بعقل مصري مبدع وقلب مليء بالطموح، تنطلق مصر في رحلة جديدة نحو التقدم والازدهار، بينما تمتد يد الشراكة لتصل إلى الإمارات، في مشهد يرسم صورة جديدة للتعاون الإقليمي والاقتصادي. فقد وقّعت مصر على عقد تطوير مشروع “رأس الحكمة” بمساهمة إماراتية بلغت 150 مليار دولار، تجسدا لروح التضامن والتعاون بين الشعوب الشقيقة.
هذه الصفقة ليست مجرد اتفاق تجاري، بل هي رسالة قوية تحمل بين طياتها رغبة مشتركة في بناء مستقبل مشرق يعم بالازدهار والتقدم. مع ضخ استثمارات مباشرة بقيمة 35 مليار دولار في خزانة مصر خلال شهرين، تتحدث هذه الصفقة عن إرادة حقيقية في مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق النمو المستدام.
ومن المتوقع أن تترك هذه الخطوة بصمة إيجابية عميقة على المشهد السياسي والاقتصادي في مصر، حيث ستسهم في تحسين الظروف الاقتصادية وتعزيز الاستقرار. إنها بداية لفصل جديد من التعاون البناء بين الدول، حيث تتحد الجهود وتتبادل الخبرات نحو مستقبل أكثر إشراقاً وتقدماً.
وخلال مراسم توقيع عقد الشراكة التاريخي في العاصمة الإدارية الجديدة، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الصفقة التي تمثل “أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر”، تمت وفقاً للإطار القانوني الصارم للإستثمار في البلاد.
بموجب هذا الاتفاق البارز، تقدم الإمارات بمبادرة استثمارية قوية، حيث يتم ضخ 35 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد المصري خلال مدة قصيرة جدًا. يبرز هذا الإعلان الضخم ليس فقط التزام الإمارات بدعم تطور مصر الاقتصادي، بل يمثل أيضًا إشارة قوية إلى العلاقات الثنائية القوية بين البلدين.
ومن الجدير بالذكر أن الجانب الإماراتي سيبدأ بتحويل 15 مليار دولار في الأسبوع الأول، ومن بينها 10 مليارات دولار نقدية من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 5 مليارات دولار من الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري. إنها خطوة فاعلة تعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق الازدهار المشترك.
فيما يتعلق بالدفعة الثانية، التي من المقرر أن يتم سدادها بعد مرور شهرين، فإنها تشمل مبلغًا قدره 20 مليار دولار. هذا التحويل يتألف من 14 مليار دولار نقدية من مصادر خارجية، إلى جانب التنازل عن 6 مليارات دولار من الودائع الإماراتية المحتجزة لدى البنك المركزي المصري.
تُعد هذه الخطوة الإضافية مؤشرًا قويًا على التزام الإمارات بدعم الاقتصاد المصري وتعزيز الاستقرار المالي في البلاد. يعكس هذا الإجراء إستراتيجية متكاملة لتقديم الدعم المالي في الوقت المناسب، مما يساهم في تعزيز الثقة في السوق المصري وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء المصري أن حجم الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري يصل إلى حوالي 11 مليار دولار، وسيتم التخلي عنها في إطار استثمارات مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة. ولفت إلى أن حصة مصر من أرباح هذا المشروع الضخم في الساحل الشمالي تقدر بنحو 35 في المائة.
تعكس هذه التفاصيل الثقة الكبيرة والتزام الإمارات بدعم التنمية الاقتصادية في مصر، بينما تبرز الفرص الواعدة التي تتيحها هذه الاستثمارات لتحقيق التنمية والازدهار. إنها خطوة إبداعية وجديدة نحو بناء شراكة قوية ومستدامة بين البلدين، تحقق الفوائد المشتركة وتعزز التعاون الاقتصادي في المنطقة.
وفي إطار هذا السياق، أكد رئيس الوزراء المصري أن وجود الودائع داخل الدولة لا يعني استخدامها بشكل مباشر، نظرًا لأنها تمثل التزامات على الدولة المصرية ولا يمكن للدولة التصرف فيها مباشرة، إذ تُعتبر جزءًا من الدين الخارجي على الدولة. وأوضح أن هذا المبلغ سيُخصم من الدين الخارجي، مما يمنح البنك المركزي المصري سيولة مالية لمعالجة الأزمة الحالية فيما يتعلق بالنقد الأجنبي.
وأكد أيضًا على طبيعة مشروع مدينة رأس الحكمة باعتباره شراكة استثمارية، وليس بيعًا لأصول، وأنه سيتم تطوير المشروع في إطار مخطط متكامل لتنمية الساحل الشمالي بمدن ذكية. وأوضح أنه سيتم تأسيس شركة مصرية إماراتية مشتركة لتولي تطوير المشروع، حيث ستمثل الجانب المصري هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وأكد مدبولي على التزام مصر بتعويض أهالي محافظة مرسى مطروح بشكل نقدي وعيني، وذلك للمحافظة على حقوقهم وتسهيل عملية تنفيذ المشروع بشكل سلس ومنسق. وأوضح أن مدينة رأس الحكمة الجديدة ستشمل مساحة ضخمة تبلغ 170.8 مليون متر مربع، وستوفر فرص عمل واسعة النطاق، مما يعزز من الاقتصاد المحلي ويسهم في تحقيق طموحات التنمية.
فبفضل هذا المشروع الكبير، يمكن أن يتحقق حلم جذب عدد كبير من السياح إلى مصر، حيث يتوقع وصول 40 إلى 50 مليون سائح. وأضاف أن شركة أبوظبي القابضة ستقوم بتطوير مطار دولي جديد جنوب مدينة رأس الحكمة، وستتعاقد مع شركة أبوظبي للتنمية لتطوير المطار.
وتقع منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي لمصر، وهي تعد وجهة ساحلية مثيرة ومتنوعة تستقطب السياح والمستثمرين على حد سواء. هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في التنمية الساحلية ويعزز مكانة مصر كواحدة من أهم الوجهات السياحية والاستثمارية في المنطقة.
وعلى الجانب الآخر، أعلنت شركة “القابضة” الإماراتية (ADQ) عن خططها الجريئة للاستثمار في مصر بقيمة 35 مليار دولار، مما يمثل نقلة نوعية نحو تعزيز مكانة مدينة رأس الحكمة كوجهة سياحية بارزة ومركز مالي متميز على شواطئ البحر الأبيض المتوسط. هذه الخطوة الجريئة تأتي في سياق التزام الشركة بتعزيز النمو الاقتصادي والسياحي في مصر، وفقًا لتصريحات نقلتها الوكالة الإماراتية للأنباء.
وتتركز الجهود بشكل خاص على منطقة رأس الحكمة، التي تمتد على مساحة تفوق 170 مليون متر مربع، والتي ستشهد تطويرًا هائلًا لتصبح مدينة متكاملة من الجيل التالي. ستضم هذه المدينة تشكيلة متنوعة من المرافق السياحية، والمناطق الحرة، والمناطق الاستثمارية، إلى جانب فرص متعددة في المساكن والتجارة والترفيه، مع توفير وسائل متطورة للاتصال المحلي والدولي.
وعبر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة “القابضة”، محمد حسن السويدي، عن إصرار الشركة على تحويل رأس الحكمة إلى واحدة من أبرز الوجهات الساحلية الفاخرة والأكثر جاذبية في مصر، من خلال الاستثمار في مشاريع التطوير والبنية التحتية الحيوية، وبالتعاون الوثيق مع شركاء استراتيجيين مثل “مدن العقارية” و”مجموعة طلعت مصطفى”، بهدف تعزيز الاقتصاد المصري وتحقيق نقلة نوعية في البنية التحتية والاقتصادية للمنطقة.
عميد كلية الآداب جامعة قناة السويس