كانت البلاد العربية لقرون عديدة وحتى انتهاء الحرب العالمية الأولى وحدة سياسية واقتصادية تنتقل فيها السلع والأموال دون اجراءات تحويل خارجى أو حواجز جمركية ، وكان الأفراد يتمتعون بحرية الاقامة والعمل وممارسة النشاط الاقتصادى أينما شاؤوا وحيثما رغبوا .
وتخصصت كل منطقة عربية بنوع من الانتاج سدت به حاجة الوطن العربى بأكمله .
ثم كانت التجزئة التى حولت الوطن العربى إلى وحدات اقتصادية صغيرة لا تقوى على إنتاج واسع ، فبقيت الدول العربية دولاً متخلفة اقتصادياً رغم وجود ثروات طبيعية وبشرية هائلة .
وكان ذلك سبباً من أسباب ضعفها عسكرياً . إن الحدود السياسية المصطنعة بين البلاد العربية تفقد بعض أو كل تلك الدول بعض أو كل المقومات الأساسية للدولة .
هناك دول غنية بمواردها المالية فقيرة بمواردها البشرية . وهناك العكس .
هناك دولاً لا تستطيع الاستمرار دون الدعم المالى من الخارج . وهناك دول أخرى ليست أكثر من رمل وشمس ونفط . وهذا الواقع جعل البلاد العربية فى حالة تنمية للدول الأجنبية . ومن مظاهر هذه التنمية : – ارتباط أهم ثروة عربية ، وهى النفط ، بالأسواق الخارجية للدول الصناعية هذه الثروة لم ترتبط أو تندمج بالاقتصاد المحلى بحيث تصبح المحرك الرئيسى للتنمية الاقتصادية فى العالم العربى وتحريره من التبعية للخارج .
- يعتمد كل قطر من الأقطار العربية على مادة اولية واحدة أو على عدد محدود من الموارد الأولية المتشابهة .
وهذا ما جعل الطابع المسيطر على اقتصادياتها هو التنافس فى إنتاج وتصدير هذه المواد وليس التكامل . - إن تجارة كل قطر من الأقطار العربية مع العالم الخارجى اوسع بكثير من تجارته مع الأقطار العربية بسبب تأخره الاقتصادى وتبعيته وعدم وجود صناعة قوية فى أى منها .
- إن المواصلات بكافة اشكالها قد صممت فى حينه لخدمة أغراض بعيدة جداً عن المصالح الاقتصادية العربية .
وتنعكس هذه المظاهر فى انخفاض نصيب الفرد فى الانتاج والدخل ، مما يترتب عليه انخفاض مستوى المعيشة وارتفاع معدلات البطالة المقنعة والظاهرة ، العرضية والدائمة .. وما يعنى ذلك كله من من إهدار لقدر كبير من الطاقة البشرية التى كان يمكن أن تكون ذات فاعلية أكبر لتطوير أسلوب الحياة والتقدم فى سلم الحضارة لو أحسن استغلال الموارد العربية وتوزيعها .
فهل أن لهذا العالم العربى أن يتأمل القوى المادية والمعنوية التى بين يديه وأن ينسق بينها لتتكامل ويشد بعضها أزر بعض بدلاً من أن تترك لهدر التجزئة؟ .
Fawzyfahmymohamed@yahoo.com