ما جرى في سوريا ومازال يجري حتى الآن.. أبعد كثيرا عن مجرد تغيير نظام وإحلال نظام بل إنما يعكس ظاهرة غير متوقعة .. هي ظاهرة تبييض وجه نظام داعش الذي طالما عانوا منه في سوريا وفي العراق.. وفي ليبيا بل وفي دول أوروبا وأمريكا ذاتها..!
***
الحاكم الجديد أحمد الشرع.. أو الأستاذ الجولاني احتل قصر الشعب الشهير في العاصمة دمشق واتخذ بداخله مقرا لإقامته وديوان حكمه في آنٍ واحد وها هو الآن يستقبل الوفود من الشرق والغرب ومن العرب والعجم وهو رابط الجأش تبدو عليه علامات الحضارة والمدنية وهي علامات لم تكن معروفة من قبل عن تنظيم داعش وكافة التنظيمات الإرهابية الأخرى.
مثلا.. استقبل أمس وفدا على أعلى مستوى من ليبيا وأخذ يتبادل مع أعضاء الوفد كلاما هادئا ناعما ينم عن الرغبة الحقيقية في إقامة روابط متصلة..
***
على الجانب المقابل يصدر الجولاني بين كل ساعة وأخرى قرارات يتركز معظمها على محاسبة من يصفهم بفلول النظام السابق وهو وصف سبق أن استخدمه الإخوان المسلمون كثيرا عندما سيطروا على مقاليد الحكم في مصر .
المهم.. في ظل هذه القرارات تجري مطاردة تلك الفلول ويتم إلقاء القبض عليهم وتحذيرهم ليس هذا فحسب بل من لا يلتزم بتنفيذ القرارات سيكون عرضة للحساب والحساب العسير.
***
تصوروا.. الذي كان مطلوبا بالأمس بالكف عن العنف هو الذي يجيء اليوم ليطلب بنفسه ما كان يفرض عليه بالأمس..
إنها.. ظاهرة كما قلت فريدة من نوعها حتى الآن خصوصا وأن أمريكا تبدو سعيدة بالجولاني وكذلك إسرائيل التي أشار أحد مسئولي النظام الجديد إلى أن المصلحة تقتضي التعايش معها وليس العكس..
في نفس الوقت فرضت الحكومة الجديدة قيودا على تنقلات الروس داخل البلاد بل حاصرت قواته القاعدة الحربية الروسية الموجودة في حماة ومنعت الخروج منها والدخول إليها إلا بأوامر عليا.. يعني المحصلة النهائية أن الحكم الجديد في سوريا لم يكن يقام بهذه السلاسة وذلك التنظيم الدقيق إلا بمساعدة الأمريكان والإسرائيليين..
ذلك ما تعكسه الدلائل والبراهين والأشكال والمظاهر اللهم إلا إذا أتت الأيام بما يؤكد العكس أو قرب العكس..
***
ثم..ثم.. فإن حكام سوريا الجدد لا يشغلون بالهم بالفلسطينيين في غزة ولا ما يوجهه الإٍسرائيليون من ضربات ضد الحوثيين في اليمن بل ها هو سفاح القرن بنيامين نتنياهو مازال على غيه وضلاله حيث يقتل الأطفال والنساء ويسجن الأطباء والممرضين والممرضات بل وصل به الهوس والجنون إلى حد دفن الأطفال أحياء داخل الثلاجات حتى يتوقفوا عن البكاء والصراخ قبل أن تخرج أرواحهم إلى بارئها أما بالنسبة للحوثيين فإن حماسهم الذي بدوا عليه منذ شهور مضت ليس هو نفس الحماس الآن فلم يعودوا يتحدثون عن ضرب السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية بعد الهجمات العنيفة المتكررة ضدهم من جانب الإرهابي الأكبر بنيامين نتنياهو.
***
في النهاية تبقى كلمة:
يخطئ أبلغ الخطأ من يتعامل مع هذه التطورات المتلاحقة بتهاون أو بعدم اكتراث؛ لأن الحكاية تزداد تعقيدا أكثر من ذي قبل.
والأيام بيننا..
***
و..و..شكرا