يحل شهر يناير من كل عام حاملا إلينا ذكرى ميلاد ورحيل إحسان عبد القدوس, حيث ولد فى أول أيامه من عام 1919, وغاب فى الحادى عشر من نفس الشهر- بعد 71 عاما- سنة 1990 , ومابين الميلاد والرحيل كانت رحلة طويلة من الكتابات التى أثارت المتاعب والجدل والتهم حول أدبه على حد قوله:” لقد جلبت لى هذه القصص من المتاعب قدر ما جلبته لى كتاباتى فى المواضيع السياسية والوطنية, وأثارت حولى من الجدل والتهم قدر ما أثارته قضية الأسلحة, وكان يمكننى تجنب كل هذا لو أنى رفعت من كل قصة بضعة سطور , ولكنى رفضت أن ينزع سطر واحد برضاى”.
ومنذ أن أصدر كتابه القصصى الأول” صانع الحب” عام 1948 قبل بلوغه الثلاثين من عمره حتى وفاته, لم يتوقف يوما عن طرق المواضيع الشائكة فى قصصه ورواياته, التى مالبثت أن تلقفتها السينما ومن بعدها الدراما التليفزيونية, لتصبح عناوين أعماله علامات فى وجدان الناس عبر أعمال شديدة الجماهيرية والتأثير مثل:” لاأنام” ,و”فى بيتنا رجل”, و”الوسادة الخالية”, و”النظارة السوداء”, و”أنف وثلاث عيون”, و”لاتطفىء الشمس”, و”أنا حرة”,وأنا حرة”, و”بئر الحرمان”, و”الرصاصة لاتزال فى جيبى”, و”لن أعيش فى جلباب أبى”, و”العذراء والشعر الأبيض” وغيرها.
ويعترف إحسان عبد القدوس فى أحد حواراته الصحفية بأنه كتب أكثر من ستمائة قصة, ولايمكن أن يكون بطلها كلها بحكم الواقع الزمنى الذى تستغرقه أحداث كل قصة بالقياس إلى العمر الذى عاشه كإنسان, مؤكدا أن البطل الحقيقى لكل قصصه هو المجتمع الذى وقف يطل عليه, ويسجل بقلمه فى صراحة وصدق ماكان يعانيه من أمراض, مؤكدا أيضا أن القصص التى كتبها كانت دراسة صادقة جريئة لعيوب المجتمع التى قد يجهلها البعض, ويعرفها الكثيرون, هذه العيوب تحتاج إلى جرأة من الكاتب حتى يتحمل مواجهة الناس بها.
يغرق الشرق الأوسط فى قاع سحيق من الصراع يبدو أن لانهاية قريبة له, ويفرض الصراع فرضا على دول المنطقة ربما استغلالا لما حدث فى السابع من أكتوبر أو استكمالا له! إن الحضور العسكرى الأمريكى فى كل جنبات الشرق الأوسط ليس إلا دليلا وبرهانا على وجود مخطط يتجاوز فى أهدافه الطرح الساذج بأن واشنطن حضرت عسكرياإلى المنطقة لدعم إسرائيل وردع خصومها, ولقد وضعت إسرائيل أهدافا غير واقعية لحربها ضد حماس فى قطاع غزة بما لايجعل لهذه الحرب نهاية, ثم انطلقت فى عدوان جديد على لبنان قاصدة حزب الله, ثم سوريا وفى نفس الوقت استهدفت جماعة الحوثى فى اليمن, أما الهدف الثمين وهى إيران فتتعامل إسرائيل معها بأسلوب الضربات المتقطعة انتظارا لإشارة ما للقيام بالضربة القاصمة, يحدث كل ذلك فيما الجميع بالإقليم مكتف بالفرجة ومتابعة كرة الناروهى تتدحرج من مكان لاخرانتظارا لنهاية اللعبة, وظهور النظام الجديد, ومن ثم إعادة الانخراط مجددا.إن اسرائيل ليست حملا وديعا محاطا بالأشرار كما تروج, وإنما هى ذئب جائع يرى الجميع فريسة, ولكن بميعاد, ومن ثم فإن الحل العاجل هو فى إطلاق حوار استراتيجى ربما يجنب المنطقة المخطط المرسوم.
مصر مستهدفة إن لم تكن أول المستهدفين والمطلوبين عند بداية إعادة ترسيم إقليم الشرق الأوسط بأحداث يناير 2011, والخروج من الأزمة, والوصول إلى بر الأمان لايعنى أنه تم التغاضى عن استكمال المخطط, بل زاد الرهان عليه فى ضوء ماحدث من تغييرات وتطورات غير مسبوقة, تمهد الطريق, وتزيل ماكان صعبا وعصيا من العوائق, وهو مايضع الشعب أمام مسئولياته ووطنيته فى الحفاظ على الدولة, ومساعدتها على مواصلة العبور إلى جمهورية جديدة مختلفة فى كل شىء, وليس مطلوبا أكثر من كشف الألاعيب, وعدم الانسياق وراء عدو مابين معلن وخفى, يحاول أن يستغل الظروف الاقتصادية الصعبة بخبث شديد, ولكنهم نسوا أنهم يخاطبون شعبا ناضجا يرى الأمور على وجهها الصحيح لا المغلف بسم قاتل يزيد معه الاصرار على الصبر والتحمل حتىتؤتى النهضة ثمارها المرجوة.
تنتشر فى سوريا تسع قواعد أمريكية الأولى فى منطقة التنف بريف حمص الشرقى, وإثنتان فى ريف دير الزور , و6 فى محافظة الحسكة, وأقر الجيش الأمريكى بأن لديه 2000جندى على الأرض فى سوريا وهو ضعف العدد الذى كان يذكره فى السابق.
ماذا نقول عندما تدعو الولايات المتحدة العالم إلى الاستيقاظ بشأن الحرب السودانية, محذرة من أن السودان تواجه أخطر مجاعة فى العالم منذ 40 عاما, حيث يواجه الجميع كارثة مع اتهام الأطراف المتحبة باستخدام عدم وصول الغذاء كسلاح فى الحرب. قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد نحتاج إلى أن يستيقظ العالم على كارثة التى تحدث أمام أعيننا, وأضافت أنه يمكن أن تصبح المجاعة فى السودان أكثر فتكا, وأضافت لقد رأينا توقعات الوفاة التى تقدر بما يزيد على 2,5مليون شخص, نحو 15% من السكان فى دارفور وكردفان المناطق الأكثر تضررا, ووصفت المسئولة الأمريكية بأنها أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض وهم تحت حصار الدعم السريع.
العالم ينتظر بقلق بالغ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض, ولا أحد يعرف كيف سيسكت الحروب الدائرة فى أوروبا والشرق الأوسط كما وعد خلال حملته