الإخبارية – عادل أحمد
شارك الرئيس صباح اليوم في الاجتماع السياسي لرؤساء الدول والحكومات في إطار المنتدى الأوروبي الأفريقي رفيع المستوى بفيينا، حيث ألقى سيادته كلمة خلال الجلسة نصها كالتالي:
“فخامة الرئيس/ بول كاجامي، رئيس جمهورية رواندا،
المستشار/ سيباستيان كورتز، المستشار الفيدرالي لجمهورية النمسا،
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات،
الحضور الكريم،
في البداية أود أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى الرئيس “ألكسندر فاندر بيلين” رئيس جمهورية النمسا، و المستشار/ سيباستيان كورتز، المستشار الفيدرالي لجمهورية النمسا، وشعب النمسا الصديق على ما لمسناه من حفاوة الضيافة.
نجتمع اليوم وبعد مرور أكثر من عام منذ انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي/ الاتحاد الأوروبي الخامسة في أبيدجان، ورغم تقديرنا لما حققته القمة لدفع التعاون بين القارتين، فمازال أمامنا طريق طويل لتحقيق أهدافنا المشتركة للاستفادة من فرص التكامل الاقتصادي وزيادة التجارة والاستثمارات بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 وأجندة أفريقيا للتنمية 2063.
إننا نسعى اليوم لإيجاد حلول واقعية ومستدامة لعدد من القضايا التي تشكل أولوية للعمل الأفريقي المشترك وعلى رأسها تحديث وتنمية دول القارة والقضاء على مظاهر الفقر، من خلال زيادة مساحة المشاركة المجتمعية للشباب والمرأة واستغلال طاقاتهم وتوسيع إسهاماتهم، وربط الدول الأفريقية من خلال مشاريع البنية التحتية في مجالات النقل والطاقة وتكنولوجيا المعلومات، وتحفيز النمو الاقتصادي والتصنيع، وتحديث قطاع الزراعة في أفريقيا.
إن تفشي النزاعات والصراعات لعقود طويلة، وانعدام الأفق الاقتصادي والتنموي يعد من بين الأسباب الجذرية لتفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية أملاً في حياة كريمة ومستقبل أفضل. كما تمثل تلك التحديات إحدى أكبر ركائز استقطاب شبابنا لظلمات الفكر المتطرف والإرهابي، ولهذا تنبهت الدولة المصرية مبكراً لأهمية مواجهة هذه الظاهرة، وقامت بتبني برنامج وطني طموح للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الشامل، تتضافر من خلاله جهود الحكومة والشعب المصري لإنجاحه رغم صعوبته. وقد تصدر الاستثمار الحكومي في مشروعات عملاقة للبنية التحتية أجندة العمل المصري خلال السنوات الخمسة الماضية، ويشرفني أن أبلغكم بأن هذا الجهد قد أتي بثماره من خلال تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري وتحقيقنا لمعدل نمو متسارع وتناقص معدلات البطالة.
وفي هذا السياق؛ تعي مصر أهمية تحقيق التنمية المستدامة من خلال خلق المزيد من فرص العمل للشعوب الأفريقية، وتطوير البنية التحتية القارية، وتعزيز حرية التجارة في إطار اتفاقية التجارة الحرة القارية، وبناء المنظومة الصناعية، واستحداث استراتيجيات لجذب الاستثمارات إلى الدول الأفريقية، مع توفير بيئة أعمال مناسبة لرواد الأعمال على مستوى القارة، ومن ثم فقد وضعت مصر هذه الأهداف ضمن أولويات رئاستها المقبلة للاتحاد الأفريقي في 2019.
السادة الحضور،
تعتبر أوروبا شريكاً استراتيجياً لأفريقيا، حيث ترتبط القارتان بروابط تاريخية وثيقة على الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أن القرب الجغرافي بين القارتين يشكل أحد أهم أركان هذا الارتباط. ونقدر أن التحديات المشتركة التي تواجه الجانبين، وعلى رأسها مواجهة ظاهرتي الهجرة غير الشرعية والإرهاب، تفرض التنسيق والعمل سوياً للتوصل إلى حلول فعالة لتلك التحديات من خلال رؤية مشتركة تحقق طموحات شعوبنا، كما أنه يتعين العمل على تصويب أسس التعاون مع أفريقيا والابتعاد عن سياسة المشروطية والإملاءات بحيث يتم أخذ الخطط والأولويات الأفريقية عين الاعتبار. وفي هذا الإطار، أود الترحيب بمبادرة / جان كلود يونكر رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي، بإطلاق شراكة جديدة مع إفريقيا تركز على موضوعات التنمية والاستثمار وتوفير الوظائف في العالم الرقمي، وهو التوجه الذي من شأنه إعطاء دفعة لروح التعاون التي تسود بين الجانبين والتمهيد لوضع أطر تتيح المزيد من فرص تحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا.
إن مصر تؤمن بأن القارة الإفريقية هي قارة المستقبل، وتأخذ على عاتقها دفع عجلة العمل الأفريقي المشترك لآفاق أرحب وأوسع وتعزيز خطوات الاندماج والتكامل القاري، وستعمل خلال رئاستها المقبلة للاتحاد الأفريقي على ترسيخ تلك المبادئ، كما أنها ستستمر في تسخير إمكاناتها وخبراتها لتلبية الاحتياجات الملحة للدول والشعوب الأفريقية واستكمال أجندة التنمية الشاملة المستدامة، حيث استضافت مصر في هذا الإطار على مدار الفترة الماضية العديد من الفاعليات الإقليمية والدولية التي تبرز القوى الاستثمارية الكامنة في أفريقيا والفرص المتاحة بها.
السادة الحضور،
إنني إذ أتطلع إلى نجاح أعمال هذا المنتدى ونقاشاته الموضوعية ومخرجات موائده المستديرة، فإنه لا يسعني سوى أن أكرر الشكر لكل من ساهم في الإعداد لهذه الفاعلية، وكلي ثقة في أن جهودنا سوف تمهد الطريق للعمل سوياً واتخاذ خطوات عملية وجادة لتحقيق الرخاء والرفاهية لشعوبنا من خلال تنمية حقيقية توفر الأمن والاستقرار وتتيح الفرصة لمزيد من المشاركة والعطاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”