الحمد لله الذي حفظ مصر من شر الزلازل والبراكين والأعاصير العاتية، فقد أثارني خبرالإعصار الياباني الذي تسبب في الأمطار الغزيرة والرياح القوية والتي إجتاحت اليابان، وقد أوضح الخبر أن العواصف تسببت في نزع أسقف العديد من المنازل، هذا وقد حذرت هيئة الأرصاد الجوية هناك من حدوث إنهيارات أرضية وفيضانات وهبوب رياح عاتية وهطول أمطار قياسية مما تسبب في إلغاء 1660 رحلة جوية حسب موقع البيان الإخباري الإلكتروني، وعليه فقد وددت أن أكتب شيئا عن تلك التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية وطرق التغلب عليها.
إن التغيرات المناخية هي التغير في أي من درجة حرارة الجو والرطوبة النسبية أو التغير في منظومة الرياح بما تسببه من أعاصير أوأمطارأو فيضانات أوعواصف رملية أو ترابية أوما قد يؤدي إلي ظاهرة التصحر، والحقيقة أن المعاناة الحقيقية للإنسان والحيوان تأتي من ظاهرة الإحتباس الحراري والتي يسببها الإرتفاع الشديد في درجات الحرارة مع إزدياد الرطوبة النسبية في الجو بالإضافة إلي زيادة تركيز الغازات المتولدة من عمليات الإحتراق في الغلاف الجوي بسبب الأنشطة البشرية وزيادة استهلاك الطاقة. وهي ظاهرة عالمية إلا أنها محلية التأثير وتختلف من مكان لآخر.
هذا وللتغيرات المناخية آثارا سلبية مترتبة عليها يمكن تفصيلها في تأثيرها علي الصحة ووفرة الطعام (الأمن الغذائي ) والنمو الاقتصادي والتغيرات الإجتماعية والهجرة. وهذه التغيرات لها تأثير مباشر علي صحة الإنسان والحيوان، فالموجات الساخنة قد تؤدي إلي الوفاة من ضربات الشمس، وقد تؤدي الرياح والأعاصير إلي تلوث الهواء والماء وإنتشار الأمراض المعدية وأمراض الجهاز التنفسي مع زيادة تكرار الحوادث المرتبطة بالطقس المتطرف، وقد تعوق التغيرات المناخية التقدم العالمي بفقدان القدرة الوظيفية للبالغين هذا بالإضافة إلي إنتشار الأمراض الوبائية بسبب إنتشار ناقلات الأمراض كالناموس والبكتيريا والديدان والقوارض. وجدير بالذكر أن التأثيرات غير المباشرة للتغيرات المناخية لا يستهان بها فقد تتأثر المحاصيل الزراعية والإنتاج البحري بالإضافة إلي التهديد الملموس للطيور المهاجرة نتيجة التأثير علي البيئة. وعلي كل حال فإن أخطر ما في الموضوع هو التأثيرعلي الصحة العامة نتيجة التطور الوراثي والطفرات التي قد تحدث للبكتيريا والفيروسات مما قد يزيد من ضراوتها، وقد يؤدي ذلك إلي ظهور سلالات جديدة مقاومة للمضادات الحيوية.
وعن الأثار المترتبة علي التغيرات المناخية في مصرفهناك تخوف من نقص مياه النيل نتيجة لإحتمالية زيادة معدل التبخرنتيجة إرتفاع درجة الحرارة بالإضافة إلي إحتمالية تغير معدلات وأماكن سقوط الأمطار و مواسمها، فضلا عن النقص الكيفي في مياه النيل نتيجة زيادة الأتربة والملوثات. ثم إن هناك تخوفا عالميا من إحتمالية إرتفاع مستوي سطح البحر نتيجة ذوبان الجليد في القطب الشمالي والجنوبي والناتج عن إرتفاع درجة حرارة الجو بالإضافة إلي تآكل الشواطئ والذي يسببه نحر الموجات والتيارات البحرية للشواطئ والنتيجة فقدان أغلب الشواطئ السياحية مع خسارة إقتصادية وتشتت العمالة. هذا ولن تنجو الشعاب المرجانية من التأثير الضار لإرتفاع حرارة مياه البحارفقد تتحول إلي اللون الأبيض نتيجة التأثير علي الطحالب وحيدة الخلية المرافقة لها ، ولن تنجو السياحة والتي تمثل حوالي نسبة من الدخل القومي من التأثر بتلك التغيرات المناخيةن فزيادة الحرارة والرطوبة قد تؤثر سلبا علي الأثار، كما أن زيادة الأتربة والعواصف يقلل عدد السياح، وقد تختفي بعض الشواطئ السياحية الموجودة علي البحر المتوسط.. ومن ناحية إخري فإن للتغيرات المناخية تأثيرا جليا علي المجتمعات السكانية فالموجات الحارة والسيول غير المتوقعة قد تؤدي إلي إنهيارات سكنية وحوادث كما أن زيادة الحرارة والرطوبة يؤدي إلي الإحساس بعدم الإرتياح مما يقلل من كفائة العامل والإنتاج وظهور أمراض كامنة ، والحقيقة أن زيادة إستهلاك الطاقة للتبريد سيؤدي غالبا إلي زيادة أسعارها مما يمثل عبئا علي المواطنين وعلي الدولة أيضا فضلا علي أن الإنبعاثات الحرارية الناتجة عنها سيؤدي هو الأخر لزيادة حرارة الجو المحيط . هذا ومن المعروف أن زيادة معدل الأتربة في الجو يقلل من كفائة الألات مع سرعة تلف الصناعات الغذائية كما أن نقص مصادر المياه وزيادة معدلات التلوث ستمثل ضغطا علي الصناعات المحلية.
وعلي ذلك فلابد من تكاتف الجهود الرامية لدراسة كل هذه الأسباب بالتفصيل وعمل الدراسات والأبحاث المختلفة وتفعيل الندوات لإبداء الأراء ووجهات النظر وتلقي المقترحات المختلفة لمواجهة التغيرات المناخية الواقعة وتوقع السيناريوهات الأسوأ المختلفة وكيفية تفاديها لو وقعت لا قدر الله. حفظ الله مصر من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
باحث أول بمعهد بحوث صحة الحيوان- معمل الزقازيق