مع اقتراب مواسم الطاعة الكبرى وتجديد الايمان ..تتجدد قضايا الحديث عن التدين والايمان وقوة الإيمان وواقع الناس المرير والشكوى من تدهور الاخلاق وذهاب المروءة وانتشار الفساد وانعدام الضميروما الى ذلك..رغم ارتفاع المستويات التعليمية وكثرة الدرجات العلمية في مختلف المواقع والميادين.
والحقيقة انها قضايا كبرى تحتاج بجدية الى وقفات ووقفات بعد نوبات من التوهان في ظلمات أشباه التدين وضلالات بعض مدعي التدين وشواهد المتدينين وحماقات من ركبوا موجات الهجوم على الدين والمتدينين عموما تحت دعاوى غريبة فضلوا واضلوا وهم يوهمون الناس انهم يحسنون صنعا..
الغريب في الامر ان كل هؤلاء اجتمعوا على هدف واحد ووصلوا الى نتيجة واحدة تقريبا وهي اضعاف الايمان في النفوس اي انهم نجحوا في احداث عملية خلخلة حقيقية وذهبوا بالناس بعيدا وفقد المجتمع القوة الحقيقية للايمان الحق والتدين الصحيح.. وهي مسالة ان راها البعض فردية الا ان التاثير والنتائج ينعكس اثرها ويجنى ثمرتها المجتمع ككل.
قوة الايمان والتدين الصحيح هي الكفيلة بمحاربة والقضاء على كثير من الامراض والابتلاءات التى يعاني منها المجتمع المعاصر ..
قوة الايمان هي العلاج الاقوى والانجح لمحاربة الفساد والقضاء على الفاسدين هي الكفيلة بمنع الرشوة والمرتشين هي التى ستمنع اي موظف او غير موظف من ان يتفنن في تعطيل مصالح البلاد والعباد..
قوة الايمان ستمنع انتشار الرذائل او الاقدام على اي فعل مشين سواء في الطريق العام او حتى في الخلوات.
الايمان الحق هو من سيمنع الشخص من ان يلقى الزبالة والفضلات على قارعة الطريق بلا اكتراث لان ايمانه يعلمه كف الاذى واماطة الاذى عن الطريق..وسيمنع موظف البلدية وكل مسئول في موقعه ايا كان من ان يجلس في مكتبه تاركا مصالح العباد ويترك الشوارع نهبا للفوضى ساحة لانتهاك القانون وكل الحرمات ويترك الناس تصارع من اجل قضاء الحاجات..
الم تسمعوا عن جملة ان الايمان يصنع المعجزات؟!.. نعم انه يصنعها حال وجوده ويرتقي بالجميع الى اوضاع ودرجات لا يمكن تصورها وتخيلها..
السؤال الذي يطرحه الكثيرون وماذا حدث ولماذا انزوت اوتراجعت قوة الايمان ؟
الجواب ببساطة : القضية سهلة ومعقدة في نفس الوقت..فالنتيجة الحالية ليست وليدة اللحظة الراهنة وانما هي حصاد تراكمات غبارات كثيرة على مدى فترات طويلة كان يتم فيها العبث بالعقول والتسلل الى النفوس من بوابات كثيرة رويدا رويدا لابعاد الناس عن الدين حتى وصل الامر في بعض الاحيان ان يقال صراحة ان الدين هو سبب التخلف والرجعية والانهزام الحضاري هكذا بلا خجل وان التعليم الديني هو سبب الارهاب وانه لابد من تجفيف المنابع وتخفيف الجرعات الخاصة بالدين في التعليم وفي المؤسسات العامة بما فيها المؤسسات الدينية تحت دعاوى مختلفة باسم التجديد والتلفيق وما الى ذلك ووصل الامر في بعض اللحظات الى الدعوة الى ضرورة حصر الدين بين جدران المساجد ودور العبادة وان العلاقة مع الله مسالة شخصية وهكذا..
رافق هذه التوجهات الخبيثة عمليات شيطنة للتدين والمتدينين وتصدير نماذج الجماعات الارهابية كداعش واخواتها على انها هي صورة الدين وان افعالها الاجرامية وسلوكها وافكارها المتخلفة هي اساس الدين مع ان هؤلاء هم من صنعوا داعش وهم من يصدرونها للمجتمع وللعالم باسم الاسلام!
عملية شيطنة التدين والمتدينين من اخطر العمليات التى تم تسويقها والترويج لها وتدفع كل المجتمعات الاسلامية وليس دولة واحدة ضريبتها حتى أصبح المجتمع محاصرا بين نوعين من الفكر شديدي الخطورة :
الخوف من الدين..لانهم بحسب زعم المتربصين والحاقدين والمتامرين سيقود الى التشدد والتطرف ثم الارهاب وما الى ذلك من فزاعات.
والتخويف بالدين ..وذلك من قبل جماعات معروفة تجد في ذلك تجارة رابحة وتستخدمها بعض القوى في الداخل والخارج لاهداف مزدوجة ليس حبا في الدين ولكن كنوع من عوامل التنغيص وورقة ضغط وابتزاز رخيص وايضا لتشويه صورة الدين والاساءة للمتدينين المخلصين الصادقين في ايمانهم.
عملية الخلخلة للتدين واضعاف الايمان في النفوس ساهمت فيها ايضا جهات ووسائل عديدة عن قصد احيانا وعن جهل احيانا اخرى في مقدمتها ضعف التربية بصفة عامة وتهافت مؤسسات التنشئة الاجتماعية ولا نبالغ اذا قلنا ان بعضها تحول الى عبء على عملية التربية واصبح ضررها اكثر من نفعها.
ولا يخفى الدور الذي لعبته بعض الفنون كالدراما والسينما وغيرها وما احدثته من هزة عنيفة في سلوك واخلاق الشباب والفتيات خاصة في لغة الحوار والمظهر العام المزري في كثير من الاحيان.
الطامة الكبرى تتجلى مع ما حدث ويحدث على وسائل التواصل الاجتماعي والتى فتحت بوابات الفتنة والانحلال والضلال والانحراف اللااخلاقي على مصاريعها بصورة مريعة ولم يتوقف تاثيرها على الناحية الفكرية ونشر الافكار اياها بل تطور الامر الى ما شكل جرائم اخلاقية وسلوكية وتكوين جماعات اجرامية تدعو للرذيلة والخيانة وتجرح حياء المجتمعات وعفتها وكبريائها.
كل هذه العوامل وغيرها وفرت فرصة للالحاد والملحدين ان يتطاولوا شكلا وموضوعا اذ لم يعد هناك حرج في ظهورهم علانية وحتى استضافتهم على الهواء ليتحدثوا بكل صفاقة تحت دعوى الحرية والموضوعية والصورة الكاملة والناقصة وما الى ذلك من ترهات.
ولا يخفى ان الصوت العالي للمتمردين على القيم والاخلاق والدين عموما كانت له ردود افعال خطرة ليس فقط على صعيد نشر الافكار المسمومة وانما ادى الى رفع درجة وحدة التطرف فكل تطرف يخلق تطرفا اخر مضادا له في الاتجاه..
وكل هذا له انعكاساته وتاثيراته السلبية على منظمة القيم وتلويث وتلطيخ الثوب الابيض الناصع للايمان واهله والمجتمع عموما الذي يعاني من الحصاد المر على مدى سنوات وسنوات.
من جميل ما قرات:ان الفرد بغير دين ولا ايمان ريشة في مهب الريح لا تستقر على حال..والانسان بغير ايمان قلق متبرم حائر
لاتستطيع الثقافة ولا القانون وحدهما ان يحدا من شراهته او يقلما اظفاره. والمجتمع بغير دين ولا ايمان مجتمع غابة وان لمعت فيه بوارق الحضارة..مجتمع تعاسة وشقاء وان زخر بادوات الرفاهية واسباب النعيم مجتمع تافه رخيص لان غايات اهله لاتتجاوز شهوات البطون والفروج فهم”يتمتعون وياكلون كما تأكل الانعام”.
**روى الحاكم والطبراني بسندٍ صحيحٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:(إنَّ الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب،اسألوا الله أن يجدِّد الإيمان في قلوبكم) يعنى أنَّ الإيمان يبلى في القلب كما يبلى الثوب.
**يقول بعض السلف:”من فقه العبد أن يعاهد إيمانه وما ينتقص منه وأن يعلم نزغات الشيطان أنَّى تأتيه “.
**يقول الإمام ابن الجوزي:”يا مطرودًا عن الباب يا محرومًا من لقاء الأحباب إذا أردت أن تعرف قدرك عند الملك فانظر فيما يستخدمك وبأيِّ الأعمال يشغلك كم عند باب الملك من واقفٍ لكن لا يدخل إلا من عني به،ما كلّ قلبٍ يصلح للقرب،ولا كلّ صدرٍ يحمل الحبّ،ما كلّ نسيم يشبه نسيم السحر”.
والله المستعان ..
Megahedkh@hotmail.com