أن أهمية المشروعات القومية في مصر، وخاصة في الفترة الحالية والمستقبلية التي يقع على عاتقها تنمية المجتمع باعتبار المشروعات القومية قاطرة التنمية، إن أهم ما يميز المشروعات العملاقة هو شمولها واتساعها، وانتشارها في مختلف أرجاء الوطن. في شمال الوادي وجنوبه وفي شرق البلاد وغربها ، لذلك يأتي مشروع الفيروز للاستزراع السمكي غرب بورسعيد، والاستزراع بشرق التفريعة، أحد المشروعات التابعة للشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية التابعة لجهاز الخدمة الوطنية.
وكان قرار جمهوري صدر في أغسطس 2016 بتخصيص مساحة 1075 فداناً من الأراضي المملوكة للدولة بجهة مثلث الديبة غرب بورسعيد لاستخدامها في مشروعات الاستزراع السمكي، كما تم تخصيص 117 ألف فدان بشرق بورسعيد لاستغلالها في الاستزراع السمكي البحري. ويساهم المشروع العملاق كذلك بقيمة مضافة ضخمة في تنمية منطقة قناة السويس وشبه جزيرة سيناء وذلك بإنشاء مجتمعات صناعية وعمرانية جديدة بها،
حيث يوفر المشروع ١٠ آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في العديد من المهن والتخصصات في هذا المجال، كما يهدف لتقليص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك وتحقيق الاكتفاء الذاتي والحد من الاستيراد، ويزيد من فرص التصدير إلى الأسواق العربية والأوروبية مما يوفر العملة الصعبة ويدعم الاقتصاد الوطني.
ويتضمن مشروع الاستزراع السمكي المزمع افتتاحه الفيروز عدد 41 حوضاً لتربية الأسماك البحرية، بطاقة انتاجيه 250 طناً وعدد 20 حوض جمبري بطاقة إنتاجية 100 طن على مساحة 107 أفدنة مرحلة أولى، بإجمالي عدد 61 حوضاً بتكلفه 300 مليون جنيه. ويسهم هذا بصورة أو بأخرى في تحقيق التوازن الاقتصادي، وإرساء قواعد العدالة الاجتماعية بمفهومها الشامل ومن ثم تقليص نسبة البطالة والفقر، ويسهم على المديين القصير والطويل في اعادة توزيع السكان على امتداد سلسلة من المدن الجديدة في كافة مناطق الجمهورية ، نفذت الدولة المصرية على مدار السنوات الماضية، خطة كبرى لتطوير شبكة الطرق في مختلف ربوع مصر، حيث شهدت مصر نهضة على مستوى البناء لكافة الطرق والكباري، استطاعت أن تغير شكل الخريطة المصرية.
وساهم تطوير شبكة الطرق في تحقيق التنمية بمعدلات عالية على الأراضي المصرية، حيث ساهمت عمليات التطوير في إحداث نهضة تنموية كبيرة وجذب مزيد من المستثمرين وتشجيع جذب الاستثمارات الخارجية، كما حصلت تلك المشاريع على إشادات من كبار الاقتصاديين العالميين، لما تسهم به في التنمية.
- حجم الاستثمارات التي تم تنفيذها بالمشروعات القومية للطرق والكباري خلال الـ6 سنوات الماضية بلغت نحو 305 مليارات جنيه، استحوذت شبكة الطرق القومية الجديدة على النصيب الأكبر من حجم الأعمال الاستثمارية بإجمالي 175 مليار جنيه، فيما بلغ حجم الاستثمارات بمشروعات محاور الكباري على النيل والبالغة 21 كوبرى جديدا نحو 30 مليار جنيه. – وقامت الدولة بإنشاء ما يقرب من 600 كوبرى ونفق أعلى مزلقانات السكك الحديدية على مستوى الدولة بتكلفة بلغت 85 مليار جنيه.
كما تم تنفيذ مشروعات ضخمة لتطوير وصيانة ورفع كفاءة 5000 كم من شبكة الطرق القديمة بتكلفة استثمارية بلغت 15 مليار جنيه، والتخطيط لتنفيذ المشروع القومي للطرق بإجمالي أطوال 7000 كم بتكلفة 175 مليار جنيه، وبلغ إجمالي الأطوال المنفذة بالمرحلتين الأولى والثانية من الشبكة القومية الجديدة للطرق 4500 كيلومتر.
وفى سيناء وفى الساحل الشمالي وما حولهما . وإذا كانت هذه المشروعات في مجملها تشكل الأساس المتين لانطلاقة تنموية شاملة في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية وغيرها ، فإنها تبعث على الأمل في غد أفضل يضمن الحياة الكريمة لكل مواطن ، وتحفظ في ذات الوقت الحق في التنمية للأجيال القادمة .
فإن المشروع القومي هو ذلك المشروع الذي يؤدي إلى حشد جهود الجميع ويستفيد منه الجميع، فالشعب هو الذي ينفذه وهو الذي يستفيد منه أي أن الشعب هو أداة التنمية ووسيلتها ،وهو هدف التنمية وهذه هي أهمية أي مشروع قومي يمكن تنفيذه ،كما يساعد المشروع القومي على التخلص من حالة الاستقطاب والانقسام نظرا لما يؤدي إليه من تضافر جهود الجميع وتنفيذه والاستفادة من آثاره الإيجابية ،
كذلك فإن الحشد والتوحد يكون مطلوبا للتغلب على الصعوبات والعقبات التي تعترض أي مشروع قومي سواء كانت هذه الصعوبات تتعلق بالتنفيذ أو التمويل أو تحدي الزمن، ويقصد بذلك ان الزمن أو عنصر التوقيت يمثل تحديا هاما لأن المطلوب تنفيذ المشروع القومي في أقل فترة زمنية ممكنة وبأكبر درجة من الإتقان،
ولذلك فإن تخفيض الفترة الزمنية المخصصة لأعمال الحفر بالنسبة لمشروع قناة السويس من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة وتحقيق ذلك فعليا يمثل استجابة ناجحة لهذه الصعوبة المتعلقة بالزمن، وبذلك يؤدي المشروع القومي إلى التحول من التجزئة والانقسام إلى الحشد والتوحد.
إن المشروعات القومية الأولى للدولة التي تبنّيها في المرحلة الحالية هي تطوير التعليم الأساسي وتطوير الخدمات الصحية ورفع أمن وسلامة الطرق، يجب أن تتخذ من الإنسان سلامته وعقله وصحته وسائر مقومات التنمية البشرية هدفا أسمى وأولوية عاجلة.
إن مصر تحتاج في الفترة القادمة إلى أكثر من مشروع قومي وخصوصا في أطراف الوطن أو مناطقه الحدودية، حيث تعتبر هذه المناطق إضافة إلى أهميتها الاقتصادية ذات أهمية استراتيجية وتؤثر إلى حد كبير على الأمن القومي المصري، ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى تنمية سيناء سكانيا، وزراعيا، وسياحيا، وصناعيا، وهي ذات صلة وثيقة بأمن مصر القومي في الشمال الشرقي،
فضلا عن تنمية حلايب وشلاتين في أقصى جنوب الوطن واستغلال ثرواتها وقدراتها السياحية الواعدة والصناعات البيئية، إضافة إلى تنمية المنطقة الغربية من الوطن واستصلاح مساحات من الأراضي تستخدم في زراعة محاصيل ذات أهمية استراتيجية حيث يمكن أن تتحول هذه المناطق المختلفة بإرادة شعب مصر العظيم إلى مشروعات قومية تسهم في صناعة مستقبل مصر وشعبها وتحويل الآمال والطموحات إلى واقع عملي تحتل من خلاله مصر ما تستحقه من مكانة اقتصادية وسياسية في عالم اليوم.
لو تكلمنا عن ابرز المشروعات القومية وحجم استثماراتها خلال عام 2021كالتالى:
- تبذل الدولة جهود تنموية اقتصادية واجتماعية مهمة، لتشمل جميع محافظات الجمهورية. – الدولة تبذل قصارى جهدها في تنفيذ المشروعات التنموية المختلفة، وذلك في إطار عملية التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة المصرية منذ تولى الرئيس السيسي.
- رصدت الدولة حجم استثمارات لتنفيذ 25 مشروعا قوميا كبيرا بنحو 164 مليار جنيه في عام 20/2021، لتكون لها تأثيرات تنموية اقتصادية واجتماعية مهمة، لتشمل جميع محافظات الجمهورية، ومن ضمنها:
- المشروع القومي للإسكان الاجتماعي بحجم استثمارات 21 مليار جنيه.
- مشروع تنمية محور قناة السويس بحجم استثمارات تبلغ 19.9 مليار جنيه.
- مشروع شبكة الطرق القومية بقيمة 16.9 مليار جنيه
- مشروع التأمين الصحي الشامل باستثمارات قدرها 4 مليارات جنيه.
- مشروع تطوير شبكة السكك الحديدية بـ13.9 مليار جنيه.
- مشروع تطوير وتوسعة شبكة مترو الأنفاق بـ12.3 مليار جنيه.
- مشروع التحول الرقمي والبنية المعلوماتية باستثمارات 11.7 مليار جنيه.
- مشروع تطوير المناطق العشوائية بقيمة 10 مليارات جنيه
- مشروع الإسكان الاجتماعي يهدف إتاحة وحدات سكنية تناسب كافة مستويات الدخل وتوفير حياة ملائمة للمواطنين في 26 محافظة، لإنشاء نحو 220 ألف وحدة من وحدات الإسكان الاجتماعي خلال عام 20/21.
- مشروع تنمية محور قناة السويس فإن الدولة تستهدف الاستفادة من الإمكانيات الهائلة لقناة السويس من خلال إنشاء مركز لوجستي عالمي في محور القناة، وبحيث يؤهل المنطقة لأن تكون مركزًا عالميًا متميزًا في الخدمات البحرية واللوجستية والصناعية والسياحية، وأن تشارك المنطقة بفعالية في تشكيل معالم التجارة الخارجية العالمية، وتستهدف تطوير الأراضي الواقعة في منطقة القناة، فأنه مستهدف خلال عام 20/21 أن يصل قيمة ناتج قناة السويس بالأسعار الجارية إلى 18.8 مليار جنيه.
- مشروع شبكة الطرق القومية يهدف إلى إنشاء طرق جديدة وتطوير طرق قائمة للحد من الحوادث وتقليل الاختناقات المرورية وتوفير فرص عمل للشباب فضلا عن استفادة 25 محافظة من المشروع، وأن طول الطرق المستهدف رصفها خلال عام 20/21 نحو 1400 كم، بجانب مشروع تطوير وتوسعة شبكة مترو الأنفاق الذى يهدف إلى توفير وسيلة نقل عصرية وسريعة وآمنه وصديقة للبيئة لمواجهة الطلب المتزايد على حركة النقل، من خلال تحسين ورفع كفاءة تشغيل المترو، وإنشاء خطوط جديدة، تستوعب أكبر عدد من المواطنين. – مشروع تطوير المناطق العشوائية فإنه يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع مستوى المعيشة والحد من الظواهر السلبية الناتجة عن ظاهرة العشوائيات، وأن عدد الوحدات السكنية العشوائية وغير المخططة المستهدف تطويرها خلال عام 20/21 يبلغ 273 ألف وحدة.
- مشروع توليد الطاقة الكهربائية من المصادر الجديدة والمتجددة فيتمثل في إقامة المحطة النووية المصرية الأولى بالضبعة، حيث تتضمن المحطة 4 مفاعلات نووية من الجيل الثالث.
- تطوير محطات توليد كهرباء باستخدام نظم الخلايا الفوتو ولطيه وطاقة الرياح في الغردقة والزعفرانة وكوم أمبو وخليج السويس، وذلك لمجابهه الطلب المتزايد على الطاقة وتلبية خطة التنمية.
- المشروعات القومية بالخطة الاستثمارية للعام المالي 20/2021 تتضمن مشروع التوسع في إنشاء وتطوير المجمعات الصناعية والذى يهدف إلى إنشاء مجمعات صناعية متكاملة للشباب في كافة المحافظات، بما يعمل على توفير فرص عمل مناسبة، وتعزيز دور التنمية الصناعية في النمو الصناعي.
- يستهدف مشروع مدن الجيل الرابع زيادة مساحة المناطق المعمورة، وإنشاء التجمعات العمرانية والمدن الحضارية، بهدف تخفيف الازدحام عن المدن القديمة، ومجابهة الزيادة السكانية المطردة.
-أما فيما يخص مشروع التأمين الصحي الشامل فانه يهدف إلى تطبيق مفهوم التغطية الصحية الشاملة بما يتضمنه من إتاحة الخدمات الصحية في كافة مستوياتها في جميع أنحاء الجمهورية وتغطية المواطنين وبالأخص غير القادرين منهم بالتأمين الصحي الشامل، وأن عدد المنشآت الصحية المستهدف تطويرها خلال عام 20/21 يبلغ 65 منشآه.
إذا كانت للتنمية ثقافتها الاجتماعية بحيث تصبح منهجاً اجتماعياً، يلعب فيه المجتمع دوراً أساسياً، فنحسب أن لكل فرد في المجتمع دور يمكنه أن يلعبه. وهنا، وبالإضافة إلى رفد المشروعات الكبرى بالعمالة المهنية المتخصصة،
فإن للفرد دوره في إنشاء المشاريع الفردية، أي المشروعات التي يقوم بتنفيذها أفراد أو عائلات وذلك بإنشاء مشاريع صغيرة لإنتاج السلع، صناعياً وزراعياً، والتي لا تحتاج إلى رأس مال كبيرة. وعن ذلك، ستلعب الدولة دوراً في هذا الحقل، إذ يقع على عاتقها تشجيع تلك المبادرات وتوفير تمويلها بفوائد بسيطة. واستكمالاً لها تقوم الدولة بتشجيع إنشاء التعاونيات التي تجمع إنتاج المشاريع التنموية الصغرى، وتعمل على تسويقه وحمايته.
وبالإجمال، كلما كانت التنمية أكثر اقتراباً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من قضايا الجماهير، كلما حازت على ثقة الشعب، وتصبح عائداتها لا تصب في مصلحة تراكم الأرباح للرساميل الوطنية فحسب، بل أيضاً سيتم توظيفها لمصلحة تنمية المجتمع بالتدريج التصاعدي.
دكتور القانون العام ومحكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان