الانطلاقة الثلاثية القوية الواثقة للشام الجديد من بغداد بحضور الرئيس السيسي والعاهل الاردني والرئيس العراقي تؤكد ان المنطقة على عتبات وبدايات مرحلة مهمة تستشرف مستقبلا واعدا لكل الشعوب والدول العربية.
اننا بالفعل نشاهد ملامح مغايرة تتشكل لعالم عربي جديد ينتفض ليتخلص من كثير من الركام والعقبات والقيود للتخلص من الخطط الجهنمية الشيطانية التى فعلت افاعيلها بالمنطقة على الاقل خلال العقود الثلاثة الاخيرة وحطمت الكثير من الامال واعادت البلاد الى الخلف قرونا بعيدة تمكنت القوى المعادية خلالها من تدمير وتحطيم دول كانت عريقة ولا نبالغ اذا قلنا بانها اخرجت بعضها من الخدمة بعد ان تحطمت تماما وانضمت الى كيانات الدول الفاشلة!
مما يبعث على الامل ان مياها كثيرة جرت ولاتزال تجري على صعيد العمل العربي المشترك والتكامل الاقتصادي بل والتعاضد السياسي مركزها القاهرة..مصر هي المحور وعمود الخيمة كما يقولون ونقاط الانطلاق متعددة شرقا وغربا وجنوبا في كل الاتجاهات حيثما كانت مصلحة عربية قومية سواءلتعزيز خطط التنمية والاصلاح او مواجهة تحالفات الشر القريبة والبعيدة التى كشرت عن انيابها او تلك التى تتستر وراء وكلاء شديدي الخبث والمكر لاتخجلهم عمليات الخيانة وبيع الاوطان.
فقبل قمة بغداد كانت قمة الدوحة العربية والاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب واجتماع دول مجلس التعاون الخليجي ثم اللقاءات المستمرة القاهرة الخرطوم القاهرة جوبا القاهرة جيبوتي القاهرة تونس القاهرة الرياض القاهرة ابوظبي.. وكلها تحركات لها اهميتها ودلالاتها خاصة انها تترافق مع اجواء دولية بالغة التعقيد والحساسية وحالة غير مسبوقة من الصراعات والتجاذبات بين القوى الدولية ومحاولات لاعادة رسم الخريطة الدولية المهلهلة وتقاسم مناطق النفوذ حتى في المناطق المنهكة او التى قضى عليها الصراع ولم يبق التنافس الدولي عليها شيئا لاهلها في مناطق كثيرة من العالم وتمثل المنطقة العربية فيها التورتة الاشد سوادا قياسا لقسوة الالم والمعاناة التى تجرى في المنطقة العربية خاصة سوريا اليمن لبنان ليبيا وغيرها ..
ولعل هذا ما يجعل محور الشام الجديد لافتا وينظر اليه بالمزيد من التطلع والامل لانه خطوة على الارض سيكون لها مردودها الفوري ليس فقط على العلاقات البينية للدول الثلاث بل الدول المجاورة ايضا ولا يخفى تلك الاثار المعنوية والاقتصادية وغيرها التى خلفتها حالة التشرذم والانقسام العربية والانشغال والاستغراق في الصراع المباشر او مع المحاور والاطراف البعيدة والقريبة. الى جانب الدور الخبيث للقوى الدولية في تعقيد ملفات الصراع وتعمد الحفاظ على نيران الصراع مشتعلة والابقاء على جذوة الخلافات متقدة ليستمر الصراع اطول فترة ممكنة.
والاخطر انه كان يتم التمكين للطرف الصهيوني في ان يعيث في الارض فسادا ويمنح كل الاضواء الخضراء وغيرها للاجهاز على القضية العربية سواء في فلسطين وسوريا ولبنان وهو ما اضاف احمالا ثقيلة الى الهموم التى تنوء بها القضايا العربية داخلياوخارجيا!
وفقا لقواعد الجيبوليتيكا فان نقطة ومركز الشام الجديد بالغة الحيوية للامن القومي العربي والخطط الاستراتيجية الدائمة وليس الموقتة اوالطارئة باعتبار ان الناحية الشرقية هي الاهم والاخطر خاصة ما يتعلق بالاحتكاك الحضاري المباشر سواء مع ايران وتركيا وايضا دول وسط وشرق اسيا وهذه الجبهة تأكد خطرها بعد ان انهارت البوابة الشرقية تماما وسقطت بغداد على ايدي الاحتلال الامريكي الاخير ومعه انفتحت بوابات الاختراق والهيمنة والسيطرة الايرانية وسهلت مهمتها في الوصول الى مناطق نفوذها في سوريا ولبنان.الامر الذي زاد من وتيرة الصراع الروسي الغربي والامريكي في المنطقة بعد ان كانت وصاية روسيا على وشك الاختفاء من الخريطة العربية بعد رحيل القذافي تحديدا.
لذلك فان تحطيم العراق وتدميره واخراجه من المنظومة العربية كان حلما صهيونيا كبيرا واملا لطالما سعت اليه لخلق حالة من الفراغ التام حول الكيان الصهيوني وخلق منطقة امنة يتمدد فيها المشروع الصهيوني وينام امنا بل ويتحكم ويفرض سطوته وسيطرته على المنطقة كلها وليس المجاورة له فقط..
لذلك فان استعادة العراق وعودته للحضن العربي مسألة في غاية الاهمية وعنصرا شديد الفاعلية في العمل العربي المشترك فضلا عن ما يقال وهو مؤكد عن التعاون والتكامل الاقتصادي..وهو لايقل اهمية عن الابعاد السياسية والجيوسياسية خاصة وان الخريطة العالمية الان تموج بمشروعات وافكار للهيمنة على طول الخط من اقصى الشرق الى اقصى الغرب والعكس ايضا .. والمنطقة العربية واقعة بين فكي الرحى ومعرضة لكل انواع النيران سواء المعادية او الصديقة وهذه قد تكون اشد ايلاما ولا ادل على ذلك من مشروعات نقل الطاقة الحيوية والتكنولوجيا والمياة والشركات عابرة القارات.
عدد لا باس به من تلك المشروعات وراءه اهداف سياسية خبيثة هدفها الاول والرئيسي سرقة احلام الشعوب والقضاء على طموحاتها في تحقيق التنمية والرفاء الاقتصادي وهو ما ظهر جليا في الفترة الاخيرة في مشروعات النقل البحرى واحياء الطريق القطبي وانابيب نقل البترول وشق قنوات ومواني منافسة لقناة السويس وكلها مشرعات لايخفى على كل ذي لب من يحركها ويدعمها سرا وعلانية وبعضها ان كان مستحيلا فانه يكفي اثارة الفتنة والمخاوف لدى المستمثمرين واصحاب رؤوس الاموال.
المنظومة الجيوسياسية تكتمل بتعانق بقية الاطراف على الحدود الاخرى من الغرب والجنوب ايضا وحتى العمق الافريقي وصولا لبحيرة فكتوريا ودول الساحل والصحراء التى لاتزال ملتهبة وتمرح فيها القوى الاستعمارية تحت غطاء مواجهة الجماعات الارهابية والمتطرفة.
ولعل هذا ما تدركه مصر الجديدة تماما وتسعى جاهدة بكل الطرق للملمة الاوراق وحشد كل الجهود والطاقات لوأد الخطر والتنبيه الى المزالق المختلفة وقيادة تحركات مواجهة التحديات من اجل امن واستقرار الجميع عربيا وافريقيا.
اتصور ان الشام الجديد مع ما يملكه من امكانيات وقدرة على التوسع والاستيعاب لدول اخرى مهمة خاصة على المحور الشرقي واعنى تحديدا سوريا بعد ان يتم تحريرها باذن الله ولبنان ايضا والسعودية والكويت سيكون له تأثره البالغ وقدرة على المواجهة وتحجيم الاطماع المتصاعدة وكبح جماح قوى الشر والعبث في المنطقة وتقليم اظفارها مباشرة وخنق وكلاء السوء والقضاء عليهم.
الامل كبير طالما كان هناك قادة اوفياء مخلصون لدينهم ووطنهم يحلمون مع شعوبهم ويتطلعون دائما الى حياة سعيدة امنة مستقرة للجميع على قدم المساواة مع دول العالم المتحضر.
**يقول الشاعرُالكبير نزار قباني:
لوأننا لم ندفنِ الوحدة في التراب
لولم نمزقْ جسمها الطري بالحرابِ
لوبقيتْ في داخل العيونِ والأهدابِ
لما استباحتْ لحمَنا الكلابُ..
** ومن نداءات الشاعر العراقي الرصافيَّ:
يا أيها العربُ هبَّوا من رقادكمُ
كيف النجاحُ وأنتم لا اتفاق لكمْ
مالي أراكم أقلَّ الناس مقدرةً
فقد بدا الصبحُ وأنجابتْ دُجى الخطر
والعودُ ليس له صوتٌ بلا وتر
يا أكثر الناسِ عدّاً غير منحصرِ
**من جميل ما قاله شاعر اليمن عبدالله البردوني:
دعني أغرّد فالعروبة روضتي
ورحاب موطنها الكبير رحابي
” فدمشق” بستاني”ومصر” جداولي
وشعاب” مكّة “مسرحي وشعابي
وسماء” لبنان” سماي وموردي
” بردى”ودجلة والفرات شرابي
وديار”عمّان”دياري أهلها
أهلي وأصحاب العراق صحابي
بل إخوتي ودم”الرشيد”يفور في
أعصابهم ويضجّ في أعصابي.
والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com