أستفتح مقالتي هذه قائلاً:هنيئا لنا نحن المصريين بشرطتنا الباسلة، الوطنية، التي تُعد منعة، وسياج حماية لمقدَّرَات الدولة المصرية في ربوعها المختلفة، وهنيئًا لنا بمؤسسةٍ وطنيةٍ، من أولوياتها أن تصون، وترعى مصالحنا الحيوية، وهنيئا لنا برجال صامدين، شرفاء، يُشْعرون كل مواطن في سربه بالأمن، والأمان، والاستقرار؛ فيطمئن على عياله، وماله، وخاصته، ويستكمل مهام حياته بكامل حيويته، ويقدم أفضل ما لديه من عطاءاتٍ في ساحاتِ الحياة، ومجالاتها المختلفة.
والمؤسسة الشرطية المصرية نفخر بمكونها الوطني الذي بُني من فلذاتِ كبدِ هذا الشعبِ؛ ليتحمل مسئولية حمايته، ويقوم على توفير مقومات أمنه، وأمانه، ويحقق غايات الأمن الوطني التي تساعد في تحقيق التنمية الشاملة في إطارها المستدامِ؛ فندرك حينئذٍ أن المسار التنموي يصعب أن يسير إلا في مناخ الأمن، والأمان، والاستقرار، وهذا ما تعمل عليه هذه المؤسسة الوطنية، صاحبة الملاحم، ومستودع البطولات، ومن ثَمَّ فإن فخر كل مصري أن يحملَ لواءَ النَّزاهةِ، والشرفِ.
لنا أن نفخر بهذه المؤسسة العريقة التي دومًا ما تعيد الثقة لدى كل مصري يعشق الإعمار، والعمران، ولا يقبل النَّيلَ من مقدرات وطنه، بل ويحارب جنبًا إلى جنب مع مؤسساته الوطنية، كل يدٍ تود التخريبَ، أوهتكَ نسيج الوطن بشعاراتٍ، وأكاذيبَ باتت باليةً، أو بالتشدق بالمصطلحات التي أثبتتْ الأحداثُ الجاريةُ أنها موجهةٌ؛ لهدم الأوطان، وزعزعة استقرارها، وإيقاف مسيرتها، وإضعافها؛ لتصبح هشَّةً،عائمة، تعصف الرياح بها، و يُطيح بها من لديه الرغبةُ، والمصلحةُ، والدافعُ وراء ذلك.
حقًا، لقد تعلمنا الدرس، وأيقنا تمام اليقين أن شُرْطتنا المهيبة منا، ونحن منها، كما أن جيشنا العظيم منا، ونحن منه، ومؤسسات الوطن هي ملكٌ لنا، ونحن لها داعمون، حارسون؛ فمصرُ بشعبها، ومؤسساتها الوطنية، وقيادتها السياسية الحكيمة على قلبِ رجلٍ واحدٍ؛ فقد أضحى الوعيُ الرشيدُ يسود كل مواطنٍ صالحٍ، يدرك ماهية الوطن، وأهميَّة استكمال بنائه، وإعماره، كما يدرك خطورة التفكك، وخطره، والتشرذم الذي حتمًا يؤدي إلى النزاع، والتناحر، والاقتتال، والإطاحة بمقدرات الأوطان.
حَريٌّ بنا إذًا أن نحتفلَ، ونحتفيَ بشرطتنا الباسلة في يومها المجيد، وحُقَّ لنا هذا الاحتفالُ، وذاك الاحتفاءُ؛ حيث إنها قد دحرتْ كل المخططات المُحَاكةِ ضد الشعب العظيم، صاحب الحضارة العريقة؛ حيث أرادتْ به جماعاتُ الظلامِ أنْ تُقسّمه لفئاتٍ، وتتقاسمُ أرضه، وتنالُ من عرضه، وتستقطبُ كُلَّ من يُهلك، ويُدمر الحرث، والنسل؛ لكنْ بفضل الله – تعالى -، ويقظةِ مؤسساتنا الأمنية، وفي القلب منها شرطتنا الذكية التي تمتلك من الاستراتيجيات، والمقومات المتطورة ما كشفتْ به الظلمةَ، وأزاحتْ به الغُمَّةَّ.
وبهذه المناسبة العطرة نقول لمؤسستنا الشرطية الباسلة إننا على العهد حافظون، ومصْطفّون معكم متى نادى المُناَدِي، وصاح من أجل فرض الأمن، والأمان اللذان يحدثان الاستقرار؛ فتلك قضية مشتركة بين شعبٍ يمتلك الوعي الرشيد، وعزيمةٍ قويةٍ، وإرادةٍ تجاه تحقيق نهضةٍ، وتنميةٍ مستدامةٍ؛ فلا إفراطَ، ولا تفريطَ في وطنٍ يسكن القلوبَ، وتحويه الأفئدةُ وتحميه العيونُ اليقظةُ، وتصونه، تلك العيون التي ترصد كل شاردة، وواردة؛ فتنقضُّ على المُغْرضِ، ومن ينْتوي الأذى.
ونؤكد لمؤسستنا الشرطية التي تحتل بصدق مكانة خاصة في قلوب المصريين أننا على استعدادٍ؛ لنعيد التاريخ المُشَّرَف سويًا؛ حيث الوقوفُ ضد المعتدي؛ فكما سَطَّرتمْ من ذي قبلٍ معركة الكرامة، والعزة، والشرف في مدينة الإسماعيلية عام 1952م؛ من خلال تلاحم الشعب الأصيل مع شرطته الباسلة، التي دحرت العدوان البريطاني، الغاشم؛ فإننا نستطيع بإذن الله – تعالى- أن نعيد الكرَّة معًا ضد من تُسّولُ له نفسُه أن يفكر، أو يعتزم النيل من بلادنا صاحبة، المجد، والبطولات بأبنائها الشرفاء، الأقوياء الذين يمتلكون الكفاءة، والكفاية، ويتسَلَّحون بالإيمان، والشرف في الدفاع عن أوطانهم، ومقدراتها الغالية.
إنَّ الحفاظَ على هذه المؤسسة العظيمة الباسلة، والعمل على تنمية قدراتها، ورفع جاهزيتها لمن المحامد الحميدة، التي قام بها فخامةُ الرئيس عبد الفتاح السيسي- حفظه الله-، هذا الرجلُ الوطنيُّ الذي حافظ، ولم يفرطْ، وخاطر، ولم يبالِ بالمخاطر؛ فمبدأ حكمه مُعْلَنٌ؛ إذ يقوم على الكبرياءِ الوطنيّ، الذي لا يقبل القهرَ، أو الذُلَّ، ولا يقبل الدنيّةَ، أو الانهزامَ، أو الضيمَ، وتاريخ المؤسسة مُسَطَّرٌ بتشريفاتٍ، غير مسبوقةٍ، ولنا أن نفخر بها، ونحتفي بها جيلًا، تلو الأخر.
كل عامٍ، ومؤسستنا الشرطية في تقدمٍ، وازدهارٍ، وأضحت هذه التهنئة واجبة علينا تجاهها؛ إذ أنها تعمل على صناعة جيل من الرجال الشرفاء، الذين يدافعون عن الحق، ويدحرون الباطل، وينصرون المظلوم، ويعاقبون الظالم، ويؤمنون بقيم مجتمعهم، ويعززونها في النفوس؛ فلا نرى منهم إلا كل محبةٍ، وحنانٍ، وخدمةٍ متفانيةٍ لترابِ هذا الوطن الذي يستحق منا التضحية؛ فقد شهد لفدائيي الشرطة، وشجعانها العدوُّ قبل الحبيب، بل وقدَّم لهم التحيةَ العسكريةَ؛ إذعانًا ببطولاتهم، وإقبالهم؛ لنيل الشهادة، دون تقهقرٍ.
إنَّ ذكْرى شهداء الشرطة في قلوب المصريين لن تُنْسى؛ فقد قدَّمتْ رجالًا، قد نالوا شرف الشهادة، مدافعين عن البلاد، ومواجهين للإرهاب مع المؤسسة العسكرية العظيمة في ربوع الوطن؛ فقاموا بدحْر هذا الإرهابَ الذي لا يمت إلى الديانات السماوية بصلةٍ، والقضاء على مخططاته؛ وذلك بما يمتلكون من فكرٍ اسْتراتيجيّ، وتسليحٍ متقدمٍ، ومقدرة على الإقدام، بإيمان ويقين، وثقةٍ في نصر الله – عز وجل- فأيَّدَهم اللهُ – تعالى – بنصره، ووفقهم لما فيه صالحُ البلادِ، والعبادِ.
والحديثُ عن تلكم المؤسسة الوطنية الباسلة لا ينتهي؛ لكن نقدم برقيةَ تهنئةٍ في كل عام محمَّلةٍ بأمنياتٍ صادقة نابعة من القلبِ المُحِبِّ لوطنه بأن يحفظ اللهُ جنودنا، وأبطالنا في شتى الميادين، وأن يُسَدّدَ المولى – عز وجل – خطاهم، ومسعاهم في خدمة الوطن الحبيب، وأن يُسَدّدَ رمْيَتَهم، ويُدْحرَ عدُّوَهم في كافَّةِ الميادين، وأن يُديمَ عطاءهم لشعبٍ عظيمٍ يستحق الرعايةَ، والتقديرَ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر