ولما كانت الليلة الرابعة من شهر تشرين فى العام عشرين واحد وعشرين، كان الملك شهريار فريسة للهواجس والأفكار، فقد انتهت إليه مجموعة من الأخبار، وكانت كلها على غير ما يرام بتوقف واتس آب والفيس بوك وانستجرام حيث شعر الناس بعجزهم عن التواصل والكلام.
وأخذ شهريار ينظر لموبايله وهو جثة هامدة فاستبدت به الآلام لهذا وماكاد ينفض الاجتماع وانصرف الوزراء والتباع حتى صعد شهريار إلى غرفة الأسرار وهو شبه منهار وعلى غير عادته ارتمى على أريكته وهرش فى جبهته براحته قبل أن تدركه الغالية شهرزاد التى جاءت حسب الميعاد لتسري عن أميرها الحزين ولأول مرة لم يشعر شهريار بدخولها فراحت تداعبه معاتبة.
– مولاى أين أنت يامولاى ولماذا لم تطلب منى كالعادة فنجان شاي وأن اعزف لك على الناي؟
– ومن له شهية للشاي ولا حتى سماع الناي؟
– ولماذا كل هذا الحزن يا مولاى؟
– وكأنك لا تعيشين معنا فى المملكة يا شهرزاد، هل تتخيلين الحياة ست ساعات بدون زاد؟
– اوووه لقد فهمتك يا مولاى..اتقصد يعنى انقطاع الفيس والواتس؟ بالعكس يامولاى أليست هذه فرصة كبيرة لتسرح فى جمال حبيتك شهرزاد؟.
– اووه شهرزاد لست فى حالة مزاجية تسمح بالدلع والهزار ولو ظل كلامك كله استخفافًا فأعلمى أنك ستكونين على موعد مع مسرور السياف.
– حيلك حيلك ،لماذا كل هذا الحزن؟ ألم تتابع ردود فعل غالبية الناس على تويتر وهى شامتة فى ذلك الفيس بوك وكأن لسان حالها يدندن أنا فايق ورايق انا مبسوط مش متضايق؟!
– ولم كل هذه الشماتة يا متألقة فى فستانك، يا فيلسوفة عصرك وأوانك؟
– فستانى فقط هو اللافت للأنظار؟ ألا يعجبك شعري الغجرى المجنون هذا وهو ينسدل على كتفى كالماء الجارى فى الأنهار؟
– كفاكى دلعا وأجيبى وإلا أريتك النجوم فى وضح النهار.
– الناس فرحانة لأن الفيس بوك يا مولاى ليس له قضية سوى حجب الصفحات القوية التى تدعم القضية الفلسطينية.
– إذا كان الأمر كذلك فلم لا يقاطع الناس مواقع التواصل تلك التى تنحاز للباطل ضد الحق؟
– كله إلا الفيس بوك يا مولاى، تصور.. منذ أيام طلب منى والدى إغلاق الفيس بوك!
– وماذا قلتى له يا شهرزاد؟
– تظاهرت بالموافقة وبعد هنيهة عملت له بلوك!
– لهذه الدرجة لم يعد الناس قادرين على الاستغناء عن هذا الوباء؟
– اتضح يا مولاى أن هناك قوى غربية خططت بكل قوة ودهاء ليدين الناس لتلك المواقع بالولاء ولا يستطيعون عنها استغناء!
– تقصدين بتلك القوى اوربا والأمريكان؟
– طبعا طبعا يامولاى فهذا لا يخفى على انس ولا جان.
– معكى حق طبعا لكن قوليلى بصراحة،ماذا فعل العرب أساسا لنصرة القضية الفلسطينية سوى الشجب وعبارات الإدانة الرنانة القوية؟
– فكرتنى يامولاى أما اقوم أجيبلك طبق مهلبية صنع إيديا وحياة عينيا.
– أقول لك القضية تقولين مهلبية،، ماذا دهاك يا صاحبة الحواديت الاسطورية؟
– أبدا يامولاى ولكنى كما تعرفنى لا أحب السياسية وتفاصيلها اللولبية وأردت من المهلبية أن نجعل الجلسة مريحة وطرية.
– هاهاها كم أنت مكارة ياشهرزاد،عموما ائتنى بالمهلبية فى فيمتو ثانية من الزمان..فأنا اريد أن اعرف ماذا فعل انقطاع الفيس بالناس،اريد تفاصيل كل ماجرى وماقد كان.
– لقد كان ما لم يخطر على بال انسان ولكن ألا تسمع صوت الديك يامولاى..لقد أصبحنا أو نكاد !
وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح وعادت الحياة للفيس بوك وعاد بين يدى الجميع متاح وعاد الناس يمارسون عليه ما اعتادوا من الولولة والصياح ونسوا كلامهم عن المقاطعة ونصرة القضية، وفرقوا ابتهاجا بعودته أرز بلبن ومهلبية!