ثم..
في حضرة الشوق..
ما ذنب الشوارع التي تنقض عهد الظلام..
هم-عبثا-يقدمون قرابين الضوء..
وقلبك الجاحد غارق في العتمة..
كسحابة ضلت طريقها..
مهما رحلت، ظلت غريبة..
لا تسمن ولا تغني..
من يتحمل هكذا غريبا..
….وكله من طينة النكران؟!..
صورك الملونة..
آخر هذيان الناي لهذه الليلة..
أتقلبها جيدا..
أبحث عن وجهي..
عن ضحكة ضالة..
عن هلوسات حزن..
عن حمى القلق..
وعن..
عن لحن يبكي..
عن شيء يشبه الشمس..
ثم أدرك..
أن الصمت عاقل جدا..
وحده قلبي قد جُن..
منذ ألف عناد يقسم.. أنك ما زلت على قيد اللهفة..
في غربة المواسم..
كان قلبك عشي الشتوي..
أهرع إليه كلما لطمني البرد..
ماذا أفعل الآن، وقد صارت كل فصولي شتاء؟!..
كيف أقنعهم أني محتاج..
وجعابي هكذا تفيض..
كيف أقنعهم أني أعاني العجاف.. ووجهي مبلل بكل هذا الحزن..
في شرع المنافي..
لكل غدرة سبب..
إلا منفاي، ما زال مقتنعا أن السقوط في وحل انتظارك..
لا سبب له..
أغالط قلبي أحيانا..
أخادعه بحجة الغياب..
عساه ينام..
فيجلب النوم لعيني، ويتسلل هاربا..
تبا لهذه القيود المهترئة..
لا تكفي لتبقيه ها هنا..
نحن..
أعداء الكلام..
نفر من كثرة الأحاديث..
ننفر من تزاحم الأسئلة..
نحب أن نحتفظ بمشاعرنا قيد الكتمان..
سامح الله الوجع..
كل هذا العمر..
وما زال يصرخ، كما لو كان طفلا..
متى يبلغ هذا القطار محطة الفطام..
الغائبون، مهما ناشدهم الانتظار عودة..
ودقت أبوابهم اللهفة..
تظل الحجج غانية..
لا تعرف من اللغة إلا (هيت لكم)..
فلا قلوبهم يوسف..
ولا قلوبنا عادت تملك يقين يعقوب..
أربعون صبرا..
أربعون قبرا..
وأربعون فاجعة..
ألا تكفي كل هذه الديون لتفسد حماقة عنادك؟!..
كم تحتاجين من دلال يهش على تلك الصخرة بين ضلوعك..
يااااه..
قد يمضي ذلك العمر هدرا..
أنا أحلم بعصى موسى.. وقلبك يمضي مع آل فرعون..
ممتلئ بفكرة العمق..
لا أحب البقاء مع أولئك الذين يطفون على السطح..
إلا معك..
كم أتمنى لو عدت الآن إلى أعلى..
كم أتمنى الخروج من هذا السواد..
كم أكره البقاء في كل هذا الجحيم وحدي..
لكن عزائي الوحيد..
أني أتيت إلى هنا، لأكفر عن ذنب السقوط في وحلك..
فأعود بلا خطايا..
…..وتذهبي.. مملوءة بإثم قتلي..
غنِّ.. غنِّ كثيرا..
لا شيء يشعل ذاكرة المراثي سوى دمك النازف..
أنا يا سيدي منذ جرح أنزف..
فلماذا نامت الكلمات؟!..
هي يا ولدي، لم تنم..
كانت تغمض عينيها..
وقلب الحزن يقظان..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..