قررت مؤخرا مقاطعة التليفزيون نهائيا أخبرت زوجتي بذلك ففرحت جدا حيث كثيرا ماكانت تتهم التليفزيون بأنه ياخذني منها وأنه لا يعطيني فرصة للكلام معها وقد حاولت معي كثيرا لتقنعني بأن نعود لسماع الراديو زي زمان. قلت لها:خلاص ياستي الحمدلله أديني فضتلك وهاتي الراديو نسمعلنا أغنية رومانسية ولا حاجة تطلعنا من المود الوحش ده، ففرحت جدا وأسرعت تأتي بالراديو وبمجرد تشغيله سمعنا صوت هاني شاكر في أغنية قديمة يقول فيها»سمعني صوتك كفاية أحس إنك ويايا،ناخد وندي في الكلام وأهي حاجة منك أهي حاجة منك والسلام»!!ياساتر يارب ماهذا الفأل السيئ،ألهذه الدرجة ممكن أن تصل العلاقة بين المحبين؟!هكذا سألت نفسي التي ردت عليّ وهي تطمئنني:لا يارجل إطمئن لعلها فقط مبالغة من الشاعر صلاح فايز. نظرت لزوجتي فوجدتها بدأت تنتبه للكلمات وتذكرت أنها كثيرا ماكانت تردد هذه الأغنية في بداية سنوات الزواج وعلي مايبدو أنها كانت تتمتع برؤية مستقبلية لمصير العلاقة الزوجية التي تصل في مرحلة ما إلي مرحلة الخرس الزوجي حيث توقف اللسان عن الكلام خاصة لسان الرجل طبعا !.
قلت لزوجتي:شوفيلنا ياشيخة أغنية غير دي فإذا بملك العود فريد الأطرش يغني: إسمع لما أقولك. فتفاءلت واستبشرت خيرا بمطلع الأغنية فها نحن أمام رجل يريد أن يتكلم ويبوح بما في قلبه ليؤكد لنا كذب نظرية هاني شاكر ففوجئت بالرجل يتراجع قائلا:ولا أقولك مش حاقولك مانت عارف ياحبيبي قصدي إيه من غير ماقولك!!،فقالت زوجتي:إيه شغل العيال ده وكيف لهذه المسكينة أن تثق في هذا الرجل مرة أخري وهو الذي من الواضح أنه مكسل حتي يقولها كلمتين حلوين ألا يدرك هذا الرجل أن الست من دول تحب أن تسمع من حبيبها حتي لو كانت عارفة ماذا سيقول لها؟ طلبت من زوجتي ألا تتسرع في الحكم قبل أن نسمع بقية كلمات الأغنية فوجدت أن شاعرنا الكبير مرسي جميل عزيز ورط هذا الرجل ورطة كبيرة في الكوبليه التالي حيث قال علي لسانه:ياحياة قلبي يا أول حب أصادفه كل شيئ في عنيا باين وانت شايفه وإللي جوه جوه قلبي انت عارفه،فقالت زوجتي بصوت جهوري كما لو كانت محامية تترافع امام هيئة محكمة مدافعة عن ضحية: الرجل هنا يعترف دون أن يدري بأنها أول حب ولم يقل أنها حبه الأخير وهو مايعني أن هناك ثاني وثالث حب وربما رابع وعاشر، ورغم ذلك لم يحاول حتي أن يفك لسانه بكلمتين لعلها لا تنتبه لمعني كلامه وراح يؤكد كسله وزهده في الكلام قائلا:انت حاسس باللي بيا انت أقرب مني ليا بس برضه عايز أقولك، ولعلها في هذه اللحظة زغرطت بينها وبين نفسها قائلة لها: أخيرا أهو حاينطق فإذا به يعود لشغل العيال من جديد قائلا: ولا أقولك مش حاقولك. ثم يختم كلامه بسؤال ساذج: دا الهنا مستني همسة انت فاهم ولا لسه؟! لا أدري ماذا يريد الرجل من حبيبته أن تفهم في ظل كل هذا البخل.في تلك اللحظة أوشكت زوجتي أن تعلق علي كلمات الأغنية فقلت لها:باقولك إيه ماتزعليش نفسك واضح أن حتي الراديو ماعدش فيه فايده قومي شغليلنا التكيف وخلينا ندخل ننام فضربت علي صدرها قائلة:تكييف إيه ياراجل إللي عايز تنام فيه انت عارف الفاتورة جات كام الشهر ده؟ ثم أغلقت الراديو وهي تنسحب قائلة أنا قايمة أنام مع البنات خليك انت في الصالة اتفرج علي التليفزيون أحسن!