لا يختلف جو بايدن الرئيس الأمريكي الأسبق عن دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الحالي في شىء بالنسبة للنظر إلى العالم العربي والحق الفلسطيني سوى في الطريقة التي ينفذ كل منهما أهداف أمريكا وإسرائيل منذ نشأت إسرائيل حتى يوم الناس هذا ،فكلاهما ينطلق من ثقافة أمريكية أفرزتها طريقة إنشاء أمريكا نفسها تقوم على القوة الغاشمة وإقصاء الآخر ودحره ولا شك أن نموذج الهنود الحمر الذين لم يبادئوا الضيوف الأوروبيين الجدد بعداء ولكن الضيوف الجدد لا يعرفون مبدأ التعايش مع الآخر سلميًا كما أن الثقافة الأمريكية لا يوجد فيها مبدأ العدل مع الآخرين فالعدل هو الحصول على كل ما تستطيع قوتك الحصول عليه.لأن هذه الثقافة قائمة على عبادة الذات وتحقيق أعلى قدر من اللذة .وهو ما قد تأنف منه العصابات الإجرامية التي لديها قدر من المبادىء حيث تخجل أن تتخلى عنه وما زال ما حدث في المدنيين الغزاويين بالسلاح والاستخبارات والخبرة العسكرية والمشاركة الأمريكية ماثل للعيان وما زال ركامه لم يرفع بعد.
من هنا فإن مطالبة دونالد ترامب مصر والأردن بقبول الفلسطينيين ليهم وإخلاء غزة لإسرائيل وهو ما لم تستطع إسرائيل أمريكا تحقيقه بالحرب ينطلق من هذا المنطق الاستعماري الابادي الذي تم الهنود الحمر فلا حساب لرغبة المواطن الفلسطيني وتصميمه على البقاء في وطنه ولا حساب لآثار هذا العمل لو تم على الشعبين المصري والأردني ولا حساب لردة فعل الشعوب العربية والإسلامية على هذا التصرف الذي قد يشعل العالم كله ولا حساب لمكانة الأقصى الذي يصبح بعد تهجير غزة إلى مصر والضفة إلى الأردن في خبر كان وهو ما أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في رفضه لهذه الفكرة التي لا تخص الفلسطينيين وحدهم ولا تخص مصر والأردن فقط وإنما تخص الأمتين العربية والإسلامية .وإنما الذي يفكر فيه بايدن هو ما يريده هو وتحقيق هدفه هو وهو منطق استكباري تغري به القوة والشعور بضعف الطرف المقابل وإذعانة. لذا لا يبحث صاحبه فيما يتصرف من مشكلات عن حلول عادله أو حلول مناسبة أو الحلول التي تحل المشكلة فعلًا وإنما لا يتبادر الى ذهنه إلا إلى ما يفاقم المشكلة ويعقدها .
السعي إلى طرد الفلسطينيين من بلادهم هدف استعماري قديم كانت بعض مراحله عام ١٩٤٨ م في خدعة كبيرة شاركت فيها الدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا التي ادعت أن تهجير الفلسطينيين مؤقت ثم يعودون وهو ما اكتشف الفلسطينيون والعرب كذبه بعد ذلك.
وفي بداية الحرب على غزة طالب بايدن بهذا بتهجير الغزاويين إلى سيناء فجوبه هذا بالرفض من قبل الفلسطينيين ومن قبل مصر وتوالت الاقتراحات بتهجيرهم إلى دول أوروبية وخليجية مع الاغراء بالحياة الرغدة ففوجئت بايدن برفض غزاوي مدهش لا يعرفه إلا أبناء الأرض المتجذرين فيها.
والرئيس ترامب كما يلاحظ المتابع لا يرى الانفسه ولا يحسب حساب الآخرين وظروفهم.
فهو لم ير كيف عاد الفلسطينيون إلى ديارهم المخربة وهم سعداء كأنهم عائدون إلى الجنة في لوحة تاريخية من لوحات حب تراب الوطن والموت دونه مهما كان حاله أي أن التفريط في الأرض مستحيل بما يذكرنا بقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي التي ساقها على لسان الطير من خلال حوار بين بين الريح ويمامتين تسكنان أرض الحجاز القاحلة فيغريهما الريح بما في أرض اليمن من خصب وخير بل يقترح عليها أن يحملهما إلى هذه الأرض في إغراء مضاف للوصول إلى هذا النعيم دون تعب فترفضان وتذكره أنه لا يعرف قيمة الوطن لأنه بلا وطن فيقول:
“…
إني رأيت عند صنعاء وفي حضن عدن
حدائقا كأنها بقية من ذي يزن
هيا اركباني نأتها في ساعة من الزمن
قالت له أحدهما والطير منهن الفطن
ياريح انت ابن السبيل ما عرفت ما السكن
هب جنة الخلد اليمن هيهات تعدل الوطن”.
إن ما يحدث ويتكشف يوما بعد يوم سيثبت أن ما فعله الفلسطينيون هو الصواب وسوف يثبتون في المستقبل أنهم على قدر ما فعلوه وان الآتي رغم ظلام الأجواء سيكون خطوة أوسع في الحصول على الحق.