قال تعالي “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين.. الأعراف 31” أيام قليلة ويهل علينا شهر رمضان الكريم وكعادة المصريين كل عام يهرولون إلي تخزين الطعام والشراب بتبذير واسراف واضح يتنافي مع الحكمة التي شُرع من أجلها الصيام وعدم تقدير لنعم الله وانفاق المال في غير طاعته ولا حديث هذه الأيام إلا عن تدبير الاحتياجات الرمضانية في ظل ارتفاع الأسعار وندرة السلع من أجل ملء البطون والتفاخر وإقامة الولائم للأهل والصحبة في شهر العبادة والتقرب إلي الله.
ورغم انه شهر للصوم والعبادة فإن الكثير من المصريين يزداد إسرافهم وتبذيرهم في هذا الشهر ويبالغون في شراء المأكولات والحلوي بكميات غير معتادة وكأن رمضان موسم للأكل والتباهي ثم يأكلون منها القليل ويذهب ما تبقي إلي سلة القمامة في إهدار للموارد يساهم بشكل كبير في تقليل المعروض منها وبالتالي ترتفع أسعارها في وقت تعاني فيه العديد من الأسر الجوع وضيق ذات اليد ولا تجد من يعطف عليها ويسد رمقها!!
الإسراف بهذا الشكل صادم للشعور ويدل علي غياب الوعي الديني الصحيح ويخالف الشريعة الإسلامية جملة وتفصيلاً وهذا يستوجب ان يفهم الناس مقاصد وأحكام الصيام واليقين بأن الصيام يربي النفس علي القناعة والرضا وعلي رجال الدين وأئمة المساجد التوضيح للناس ان رمضان شُرع حتي نشعر بجوع واحتياج الفقير وما هو إلا “بروفة” في الصيام والزكاة والصلاة نتدرب عليها كنظام سلوكي نسير عليه طوال العام.
اللافت للنظر ان هذه العادة المذمومة التي لا يختلف عليها اثنان لا تقتصر علي الأسر ميسورة الحال فقط بل تشمل وللأسف الشديد الغالبية العظمي من مختلف الطبقات خصوصاً في العزومات والولائم الرمضانية التي يكون التفاخر بها هو سيد الموقف.
كلمة أخيرة.. الإسراف علي الطعام بالمليارات بحسب الاحصائيات الاقتصادية انما يدل علي ان الشعب المصري ليس فقيراً وأن مصر بها أموال كثيرة ولكن الأثرياء فيها ينفقون ببذخ وتغرق موائدهم الرمضانية بما لذ وطاب من أصناف الطعام المختلفة.. ولذلك فمن الضروري الاقتصاد في الانفاق وان نأخذ في الاعتبار ان هناك كثيراً من الأسر غير قادرة علي تغطية احتياجات ابنائهم الضرورية ولا مسايرة الغلاء المستمر في السلع الأساسية التي أصبحت فوق قدرتهم المالية وليس الفقراء فقط ولكن هناك أسراً متوسطة الدخل أصبحت تقتصد في مصروفات المأكل والمشرب وعلينا مراعاة شعورهم حتي لا ندعم الغيرة والحقد والكراهية وان يكون التكافل والتراحم والرحمة هم عنوان العلاقات الإنسانية بين الناس في الشهر الكريم.