يتدفق العلماء من أنحاء العالم إلى منطقة بركان جزيرة لا بالما، إحدى جزر الكناري في المحيط الأطلسي. وهم يستخدمون أحدث التقنيات، سواء من على الأرض أو البحر أو الجو أو حتى الفضاء، لدراسة إحدى الثورات البركانية النادرة.
من بين المعدات، المستخدمة، الطائرات بدون طيار ذات الكاميرات عالية الوضوح وأدوات بالغة الدقة. وبمساعدة الأقمار الصناعية، يقومون بتحليل انبعاثات الغازات وتدفقات الصخور المنصهرة. أما على الأرض، فتقوم المعدات بجمع كل شيء بدءًا من أصغر الجسيمات إلى “قنابل الحِمَم”، وهي صخور بحجم البطيخ تنطلق من فوهة البركان كمقذوفات متوهجة.
الهدف النهائي في لا بالما هو انتهاز فرصة فريدة لفهم البراكين بشكل أفضل؛ كيف تتشكل، وتتطور، وكيف ومتى تنتهي الثورات البركانية.
ورغم القفزات التكنولوجية والعلمية الحديثة، يعتمد الباحثون كثيرًا على التخمين لما يحدث في أعماق الأرض حيث تتشكل الصهارة وتذيب أي معدات من صنع الإنسان.
يقول بيدرو هيرنانديز، الخبير في معهد البراكين بجزر الكناري، في تقرير بثته وكالة أسوشيتدبرس: “خلال الأربعين عامًا الماضية، تحقق الكثير من التقدم في فهم العمليات الجيولوجية، ولكن لا يزال من الصعب معرفة ما يحدث على عمق 40 إلى 80 كيلومترًا”.
وأضاف: “ربما كان ما نعرفه عن النجوم أفضل مما نعرفه عما يحدث تحت أقدامنا”.
عندما بدأت الصهارة تتراكم في أعماق بركان كومبر فيجا في لابالما، كان العلماء يقيسون الارتفاع عن سطح الأرض، وتركيزات الزلازل المعروفة باسم الأسراب الزلزالية وغيرها من علامات قرب وقوع الانفجار البركاني. لم يتمكنوا من التنبؤ بالتوقيت الدقيق للثوران، لكن تقييماتهم دفعت السلطات لبدء عمليات الإجلاء الأولى قبل ساعات فقط من حدوثه في 19 سبتمبر.
يرجع ذلك للتقنيات الجديدة في علم البراكين؛ كل شيء من الطائرات بدون طيار، التي تسمح بإلقاء نظرة خاطفة على المرجل البركاني، إلى أجهزة الكمبيوتر العملاقة التي تقوم بالتنبؤات.
أنتج القمر الصناعي كوبرنيكوس التابع للاتحاد الأوروبي صورًا عالية الدقة ورسم خرائط للجزيرة بهدف تحديد التشوهات الناجمة عن الزلزال، فأتاح متابعة لحظية تقريبًا لتدفقات الحمم البركانية وتراكم الرماد. تمكن خبراء كوبرنيكوس أيضًا من مراقبة أعمدة كبيرة لغاز ثاني أكسيد الكبريت السام، وهي تقطع مسافات طويلة عبر شمال إفريقيا والساحل الأوروبي وحتى منطقة البحر الكاريبي.
وفي البحر، تدرس سفن الأبحاث الإسبانية تأثير ثوران البركان على النظام البيئي البحري حيث تمتد “أصابع الحمم البركانية” داخل المياه.
ويتوقع العلماء تحقيق قفزة كبيرة، عندما يمكنهم استخدام المركبات ذاتية التشغيل، مثل تلك المرسلة إلى القمر أو المريخ، في دراسة البراكين.
يتركز عمل العلماء على التنبؤ بمدى تأثير أضرار البركان على المجتمع الذي فقد آلاف المنازل والمزارع والطرق وقنوات الري. لكن السؤال عن موعد انتهاء الثوران لا يزال يطاردهم.