تأخذ مصر بعين الاعتبار والحذر في نفس الوقت التغير الأخير الذي طرأ علي الموقف الإثيوبي تجاه مفاوضات سد النهضة والتي شهدت تعثرا وتعنتا كبيرا طوال السنوات الماضية ولم تبد خلالها إثيوبيا أي مرونة لتقريب وجهات النظر لحفظ حقوق دولتي المصب مصر والسودان في مياه النيل وعدم تأثرها من بناء سد النهضة الإثيوبي ..
والتطور الأخير هو قرار البرلمان الإثيوبي مناقشة مشروع قرار يطالب باتخاذ موقف عادل في مفاوضات سد النهضة بما يحفظ حقوق مصر وإثيوبيا والسودان خاصة بعد قيام الولايات المتحدة الامريكية بخفض المساعدات الخارجية لأديس أبابا بنحو 100 مليون دولار بعد إعلان فشل مفاوضات سد النهضة رسمياً في 28 أغسطس الماضي وتمسك كل طرف من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا بمطالبه وجمود الموقف طيلة تلك الفترة ..
واتخذت واشنطن قرار خفض المساعدات رداً على التعنت الإثيوبي في هذا الملف الحساس ..
وجاء الموقف الإثيوبي الجديد بعد أكثر من شهر على إعلان مصر رسمياً عدم التوافق بين الدول الثلاث حول العديد من النقاط القانونية والفنية ..
ورغم ان الأمور تبدو مبشرة الا ان الجانب المصري تحفظ على هذا التغير الإثيوبي وهو أمر منطقي لأن إثيوبيا وعدت كثيرا بتغيير موقفها وإبداء مرونة في المفاوضات عبر وسائل الإعلام المختلفة، لكنها عاودت في كل مرة التعنت خلال الاجتماعات الرسمية متمسكة بشروطها التي تضر بمصالح مصر والسودان ..
ولكن الكثيرون يرون أن إثيوبيا ستكون مجبرة علي تغيير موقفها ومن بين هؤلاء وزير الري الأسبق الدكتور محمد نصر علام مشيرا الي ان الضغوط الأميركية و قرار واشنطن بخفض المساعدات يعتبر “قرصة ودن ” لإثيوبيا بهدف الوصول لاتفاق يحفظ حقوق الدول الثلاث المهمة لواشنطن سياسياً واستراتيجياً ..
ويري ايضا أن ملف السد قد يحل ضمن ملفات أخرى في المنطقة ترغب أمريكا في حسمها ولتثبيت أركان الاستقرار في المنطقة الحيوية والمهمة للعالم .. مضيفاً أن “ما يعزز ذلك هو أن البرلمان الإثيوبي صاحب الولاية على الحكومة هو من سيناقش الملف ويطالبها بالتوصل لاتفاق عادل حرصا على استمرار المساعدات الأميركية .. وهو ماجعله متفائلا و يتوقع أن تتوصل الدول الثلاث لاتفاق يتعلق بالملء والتشغيل وفق الشروط المصرية .. لأنها عادلة ومنصفة تحفظ لإثيوبيا حقها في التنمية وتوليد الكهرباء وتحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان ..
و ترى إثيوبيا أن سد النهضة ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية .. و تراه مصر يشكل تهديداً حيوياً لها إذ يعتبر نهر النيل مصدراً لأكثر من 95% من مياه الري والشرب في البلاد .. وستكشف الأيام القادمة اذا كان ماحدث تحركا إيجابيا أم مناورة إثيوبية جديدة ؟!
Hananghanem44@yahoo.com