“كان الإسلام حقيقة تاريخية مجيدة في عقل جمال عبدالناصر”. هذا ماقاله الكاتب الفرنسي “جورج فوشيه” في كتابه “جمال عبدالناصر وصحبه” ص34.
والرسول عليه الصلاة والسلام هو القدوة والأسوة الحسنة والمثل الأعلي للزعيم الخالد جمال عبدالناصر كما أورده الكاتب البريطاني “ديزموند ستيورات” ص111.. في كتابه “ثورة ناصر” بترجمة زكريا حسن.. حيث سأل “ستيورات” الزعيم عبدالناصر عن أهم الشخصيات العظيمة التي أثرت فيه. واتخذها مثلاً له منذ أيام صباه؟
كانت اجابة عبدالناصر: لقد كانت شخصية الرسول “محمد بن عبدالله” أعظم الشخصيات جميعاً. فالرسول عليه الصلاة والسلام هو القائد والزعيم والمجاهد الذي جاهد كثيراً من أجل اخراج الشعب العربي من الظلمات إلي النور. فضلاً عنه أنه جمع شملهم ووحد كلمتهم حول مبدأ وشرعية. بالإضافة إلي أنه تعلم منه فضيلة الصبر والكفاح.
وقد أكد ذلك أيضاً “جورج فوشيه” في كتابه السابق ص49. “أن الرسول محمد” كان مثلاً وقدوة لعبدالناصر. لأن الرسول عليه الصلاة والسلام تمكن بعد عشرين عاماً فقط من بدء رسالته من إرساء قواعد النظام والعدل حسبما كان عبدالناصر يذكر دائماً.
ولأن الرسول عليه الصلاة والسلام القدوة والمثل الأعلي لعبدالناصر في عهده أحيا مشروع “إحياء أمهات كتب السُّنة” بتحقيقه وطبعه ونشره عن المجلس الأعلي للشئون الإسلامية الذي أنشأه عام 1960. وكان هذا المشروع قد أخذ به علي عاتقه شيخ محققي التراث الإسلامي فضيلة الشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد ليقوم به ويعمل له منذ عام 1926 ولم تتحقق أمنيته وتكلل جهوده بنجاح بعد معاناة ومحاولاته مع حكومات وشيوخ الأزهر قبل ثورة عبدالناصر عام 1952 إلا في عصر عبدالناصر كما ذكر الشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد في مقاله “جهود الرئيس البطل في إحياء أمهات كتب السُّنة” في كتاب “بطل العروبة والإسلام جمال عبدالناصر” فيقول في ص20 و21: “وإن أنس فلن أنسي أنني منذ 1926 اتقدم إلي شيوخ الأزهر واحداً فواحداً. وأحياناً إلي رؤساء الحكومة فأعرض عليهم مشروع إحياء أمهات كتب السنة. وأشرح لكل منهم أبعاد المشروع وثمراته. فيرونه عملاً مبروراً واجب الأداء ثم بعد قليل يعتذرون بأن “الميزانية لا تسمح” واصطبرت علي مرارة وكنت أقص في بعض مجالسي قصة هذه المحاولات وفي ذات يوم اتصل بي السكرتير العام للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية “الذي أنشأه الرئيس جمال عبدالناصر عام 1960” وطلب مني مقابلته. فلما تلاقينا سألني عن هذا المشروع فحدثته بعض حديثه.
فقال: إن المجلس الأعلي يريد أن يضطلع بهذا العمل فاكتب لنا مذكرة موجزة عنه. وسم اللجنة التي تري أنها تعمل معك فقلت: وهل عندكم مال أو أن هذا تمهيد حتي تصدر “الميزانية الجديدة”؟ فقال: إن رئيس الجمهورية قد منح هذا المجلس من “الامكانيات” ما يجعله قادراً علي البدء من الغد. فما كان أشد عجبي من هذه الكلمات اليسيرة التي تتضمن معاني كثيرة وبعض هذه المعاني الكثيرة يرجع إلي رئيس الجمهورية الذي وضع ثقته كاملة في السكرتير العام للمجلس الأعلي ومنحه من “الامكانيات” ما عجز عنه رؤساء الحكومات في العصور الغابرة. ما يجعله قادراً علي الدخول في مشروع لا يتم إلا بعد زمن طويل وبعد تكليف الدولة أموالاً عجز رؤساء الحكومات في العهود الغابرة أن يعطوا بها موعداً فضلاً عن أن يشرعوا في العمل. وأيقنت ــ بما عندي من إيمان بالله تعالي وثقة بما جرت به عادته مع المخلصين من عباده ــ أن الله سيكلل هذا العمل بالنجاح الفائق وأنه جلت قدرته سيجعل ثمرة هذا العمل دانية القطوف وأظن أن بوادر ذلك الأمل قد لاحت منذ عهد بعيد”.
ثم يقر الشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد معترفاً بفضل الزعيم جمال عبدالناصر في سبيل مشروع “إحياء أمهات كتب السنة” فيثني مترحماً علي عبدالناصر قائلاً: “ويرحم الله الرئيس جمال عبدالناصر الذي كان هذا العمل أثراً من آثار تفكيره وتقديره وثقته آمين”.