية وثقافية وتعليمية تم اختيارها بعناية فائقة.
ولا شك أن دار الأوبرا لم تغفل أبدا تنمية الإبداعات الفنية والثقافية بالسلطنة من خلال المزج بينها وبين مختلف الفنون بالعالم ومحاولة إشراك خبرات الفنان العالمي بالمجتمع عن طريق الندوات وورش العمل والحفلات، ومن خلال هذه الأعمال استطاعت دار الأوبرا أن تلهم جمهورها وتغذي إبداعاتهم ومواهبهم من خلال البرامج المبتكرة التي تعزّز الجانب الثقافي. وتعد دار الأوبرا السلطانية بمسقط ثاني أهم مركز حيوي للسياحة الثقافية بعد جامع السلطان قابوس الأكبر، ودائما ما يتصدر موقعها كأكثر المباني زيارة وتصويرا في مواقع التواصل الاجتماعي التي تعنى بالسياحة في السلطنة.وسنويا تستقطب الدار أكثر من 400 ألف زائر، منهم 60 ألفًا يأتون خصيصا لحضور الحفلات الموسيقية ويتسابقون لشراء تذاكرها عن طريق الموقع الإلكتروني أو منفذ التذاكر المباشر بمبنى الدار، وأما البقية فيقضون وقتهم في الجولات المخصصة لأروقة المبنى والتي تستقطب الكثير من الزائرين من مختلف دول العالم. وقد استطاعت دار الأوبرا رفد المردود الاقتصادي من استثمار كل هذه الفنون التي يعود مرودها المباشر للدار وغير المباشر للسلطنة كقطاع الفنادق والمواصلات والمطاعم والصناعات الحرفية وغيرها من خلال تنظيم نحو 300 فعالية عالمية ومحلية متنوعة منذ افتتاحها، واستطاعت من خلالها دعم الفنون العمانية بمزجها مع فعاليات الحفلات العالمية التي تستقطبها لتنمية كل ما يتعلق بالفن والثقافة واستثمار هذه الأحداث للترويج عن عمان فنيا وثقافيا بشكل أصبح في الواقع ملموس. كما نجحت دار الأوبرا السلطانية كذلك بالتفاعل مع المجتمع المحلي بشكل كبير ومؤثر خاصة مع الجامعات والمدارس والكليات بإقامة الكثير من الفعاليات المخصصة لهم، والتي تنمي الذائقة الفنية لجميع الفئات العمرية لنجد اليوم أن الجمهور العماني أصبح حضوره وتفاعله مثاليًا في كل حفل يقدم بمسرح الدار وبشكل يثير الدهشة للفنان الذي يقدم نفسه في حفل تم انتقاؤه فيه بعناية وهو سبب رئيسي من أسباب رواج سمعة دار الأوبرا السلطانية بين المشاهير في هذا المجال.
الجدير بالذكر أن أغلب الزائرين إلى السلطنة للحضور خصيصا إلى حفلات دار الاوبرا السلطانية هم من الطبقة الثرية المتمكنة اقتصاديا والتي تستطيع بذل الكثير من الأموال من خلال زيارتهم والتي يرافقها بالطبع نشاط العديد من القطاعات كقطاع الفنادق في مسقط عامة ومنطقة القرم خاصة والذي أصبح أكثر نشاطا وحيوية بعد إنشاء هذه الدار. لقد شعر المعنيون بدار الأوبرا بحيوية المنطقة نتيجة استقطابهم للكثير من الحفلات العالمية التي تم انتقاؤها كأفضل ما يقدم في العالم بالمجال الفني والأوبراتي ، فمثلا حينما تم التخطيط بعناية لدعوة الفنانة العالمية الروسية آنا نتريبكو مع زوجها التينور يوسف إيفازوف ليقدمان مجموعة من الأغاني تحمل بصمة مؤلفين معروفين أمثال بوتيشني وفيردي، استطاع هذا الحفل أن يستقطب أكثر من 500 زائر في حفلة واحدة من فرنسا وإيطاليا والمانيا وغيرهم من الجنسيات الذين سافروا خصيصا لأول مرة إلى السلطنة فقط لحضور هذا الحفل، بالإضافة إلى أن الفنانة حينما قدمت إلى مسقط استطاعت أن تروّج عبر صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي والمتابع من قبل الملايين عن السلطنة ومسقط تحديدا وكان هناك تفاعل مؤثر وترويج مثالي صادق عن عمان والإرث الحضاري والثقافي والفني الذي يميزها عن بقية دول المنطقة، بالإضافة إلى إبراز ميزة الشعب العماني الودود المحب للتعايش والسلام الذي يميز أناقة المكان في محيطه الإقليمي.
من ناحية أخرى استطاعت الدار كذلك بفضل تخطيطها السليم تكوين شبكة إعلامية قوية داخلية وخارجية مثل التعاون مع يورو نيوز وزهرة الخليج وجريدة الحياة والشرق الأوسط والاتحاد وغيرها، وتحويلها لذراع إعلامي إيجابي يروج لدار الأوبرا السلطانية مثلما فعل ماجد الصباح الذي سوق بشكل جيد لدار الأوبرا من خلال الملايين من المتابعين له في دول المنطقة، فبعدما قام ماجد الصباح بتصوير ونقل ما تم في دار الأوبرا السلطانية من خلال حفلة الفنان السعودي محمد عبده أتت للدار العديد من الاتصالات من دول الخليج التي لم تتوقف للاستفسار والحجوزات للحفلات القادمة وتلتها زيارات ملحوظة لمواطني دول المنطقة.
كما حصل الحساب الرسمي لدار الاوبرا السلطانية في منصة تويتر على أكثر من 254 ألف متابع من بينهم أشهر الفنانين العالمين في هذا المجال.
والسؤال الأهم هنا لماذا يقبل الكثير من الفنانين العالميين على القدوم إلى دار الأوبرا السلطانية رغم حداثة نشأتها؟!
السر يكمن في ميزة الدار على مستوى العالم من ناحية الهندسة المعمارية العمانية العربية والإسلامية والتجهيزات الفنية العالية الجودة كالمقاعد المجهزة بشاشات تنقل لك الحدث مترجما بثلاث لغات (العربية والإنجليزية والفرنسية)، بالإضافة إلى التجهيزات المثالية للمسرح وخاصة فيما يتعلق بالصوت والتقنيات التكنولوجية المميزة جدا والتي تستطيع من خلالها مثلا تغيير المسرح في 30 دقيقة من حفل أوبراتي إلى حفل موسيقي آخر.
وهنا أمثلة لما قدمته دار الأوبرا في موسم 2016م -2017م في سبيل الاستثمار الثقافي الذي استطاع أن يجذب للدار سنويا مثلما ذكرت أعلاه أكثر من 400 ألف زائر:
- أوبرا “روميو وجولييت” وهي أوبرا شاعرية من تلحين الموسيقار الفرنسي، شارل غونو (1818-1893) ومقتبسة عن مسرحية شكسبير الكلاسيكية، من أداء “أوبرا مونت كارلو” العريقة.
- ملحمة فاغنر الرومانسية العظيمة، “لوهنغرين” التي قدّمتها فرقة “مهرجان ريتشارد فاغنر في ويلز.
- اوبرا “دون جيوفاني “وهي قصة الإغواء والعقاب الكوميدية على الرغم من جديتها التي ألّفها عبقري التلحين الأوبرالي موتسارت وقدّمتها اوبرا دي ليون .
- رائعة تشايكوفسكي العاطفية “يوجين أونيجين” التي قدّمتها اوبرا ستانيسلافسكي موسكو.
- اوبرا روسيني الكوميدية الرائعة “الفتاة الإيطالية في الجزائر” من فرقة أوبرا ماجيو موزيكال في فلورنس.
- تحفة بيزيه الساحرة صائدو اللؤلؤ مع فرقة دار أوبرا والونيا الملكية البلجيكي.
- حفلان لنجم الأوبرا الأول والتينور العالمي بلاسيدو دومينغو في حفلين مميزين بصحبة أوركسترا مهرجان بيرشيا وبيرغامو الفيلهارمونية بقيادة يوجين كون، وفي أمسية أخرى برفقة الأوركسترا السيمفونية السلطانية العُمانية.
- عرض من إنتاج دار الأوبرا السلطانية بمناسبة احتفالات السلطنة بالعيد الوطني وهو عرض ضخم قدم في الهواء الطلق، وهو من تصميم باولو دالا سيغا وتناول نهضة عُمان الحديثة متمحورًا من الناحية الدرامية حول عدد من القصص وشارك فيه نخبة متألقة من الفنانين والاستعراضيين من عُمان وجميع أنحاء العالم.
- الحفل الغنائي للفنان محمد عسّاف، نجم “أراب آيدول” لموسم 2013 الذي تم تأديته بصحبة “أوركسترا ميستو متعددة الجنسيات.
10.الحفل الفني الساهر لفنان العرب محمد عبده.
11.حفل ضخم لفرقة كركلا اللبنانية بعنوان “الإبحار عبر الزمن
- عرضان رائعان للباليه هما “آنا كارنينا” وهو عمل رائع يحيي الأثر الأدبي الخالد للكاتب الروسي الكبير تولستوي الذي يتناول موضوع الحب المشؤوم وقدّمته على خشبة المسرح فرقة مسرح أيفمان للباليه من سان بطرسبرغ، وعرض الباليه الأعظم من بين جميع عروض الباليه الرومانسي، “جيزيل”، وهي قصة الحب والخيانة والقدر التي أدتها فرقة مسرح الباليه الأمريكي العريقة.
13.حفل عازف الترامبت وموسيقى الجاز الشهير، هيو ماسيكيلا الذي حاز في عام 2013م على جائزة جرامي الموسيقية في فئة (أفضل موسيقيي في العالم).
14.حفل فرقة “ماهوتيلا كوينز” النسائية المعروفة بالعزف على الجيتار وبتناغمها الصوتي الاستثنائي وألحانها المتأثرة بموسيقى الزولو ورقصاتها السريعة المذهلة.
- حفل الفنان ظافر يوسف، عازف العود المتألق ذي الصوت الجميل القادم من تونس والذي أصبح نجمًا عالميًا بفضل لون غنائه المتميّز الذي يجمع فيه بين التقاليد والموسيقى العالمية والطرب الأصيل.
- حفل نجمة الفادو البرتغالية الحائزة على العديد من الجوائز “آنا مورا” التي غنت في أهم قاعات الحفلات في العالم.
- حفل أمير الصفّار وهو موسيقي أمريكي معروف من أصل عراقي يعزف على الترامبت وعلى آلات موسيقية عربية كما يغني الجاز المعاصر بالإضافة إلى المقام العراقي التقليدي.