تتوالى العصور وتنتهي القرون وتسقط الإمبراطوريات وتزول وتتلاشى التحالفات، وتتراجع المفاهيم وتتغير الولاءات، وتمر السنون وتنتهي الحقبات التاريخية، ولكن يبقى شيء لا ينتهي ولا يزول أبد الدهر، إنه التاريخ، الذى لا يغفل أي شيء، ويسطر بأحرف من نور في سجلاته أسماء قادة عظماء ، أحبتهم شعوبهم واحترمتهم شعوب العالم، لأنهم كانوا رجالا بمعني كلمة رجال، عاشوا شرفاء أقوياء يحصدون محبة الشعوب واحترامهم، ويمدون أيديهم للعالم بالسلام، لا يشغلهم سوى أن يعم الخير أرجاء الأرض، وأن يحيا الجميع فى عالم يؤمن بالسلام ، ويحترم إنسانية بني الإنسان، عالم يؤمن بحق الإنسان في السلام، عالم ينزل الإنسانية منزلتها، عالم يتعاون من أجل السلام، تنفيذا لأمر الله ورسالات الرسل وتعاليم الأديان، التي أمرنا بها جميعا، فالإسلام أمر المسلمين بما جاء في القرآن “وتعاونوا علي البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” وكذلك أمرت جميع الأديان.
إن رجل السلام في هذا العصر وتلك الحقبة التاريخية التي نمر بها الآن، كما أثبتت جميع التجارب التي مررنا بها، هو القائد والزعيم الرئيس عبدالفتاح السيسي، هذا القائد المقاتل، الذى ناضل وتحمل الكثير من الصعاب، من أجل قضية نشر المحبة بين شعوب العالم، وتحقيق النماء، والعيش معًا في حب وود وسلام.
فمصر السيسي هي من أوقف خطر التمكين والتمدد للجماعات المتطرفة، التي استهدفت الاستيلاء علي حكم جزء كبير وهام من العالم، وهو وطننا العربي ومنطقة الشرق الأوسط، لتكون نواة البداية لإعلان قيام نظام حكم العصابات والتطرف بقيادة الدول العربية والشرق الأوسط، ثم استكمال المخطط الذي يهدف لتدمير العالم.
إن الانتصارات المدوية التي تحققها مصر السيسي، وكان آخرها ليبيا، التي خط لها الرئيس الخطوط الحمراء، كانت كفيلة بوضع الأمور في نصابها في الشقيقة ليبيا، ليس فقط دفاعا عن الأمن القومي المصري، وإنما دفاع عن حق الشعب الليبي في الحياة والاستقرار، فلم يكن هناك بديل للحضور المصري في الشأن الليبي حتى تتوازن الأمور، وتستمر ليبيا دولة كما ينبغي أن تكون، أما السيناريو الآخر فكان يسير عكس الاتجاه، في طريق الخروج من التاريخ، بعد أن تصبح ليبيا دولة فاشلة، تتنازعها القوى الإقليمية والدولية، وتقتسم شوارعها وحدودها الميليشيات المارقة.
ولم تكن ليبيا القضية الأولى التي تستجيب لأجندة مصر الرشيدة المتوازنة، فقد دفع الزعيم عبد الفتاح السيسي بمصر إلى واجهة المشهد الإقليمي والدولي، ليصبح رأي مصر الرقم الأهم في معادلات المنطقة، حتى صارت أجندة مصر هي كلمة السر في حل أي نزاع، دفعا في اتجاه الاستقرار والحفاظ على مصالح الشعوب ورغبتها في التقدم والازدهار، والسير خلف النموذج المصري باعتباره نموذجا يحتذى في تحدي الظروف وقهر المؤامرات وتفكيك التحالفات المعادية داخليًا وخارجيًا، وصولًا إلى بناء دولة وطنية حديثة، فليبيا لم تكن هي الحالة العصية الوحيدة على الحل، بسبب كل التعقيدات التي اعترت المشهد المضطرب منذ رحيل معمر القذافي في العام 2011، وما أعقب ذلك من مظاهر انفلات صاخبة خاصة على الصعيد الأمني، انعكست آثارها على كل مناحي الحياة في ليبيا الثرية، بعد أن بات السلاح متاحا أكثر من الطعام، وبات اللجوء إلى العنف أقرب الطرق للدفاع عن النفس، وغاب القانون، وكل ما يوحي بأن هناك دولة، حتى أصبح المشهد الليبي مختصرا في مجموعة من الميليشيات المنفلتة تتصارع على السلطة والنفوذ برعاية إقليمية ودولية أججت نيران الصراعات، خاصة مع حرص دولة مثل تركيا على الفوز بنصيب الأسد في ثروات الشعب الليبي، والخروج من المشهد بمليارات الدولارات عبورا على دماء وجثث الليبيين .
فيما كانت مصر السيسي، الشقيقة الكبرى الساعية دائما إلى مصلحة الأشقاء، الراعية لحقوق الجوار والأخوة التاريخية، تسعى بكل السبل إلى فرض أجندة سياسية، تتيح لكافة الأطراف المشاركة في حكم البلاد والاستفادة من الثروات بشكل عادل، بعيدا عن لغة الدم والبارود، التي تعزف تركيا وغيرها من القوى الإقليمية والدولية على أوتارها، وذلك في إطار سياسة مصر القائمة على مبادئ رشيدة متوازنة وثوابت أخلاقية راسخة تهدف إلى تحقيق الاستقرار والتقدم والازدهار للجميع، مع التأكيد على ضرورة احترام أمن مصر القومي، خاصة بعد أن رسم قائد مصر عبد الفتاح السيسي خطوطا حمراء لا يقوى كائنا من كان على تجاوزها، بالتوازي مع رسم خطوط متوازية لعملية سياسية، يجب أن يسير عليها الجميع، وصولا إلى حل مرض لتشابكات الوضع في ليبيا المحترقة بنيران السلاح وصراعات قادة الميليشيات.
وجاء إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بعد جولات من التفاوض والنقاش الإيجابي بين أطراف الأزمة الليبية، بأن ليبيا تسير على الطريق الصحيح، وصفا للاتفاق الليبي الذي عقد في جنيف بعد أعوام من الصراع الدموي والخراب، إيذانا بميلاد حكومة مؤقتة مهمتها نقل ليبيا إلى مرحلة من الاستقرار المأمول، أساسها عملية سياسية جديدة، ليؤكد أن الأجندة المصرية الهادفة إلى استقرار ليبيا هي التي سادت، وأن لا صوت يعلو فوق صوت العقل الذي اعتمدته مصر السيسي منهجا أساسيا لسياستها الخارجية، الأمر الذي ترجمه محمد يونس المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي الجديد، في إعلانه أن أول زيارة خارجية له سوف تكون إلى مصر، أكبر الجيران، مؤكدا أن علاقة ليبيا المتينة مع دول الجوار لن تتغير، وأن احترام السيادة والمصالح المشتركة هي المعايير التي سترتب المرحلة القادمة، فيما أكد الرئيس السيسي تطلعه لأن يمثل اختيار القيادة الليبية الجديدة، بداية عهد جديد تعمل فيه كل مؤسسات الدولة الليبية بانسجام وبشكل موحد، يُعلي المصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات، سعيًا لإنهاء الانقسام الليبي الذي كان أحد معوقات المرحلة الماضية، وعانت منه الدولة الليبية وشعبها الشقيق، وكذلك سائر الإقليم ودول الجوار.
وفي الوقت الذي تؤكد القيادة المصرية بشكل مستمر على تقديم الدعم والمساندة لصالح الأشقاء الليبيين، سواء على الصعيد الإقتصادي أو الأمني أو العسكري، تستمر المشاورات بين الأطراف الليبية تنفيذا لأجندة مصر السياسية، انتظارا لمخرجات “محادثات الغردقة” التي كان مطلوبا منها أن تقرر الأسس القانونية لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، حيث كان مسئولون ليبيون منتخبون من ثلاث مؤسسات، قد دعوا منتصف نوفمبر من العام الماضي إلى اعتماد دستور قبل تنظيم الانتخابات المقررة نهاية العام الجاري، بما يتوافق مع مقررات المنظمة الدولية، التي رعت مفاوضات انتخاب إدارة جديدة للبلاد، وذلك ضمن المساهمة الفعالة والصادقة لمصر في مسارات حل الأزمة الليبية على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والإقتصادية، والتي أثمرت عن تقريب وجهات النظر بين مختلف الليبيين، خاصةً من خلال المبادئ الأساسية في «إعلان القاهرة»، والذي كان له أكبر الأثر في إنهاء حالة الانقسام السياسي الذي شهدته ليبيا، وكذلك استضافة مصر اجتماعات المسار الدستوري بأكملها، بهدف التباحث حول القاعدة الدستورية لإدارة الدولة، إلى جانب استضافة مدينة الغردقة الاجتماعات العسكرية 5+5 .
إن الليبيين تلوح أمامهم الآن فرصة حقيقية لتجاوز خلافاتهم وانقساماتهم، بعد إختيار حكومة مؤقتة بفوز محمد يونس المنفي، رئيسا للمجلس الرئاسي، وعبدالحميد دبيبة رئيسا للحكومة، لإعادة توحيد مؤسساتهم من خلال الإنتخابات الوطنية الديمقراطية التي طال انتظارها، باعتبار أن المجلس الرئاسي الجديد هو سلطة تنفيذية مؤقتة سيتم استبدالها بسلطة منتخبة بعد الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر من العام الجاري 2021، الأمر الذي يكرس لبداية جديدة لدولة ليبيا، خاصة بعد الإجتماع الأخير الذي اتسم بالود والتفاهم بين المنفي وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، والذي راهنت عليه أطراف كثيرة لا تريد خيرا لأي مكون ليبي.
فالتفاهم الذي جرى الإعلان عنه عقب الاجتماع الذي عُقد في الشرق الليبي، وما ينتظره الليبيون من قادتهم بعد إعلان توحدهم وتوافقهم، يؤكد أن أجندة التنمية المصرية التي تقوم عليها السياسة الرشيدة المتوازنة والثوابت الأخلاقية الراسخة الهادفة إلى تحقيق الاستقرار والتقدم والازدهار والسلام والنماء للجميع، هي التي انتصرت في ليبيا وسوف تنتصر في مناطق أخرى كنموذج يجب أن يحتذى، فحل الأزمة الليبية بأجندة سياسية مصرية يتيح لهذا البلد الشقيق حياة مستقرة تقوم على التوافق والمشاركة في الحكم، وصولا إلى الاستفادة من الثروات النفطية الهائلة التي حبى الله بها ليبيا، محاولة لإعادة البلد الذي دمرته عقود من الإهمال، بالإضافة إلى عقد كامل من الصراع العبثي وسيطرة الميليشيات بدعم إقليمي ودولي، فمبادئ سياسة مصر السيسي ركائزها القوة والشراكة والبناء والتنمية والنماء بالمحبة والسلام، وليست سياسة الحروب والخراب والدمار والمؤامرات على الدول والشعوب ونهب ثروات البلدان، لذا فإن الآمال معقودة الآن على تنفيذ الأجندة المصرية لتنمية وإعمار ليبيا مع نقل كل الخبرات المصرية حتى يعم الأمن والسلام وتزدهر منطقتنا وترفرف على أراضيها رايات النصر في كل مكان، تلك هي أهداف الزعيم السيسي رجل النماء والسلام.