أن مصر كانت دائمًا واضحة وتسعى ليس لتحقيق مصلحتها فقط ولكن لتحقيق مصالح الدول الثلاث ووضعت نفسها موضع شركائها وتعاملت بالمرونة اللازمة للتوصل لهذا الاتفاق، لان قضية سد النهضة وجودية بالنسبة لمصر، ونظرا لأنه هذه المرة قد يشكل خطرا على السودان فهذا ما يجعل الأمر يتعدى مراحل التفاوض.
لان “الجمود الحالي يمثل خطرا كبيرا على استقرار المنطقة ومصالح شركائها الدوليين، بما فيهم كندا، إذا ما قررت إثيوبيا تنفيذ إعلانها بالبدء في الملء الثاني بغض النظر عن نتائج المفاوضات” والملء الثاني للسد دون التوصل لاتفاق ملزم يعد أكثر نقاط الخلاف حساسية بين إثيوبيا من جهة وكل من مصر والسودان من جهة أخرى. وتتبادل القاهرة وإثيوبيا الاتهامات حول مسؤولية فشل المفاوضات.
أن مصر لديها رغبة واضحة في استكمال المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، مع التأكيد على ثوابتها في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول السد، والتأكيد على السعي للتوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية.
أن المياه بالنسبة إلى مصر حياة أو موت، كما أن سد النهضة على بعد 15 كيلومتراً من سد الروصيرص السوداني، بالتالي إن مسألة تبادل المعلومات على ضوء اتفاق ملزم مهم جداً، وخلاف ذلك فإن أمن سد الروصيرص سيكون مهدداً، فإما أن يؤدي إلى إغراقه في حالة حدوث فيضان كبير جداً، أو إلى حدوث عطش ودمار في حال الجفاف، لكنه أكد أن هناك اتفاقات دولية تمنح حقوقاً لدول المصب والمنبع.
أن “السيناريوهات المتوقعة للسد هي كثيرة، لكن أبرزها أن تواصل كل من مصر والسودان تحركاتها الدبلوماسية المكثفة مع دول إقليمية في حوض النيل ما يمكن أن يحدث تأثيراً على إثيوبيا، وتحول موقفها بإحداث نوع من المساومات التي قد ترضي الأطراف الثلاثة،
وأيضاً على المستوى الدولي قد تتحرك دول كبيرة مثل أميركا، وقد تدخل إسرائيل في هذا الملف سواء بشكل علني أو سري، بما يخدم مصالحها، وفي ظل العلاقات الإسرائيلية – السودانية المستجدة، والعلاقات الإسرائيلية – المصرية العميقة،
وأهمية ملف المياه لإسرائيل أعتقد أن من الزوايا غير المنظورة في هذه القضية الدور الإسرائيلي، وهو دور لم يتم الحديث عنه على الرغم تأثيره على هذا الملف، فضلاً عن دور واشنطن، ودخول أطراف خليجية ذات تأثير على إثيوبيا لها إسهامات وشراكات في تمويل السد، ما قد تؤثر على مسارات الملف، كذلك من السيناريوهات حدوث تحول مفاجئ في الموقف الإثيوبي بأن تعيد أديس أبابا حساباتها خوفاً من تحرك مصر والسودان نحو سيناريو الحرب وإعلان حالة التوتر وقطع العلاقات الدبلوماسية الثنائية”.
جمع شعبي روسيا ومصر المصالح المشتركة الطويلة الأمد والتعاطف المخلص، تتعامل دولتانا على هذا الأساس حصريا، كانت من دواعي سرورنا المساعدة للطرف المصري من أجل تنمية القدرة في المجال الصناعي بما في ذلك بناء سد العالي في أسوان كونه حاليا رمزا لعلاقات الصداقة. ساهم الاتحاد السوفيتي في تعزيز القدرات الدفاعية لمصر وقدم دعما خلال أزمة قناة السويس في 1956- العدوان الثلاثي- وفي اللحظات الحرجة الأخرى. وبالتأكيد، لا نتذكر بفخر الانجازات الماضية وصفحات التاريخ المجيدة التي شهدتها العلاقات الثنائية فحسب بل نرى متفاعلين في المستقبل.
وحاليا، روسيا ومصر شريكان استراتيجيان يقومان بتوطيد التعاون متعدد الأطراف تحت قيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس عبد الفتاح السيسي، اللذان يعملان في إطار حوار يتسم بروح الصراحة والثقة حول المسائل العديدة على الصعيد الدولي
وفى تغير واضح تجاه أزمة سد النهضة، قال السفير في كلمته التي مثلث مفاجأة على عكس موقف بلاده في جلسة مجلس الأمن: بطبيعة الحال، نرى أن الأمن المائي يمثل لمصر التحدي الجدي. في الحقيقة هذا أمر وجودي للبلد، خلال ألاف السنين كان نهر النيل ولا يزال مصدرا واحدا لمياه عذبة تضمن الحياة لأكثر من 100 مليون نسمة. في هذا الصدد نتفهم جيدا قلق شديد لأصدقائنا المصريين حول بناء سد النهضة الإثيوبي.
كانت ولا تزال روسيا تدعو إلى الحل العادل للنزاع حول هذا التشييد أخذا في الاعتبار المصالح لكل من مصر والسودان وإثيوبيا. نحن مقتنعون تماما بأنه يتعين على الجيران البحث عن حلول توافقية ستوفر فرصا لكل من الدول الثلاث من أجل تنفيذ البرامج الوطنية للتنمية في جو من حسن الجوار والسلام والاستقرار. نحن مستعدون القيام بما في وسعنا للتوصل إلى الهدف المذكور وفي هذا السياق نعمل مع أديس أبابا من أجل تحقيق الاتفاق المقبول لجميع أطراف النزاع.
يمتد مشروع السد على مساحة تبلغ 1800 كيلومتر مربع، ويبلغ ارتفاعه المخطط له 170 مترًا ليكون أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، ووفقًا لدراسة سابقة أجرتها الجمعية الجيولوجية الأمريكية، فإن تزايُد النشاط البشري، والزيادة السكانية الكبيرة في مصر إضافةً إلى إنشاء سد النهضة الإثيوبي، من شأنه أن يُحدث أزمة في مياه الشرب بحلول عام 2025.
تبلغ حصة مصر من مياه النيل 55.5 مليار متر مكعب في السنة، ويُعتبر نهر النيل شريان الحياة في مصر، إذ تزود مياهه البلاد بحوالي 97٪ من احتياجاتها المائية الحالية، وبالرغم من ذلك، تبلغ حصة المياه السنوية للفرد في مصر 660 مترًا مكعبًا فقط، وهي أقل من أدنى حصص المياه السنوية للفرد الواحد على مستوى العالم البالغة 1000 متر مكعب للفرد، ووفقًا لمنظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، يُقصد بندرة المياه “الشح المائي” وجود فجوة بين العرض المتاح والطلب على المياه العذبة في منطقة معينة.
ويبلغ إجمالي الأراضي الزراعية في مصر 8 ملايين و687 ألفًا و472 فدانًا (8.687.427)، وفق إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ويعمل بالقطاع الزراعي 5 ملايين و509 آلاف مشتغل، ووفقًا للدراسة فإنه في أسوأ السيناريوهات (سيناريو السنوات الثلاث) سيفقد قرابة 4 ملايين و750 ألف مشتغل بالزراعة مصدر دخلهم، وهي نسبة تصل إلى حوالي ثلاثة أرباع العاملين بالقطاع، يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل البطالة العام.
تستهلك الزراعة 80٪ من حصة مصر من مياه النيل، ويُسهم القطاع الزراعي بحوالي 11٪ من الناتج المحلي الإجمالي، كما يستوعب القطاع أكثر من 25٪ من إجمالي القوى العاملة في مصر، وفق تصريح وزير الزراعة المصري سيد القصير أمام لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ يوم الاثنين 14 يونيو.
ان عملية الملء الثاني للسد تحتاج إلى 13 ونصف مليار متر مكعب من المياه، وفي حال بدأت إثيوبيا في تخزين تلك الكمية كما هو متوقع اعتبارا من يوليو القادم دون اتفاق وتنسيق مع السودان ومصر فإن السدود السودانية ستتأثر، وتتعرض البلاد لمخاطر عديدة في الكهرباء والزراعة،
ضرورة تنسيق أديس أبابا مع الخرطوم وإخطارها يوميا ببيانات عملية الملء، لكي تتمكن من اتخاذ احتياطاتها وتدابيرها لمواجهة الأزمات المتوقعة من الملء الثاني.
إن البنية الإنشائية للسد الإثيوبي حاليا، أو لو تم إكمالها خلال الأشهر القليلة المقبلة ، وقبل بدء الملء لن تتحمل الكمية الكبيرة من المياه المخزنة ، وهي 5 مليارات متر مكعب من الملء الأول و13 مليارا في الملء الثاني ، ما قد يعرضه للانهيار، وبالتالي ستتعرض معه السودان للغرق والفيضانات والسيول العارمة .
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان