ظل عبد الناصر يأمل ويحلم ويطمح ويطمع ان تسود قيم العدل والمساواة والحق والحرية التى يرفع راياتها الإسلام وبتلك القيم الرافعة والدافعة للمسلمين وبوشائجها المتينة التى تقوم عليها وحدتهم إذا استغل قادة المسلمين بالعلم والعمل ثروات بلادهم الطبيعية والبشرية الغنية لصالح شعوبهم دون الاعتماد على غيرهم أو اقتراض اموال من بنوك الرأسمالية المتوحشة التى تغرقهم فى بحر هائج غدار ورمال متحركة تبتلعهم تلك الديون أو بين الموت والحياة يصارعون ويكابدون!!
لا تسقط من ذاكرتى مقولة الرئيس الأمريكى “جون آدمز”فى عام١٨٣٥عندما حدد فى عبارة موجزة أسس الرأسمالية المتوحشة قائلا:(يمكن غزو أمة من الأمم إما بالسلاح وإما بالديون).
ولأن عبد الناصر كان قارئا فاهما لتاريخ المسلمين وجغرافية ثرواتهم الغنية الكثيرة الثراء إذا عرفوها وقدروها حق التقدير لذلك قال الزعيم جمال عبد الناصر فى كتابه فلسفة الثورة:(حينما اسرح بخيالى الى ثمانين مليونا من المسلمين فى اندونيسيا وخمسين مليونا فى الصين وبضعة ملايين فى الملايو وسيام وبورما وما يقرب من مائة مليون فى منطقة الشرق الاوسط واربعين مليونا داخل الاتحاد السوفيتى وملايين غيرهم فى أرجاء الأرض المتباعدة ،حين اسرح بخيالى الى هذه المئات من الملايين الذين تجمعهم عقيدة واحدة أخرج بإحساس كبير من الإمكانيات الهائلة التى يمكن أن يحققها تعاون بين هؤلاء المسلمين جميعا تعاون لا يخرج عن حدود ولائهم لأوطانهم الأصيلة بالطبع ولكنه يكفل لهم ولإخوانهم فى العقيدة قوة غير محدودة).
ثم يقول عبد الناصر فى موضع آخر من” فلسفة الثورة” بمنهج قويم عن ما يجب على المسلمين وقادتهم وعلمائهم لتحقيق آمالهم بقوة الإرادة السياسية فى استغلال شعيرة الحج وحكمته فى كل موسم من مواسمه قائلا:(يجب أن تكون للحج قوة سياسية ضخمة ويجب أن تهرع صحافة العالم الى متابعة أنبائه لا بوصفه مراسم وتقاليد تصنع صورا لقراء الصحف وإنما بوصفه مؤتمرا سياسيا دوريا يجتمع فيه كل قادة الدول الإسلامية ورجال الرأى فيها وعلماؤها فى كافة أنحاء المعرفة وكتابها وملوك الصناعة فيها وتجارها وشبابها ليصنعوا فى هذا البرلمان الاسلامى العالمى خطوطا عريضة لسياسة بلادهم وتعاونها معا .إن هذه هى فعلا الحكمة فى الحج).
ثم يأتى عبد الناصر ليؤكد الروابط القوية بين مصر الإسلامية والعالم الإسلامى فيقول فى “الميثاق الوطنى”الصادر فى مايو ١٩٦٢ (أيمكن ان نتجاهل أن هناك عالما إسلاميا تجمعنا وإياه روابط لا تقر بها العقيدة الدينية فحسب وإنما تشدها حقائق التاريخ؟).
وتطبيقا لرؤية عبد الناصر وقوة إرادته فى بناء وتقوية الروابط بين مصر وشقيقاتها الإسلامية يذكر الاستاذ محمد فايق فى كتابه “عبد الناصر وافريقيا”أنه عندما استغاثت نيجيريا المسلمة طالبة مساعدة عبد الناصر فى ارجاع جزء من أراضيها سيطرت عليه حركة انفصالية مسيحية يساندها العدو الصهيونى والولايات المتحدة الأمريكية فأمر عبد الناصر الفريق اول محمد فوزى وزير الحربية بإرسال الطائرات المصرية التى دكت تلك الحركة الانفصالية وأرجعت الأرض الى السيادة الكاملة لنيجيريا.