كشف وباء “كورونا” العالم فصار هشاً متهالكاً .. تداعت سطوة العلم وتوارت الادعاءات واختفت لغة الإنجازات وقصائد مديح الذات في الدول الديموقراطية قبل الشمولية والغنية قبل الفقيرة .. لم تعد هناك قوي عظمي سياسيا أو اقتصادياً .. وأصبح النمو الاقتصادي والتفوق العلمي أساطير عند أول اختبار حقيقي بعيداً عن الأسلحة الفتاكة …
واحتجبت ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان وتساوت الأنظمة الشيوعية مع المتعددة الاحزاب بل إن الصين لم تخجل من المرض أو تخفيه كما فعل الاتحاد السوفيتي مثلاً في كارثة تشر نوبيل عام 1986 .. سلامة المليار صيني كانت نصب أعين الدولة سواء كان المصابون شيوخاً أو شباباً .. لم يفعلوا مثل إيطاليا وبريطانيا اللتان أصدرتا تعليمات لأنظمة التأمين الصحي بإعطاء الأولوية لإنقاذ من تكون فرصتهم في النجاة أفضل كما ذكرت الصحف الأوروبية مثل الجارديان وكورييري ديلا سييرا .. بمعني آخر ينال الشباب فرصة الحياة ويودعها كبار السن .. في الصين ذهب رئيسها إلي “ووهان” المدينة الأولي التي ظهر بها الوباء وقصد المستشفي الحكومي الذي يعالج أوائل المصابين واضعاً الكمامة علي وجهه ووقف مع الأطباء والعلماء يستمع إلي شرحهم في كل ما يتصل بالوباء ..فأهل مكه أدري بشعابها!
سأل ما مصدره! ما هي جزيئات جراثيمه وكيف تتغذي وتتكاثر .. ونبه إلي ضرورة إيجاد علاج له ولابد من اختراعه لإنقاذ الصينيين ثم البشرية جمعاء .. ثم فأجأنا دونالد ترامب أن بلاده وليست الصين هي أول من اكتشف مصلاً لهذا البلاء.. وبدا كما لو كان الأمر سباقاً للنزول علي سطح القمر في الستينيات أو القدرة علي الفتك بأكبر عدد من البشر لمصانع أسلحتهم .. وطبيعي أن تسارع الصين بالرد مؤكدة بالبراهين سعيها إلي اكتشاف مصل لإنقاذ أبنائها ثم العالم بعد ذلك .. وظهر وكأن الامر متعلقا بسمعة الدواء والعلم الأمريكي في مقابل أي اجتهاد آخر..
المسألة في العالم كله شرقه وغربه تتعلق باحترام الشعب وحقه بالمعرفة لاسيما عندما يتعلق الأمر بحياته مع عائلته وأطفاله .. من ثم فإن المصل سيكون من أي دولة سبقت إلي اكتشافه بغض النظر عما إذا كانت من الشمال أو الجنوب..
بصراحة أكثر المعرفة ستقدم العلاج وتقضي علي الخوف والخرافات .. وأذكر هنا مقولة للدكتور مصطفي محمود رحمه الله جاء فيها “إنه لو تعرض كافر ومؤمن للغرق فسينجو الذي يعرف السباحة!” … علمني هذا البلاء توقير الأنظمة التي تحترم حياة الإنسان حتي لو اختلفت معها سياسياً .. الحفاظ علي حياة الإنسان ينسحب تلقائياً علي الثقة بحكومته وحكامه ويعطي المسئولين رصيدا تاريخيا ربما يمحو كثيراً من الأخطاء السياسية والاقتصادية والتشريعية .. كانت مصر من أوائل الدول العربية والإفريقية في اتخاذ الإجراءات الاحترازية وكالعادة انتقدها كثيرون ممن تضرروا اقتصادياً وترفيهياً , لكن سيجئ يوم نجلس فيه معا شعبا وحكومة وأطباء وأطقم تمريض ونتذكر كيف واجهنا عدوا شرساً وانتصرنا بفضل الله بينما ركعت قوي عظمي كانت تتفاخر بسلطتها وسلطانها ..
لقد أشاد الرئيس ود.مصطفي مدبولي بالجهد المشكور الذي يبذله الأطباء وأطقم التمريض في مكافحة هذا الوباء والحقيقة أنهم يستحقون أكثر من التقدير لانهم علي نفس مستوي الشهداء الذين يضحون بأرواحهم دفاعاً عن الوطن العزيز الغالي .. جنود الجيش الأبيض أطباء وممرضين وعلماء في مجال البحث العلمي يستحقون أكثر من التشجيع اللفظي والمعنوي .. هذا الجيش الأبيض الذي يعتدي عليه المصريون بالضرب والسخرية وأحياناً بالسباب في المستشفيات العامة إذا ما توفي أحد الأقارب أو لم يجدوا سريرا في العناية المركزة يستحق تحسين ظروفهم المادية ومعاشاتهم النقابية ..خاصة أنهم يسعون للهجرة والعمل بالخارج بأعداد كبيرة ..
الجيش الأبيض بكل أفراده يتصدون نيابة عن المصريين لمخاطر العدوي وبالأخص فيروس الكورونا الذي اجتاح العديد من الدول و يقف الاطباء هم وعائلاتهم وذويهم في وجه الوحش ولايعرفون ماذا يخبيء لهم الغد وأحيانا يعملون بدون كمامات لنقص في توريدها .. لا أطلب من الدولة تطبيق نظام المخاطر الذي تطبقه بريطانيا وفرنسا علي الأطباء ولكن أطالب بالقليل .. فقد حصل ملائكة الرحمة علي بدل عدوي مرتين في التاريخ الأولي بقرار الرئيس عبدالناصر عام 1960 وكان 3 جنيهات ثم صدرت قرارات متتالية في عهدي الرئيسين الراحلين السادات ومبارك كان آخرها عام 1995 في وزارة د.عاطف صدقي برقم 2077 وتتراوح تلك الزيادة ما بين 19 جنيها إلي 30 جنيها ..
إن مطالب الأطباء تتلخص في شيئين زيادة بدل العدوي بقرار من الرئيس السيسي أو د.مدبولي برفع بدل العدوي مثلا إلي ألف جنيه أسوة بفئات أخري لا تتعرض لما يتعرض له أبناء وبنات الجيش الأبيض وذلك بالإضافة إلي رفع الحد الأدني لتكليف الأطباء إلي 3 آلاف جنيه وتطبيق معاشات وأوضاع شهداء الجيش والشرطة علي أطقم الأطباء والممرضين إذا توفوا نتيجة لعدوي أصابتهم أثناء تأدية عملهم..
صحيح أن جهد الأطباء وأطقم التمريض إنساني في المقام الأول وتنفيذاً لقسم ابقراط ولا يمكن أن يقدر بثمن إلا أن تقدير الرئيس والدولة لدورهم الهام سيضاعف من شعورهم وأسرهم بالأمان والانتماء لمصر المحروسة برعاية الله وإخلاص أبنائها من كافة طوائف الشعب وفي مقدمتهم قواتنا المسلحة الباسلة ورجال الشرطة وكل المنتمين للجيش الأبيض .. اجعلوا يوم الانتصار علي كورونا باذن الله عيدا للجيش الابيض بمبادرة كريمة من السيسي فهم يستحقون الكثير.. حفظ الله مصر..