الزمان: صباح السبت 30 مارس 2019.. المكان: مطار القاهرة الدولي، قبيل موعد طائرة مصر للطيران المتجهة إلي نيويورك بحوالي ساعتين ونصف الساعة كنت داخل الصالة أقوم بإنهاء إجراءات السفر، كان كل شيء يسير علي ما يرام، إجراءات التفتيش الأولية تجري في سلاسة ويسر ورجال الأمن يداعبون الركاب ويبتسمون في وجوههم، موظفو مصر للطيران علي الكاونترات حاجة تفرح، وجوه مبتسمة وسرعة مميزة في استخراج البوردنج (بطاقة صعود الطائرة) للركاب. استأذني الموظف بكل أدب في إخضاع حقائبي للتفتيش العشوائي فرحبت جدا بل وشكرته لأني مؤمن تماما أن كل هذه الإجراءات هدفها تأمين الركاب وأنا منهم وخلال التفتيش سألني رجال الأمن الأسئلة التقليدية عن محتويات حقائبي وما إذا كان أحد قد سلمني شيئا لتسليمه لأحد آخر في أمريكا وغيرها من الأسئلة وأشهد أنهم كانوا يتعاملون مع مسألة التفتيش بمنتهي الرقة والأدب وفهم روح القرار وليس نصه.
المهم تركت الحقائب حتي يتم وضعها علي السير لتأخذ مجراها الطبيعي لمخزن الحقائب واحتفظت بهاند باك صغيرة من المسموح للركاب باصطحابها معهم داخل كابينة الطائرة وكذلك شنطة صغيرة مخصصة لحمل البدل حتي تحتفظ بحالتها جيدة لمحطة الوصول بعيدا عن الشنطة الكبيرة التي تتعرض للخبط والرزع. أنهيت إجراءات ختم الجوازات وتقدمت نحو صالة رقم (جي فايف) المخصصة لإقلاع الطائرة لنيويورك وبدأت إجراءات التفتيش الأخيرة قبل صعود الطائرة وهي المرحلة التي تشهد خلع الأحذية والأحزمة ووضعها مع الشنط التي يحتفظ بها الراكب في يده علي السير، وجاء دوري فقمت بكل ذلك ووضعت شنطة البدل التي ما إن رآها الموظف المسئول عن مراقبة الشنط إلا وفوجئت به يستوقفني ليسألني عن قطعة معدنية صغيرة كشف عنها الجهاز في شنطة البدل فشرحت له أنها تلك جزء من الشنطة حيث يتم بها تعليقها في الدولاب وهنا انتفض مؤكدا ضرورة نزعها وعدم صعودها للطائرة فحاولت أن أشرح له بهدوء شديد كيف أن نزع تلك القطعة معناه أن الشنطة أصبحت بلا قيمة فدخل معي في نقاش بيزنطي من عينة “زي ما أنا مش بافهم في الصحافة يبقي أكيد حضرتك مابتفهمش في شغلي” فقلت له: لا من فضلك أنا وأي شخص سيفهم تماما أن تلك القطعة لا تشكل خطرا علي سلامة الطائرة وأنت بذلك التصرف تقضي علي الشنطة بالإعدام ثم أني سافرت بها من قبل عشرات المرات ولم يعترض أي من زملائك عليها فلا داعي للتزيد فأصر علي موقفه فطلبت منه تصعيد الأمر لمن هو أكبر منه وأنا متأكد أنه سينصفني فنادي علي زميل له قال إنه السوبر فايزر وأطلعه علي القطعة المعدنية وقبل أن أشرح للرجل السوبر مهمة هذه القطعة وأهميتها للشنطة انزعج جدا وهو يقلبها بين يديه قائلا: ده هلب يا أستاذ يعني ممكن به تعليق الطائرة وليس بدل سعادتك! وهنا أدركت أنه لا فائدة من الحديث مع الرجل ولم أشأ أن أطلب السوبر سوبر فايزر لأحاول إقناعه بأن هذا الجزء المعدني من الشنطة هو روح الشنطة ولعله هو أو أي سوبر سوبر سوبر فايزر داخل المطار يعرف قصتي ويعيد لي عند عودتي تلك القطعة هذا إذا كانت شنطة بدلي محظوظة وتم التحفظ علي روحها في الأمانات حتي تعود لصاحبتها قبل دفنها علي يد موظف آخر سواء كان سوبر فايزر أو موظفا بدون سوبر فايزر!.