مقالة توعوية
البلاستيك مادة مُتعددة الاستخدامات، ويمتاز بأنّه قوي ومتين، فهو مادة بوليمرية؛ أيّ أنّها تتكون من جزئيات كبيرة الحجم تتربط فيما بينها بروابط لا نهائية على شكل سلاسل طويلة، ومن الجدير بالذكر أنّ مُعظم المواد البلاستيكية تُستخدَم لصنع منتجات تُستخدَم لمرة واحدة، أو تُستخدَم في تغليف المنتجات، أو تصنيع منتجات يتمّ التخلص منها نهائياً في غُضون عام، كذلك يستخدم المُستهلكون العديد من أنواع البلاستيك لغرض واحد، ثمّ يتمّ إعادة تدويره أو التخلص منه، فينتهي به المطاف في مكبات النفايات، وعلى الطرقات، وفي الحدائق، والمسطحات المائية، لكنها تحتاج إلى سنوات طويلة لتتحلّل إلى جُسيمات البلاستيك الدقيقة (بالإنجليزية: Microplastics).
وبسبب النفايات البلاستيكية تواجه البيئة البحرية خطر قد يؤدي لخلل فى التزاون البيئي بشكل كبير، تتعرّض الحيوانات لأخطار عديدة ناجمة عن المُخلفات البلاستيكية التي تُهدّد حياتها، حيث تُشير الإحصائيات إلى أنّ هناك ما يزيد على 400,000 كائن من الثدييّات البحرية يموتون بسبب تلوّث المحيطات بالمواد البلاستيكية، ويتمثّل خطر المواد البلاستيكية في ابتلاع الحيوانات لها، أو تعلقها وتتشابكها فيها، وتُشير الدراسات إلى أنّ هناك أكثر من 260 نوعاً من الحيوانات الفقارية واللافقارية يتعرضون لخطر التغذي على المواد البلاستيكية والتشابك فيها، لكن يُشكل ابتلاع مُعظم الحيوانات البحرية لها الخطر الأكبر، ومثال ذلك السلاحف البحرية، والأنواع الأخرى التي تتغذى بشكل رئيسي على قنديل البحر؛ لأنّها لا تستطيع التمييز بينه وبين الأكياس البلاستيكية، كما يحدث ذلك مع العديد من الطيور البحرية التي يختلط عليها الأمر أيضاً بين أسماك الحبار التي تُمثّل فريستها الطبيعية وجزئيات البلاستيك.
ويموت ملايين من طيور النورس البحرية كل عام بسبب المخلفات البلاستيكية، وتشير التقارير إلى أن 98% من الطيور تحمل فى جهازها الهضمى أجزاء وبقايا بلاستيكية ضارة تسبب تلوث فى أنسجتها ومع الوقت تدمر جهازها الهضمى وتموت، تحوي بطون الحيوانات هي الأخرى نسبة من المخلفات البلاستيكية والتى تنقل الأمراض لجسدها ومنها إلى الإنسان حال نجاتها من الموت وقيام الإنسان بأكلها، ووفقاً لإحصائية فإن كيس واحد طائر يقتل حيوان بالإختناق كل 3 أشهر.
إلى جانب ذلك تعلق الحيوانات البحرية المختلفة في الشباك البلاستيكية المفقودة والمهملة، وتتشابك مع بعض المنتجات الأخرى، الأمر الذي يُسبب لها ضرراً كبيراً؛ لأنّه عندما تتشابك مع البلاستيك تقل حركتها بشكل كبير، مما يجعل العثور على الطعام أمراً صعباً للغاية، إلى جانب ذلك فإنّه يُسبب لها الإصابة بالتمزقات والتقرّحات الشديدة والحادة في أجسادها، كما يُساهم أيضاً في تقليل قدرتها على الهروب من الحيوانات المُفترسة، بالإضافة إلى الوقوع في خطر الغرق والاختناق، فجميع هذه الظروف تؤدي إلى الوفاة.
وتؤدي المُخلفات البلاستيكية وخاصة في المسطحات المائية إلى حدوث آثار بالغة وكبيرة على النشاط الاقتصادي واضرارها كما يأتي:
السياحة: تُعدّ المخلفات والقمامة البلاستيكة أمراً غير مرغوب به وغير مُرحب به بالنسبة إلى الأشخاص الذين يرتادون الشواطئ، مما يَنتج عنه خسارة الإيرادات الناتجة من السياحة، حيث يصل الأمر في بعض الحالات إلى إغلاقها؛ بسبب كثرة المخلفات المُلقاة عليها، كما تتطلب عملية إزالة هذه المُخلفات من الشواطىء والتخلّص منها وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى تكلفتها العالية.
الصيد: يُعاني قطاع صيد الأسماك من تأثيرات اقتصادية كبيرة ناتجة عن المُخلفات البلاستيكية البحرية، حيث تتأثر مصائد الأسماك عندما تعلق الأسماك والمحار في شبكات الصيد المفقودة أو غيرها من المعدات، الأمر الذي ينجم عنه خسارة واضحة وفورية في المخزون الدائم من المأكولات البحرية المُتاحة بسبب قلة وقوعها في المصائد، بالإضافة إلى انخفاض استدامة المخزون على المدى البعيد؛ بسبب الآثار السلبية على قدرة الأسماك على التكاثر، كما من المُمكن أن يلحق الضرر بنشاط الصيد عندما تعلق المواد البلاستيكية في معدات الصيد من الشبكات والسفن، وبالتالي يؤدي ذلك إلى التوقف عن العمل لفترة زمنية قد تكون طويلة، إضافة إلى التكلفة العالية لإعادة إصلاح معدات الصيد.
الملاحة: تُمثّل المخلفات البلاستيكية خطراً على الملاحة البحرية؛ إذ تتشابك المُخلفات وتدخل إلى مراوح القوارب، مما يُغلِق صمّام سحب المياه، وبالتالي التسبب بخسائر مالية كبيرة نسبياً؛ لأنّ إعادة إصلاح القوارب التي تضررت يحتاج وقتاً طويلاً وتكلفته مرتفعة.
ومن أجل وقف تلوث البحار والمحيطات، ينصح خبراء البيئة باتباع استراتيجية للوقاية من النفايات تتمثل في توعية المواطنين بالأمتناع عن إلقاء المخلفات البلاستيك بالبحار والمحيطات وخفض نسبة القمامة البلاستيكية بشكل كبير جداً على الشواطئ. كذلك يجب العمل على إعادة تدوير أكياس البلاستيك اللينة التي تستخدم في الأسواق التجارية وتملأ شوارع ومقالب القمامة. كما أن مبادرة فرز القمامة في كيسين منفصلين، أولهما للقمامة العضوية والثاني للأشياء التي يمكن إعادة تدويرها مثل البلاستيك والورق المقوى، تبقى المبادرة الأكثر رفقاً بالصحة والبيئة وبالطيور البحرية
ةكاتب المقال مؤسس كلية طب بيطرى عين شمس والمشرف على وكالة الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ومشرف على تأسيس ورئاسة قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان- كلية الطب البيطرى- جامعة عين شمس – الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتجاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية