رمضان شهر التسامح ، فمن كان بينه وبين أحد من الناس قطيعة أو شحناء فليعجل بإنهائها ، فخيرهما الذي يبدأ بالسلام ، أما الفجور في الخصومة واللدد فيها فمن علامات النفاق والمنافقين ، فإذا خاصم المنافق فجر، أما المؤمن فسهل قريب كريم هين لين يألف ويؤلف ، ومن كان كذلك حرم الله جسده على النار ، ولا سيما في شهر الرحمة والتسامح والمغفرة والعتق من النار .
ولا شك أن ديننا هو دين الرحمة , دين التسامح , دين العفو , دين الصفح , دين الحلم , دين مكارم الأخلاق , وقد علّمنا القرآن الكريم ودعانا إلى أن نصفح الصفح الجميل , فقال سبحانه مخاطبًا نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ” , وهو الصفح الذي لا منّ ولاعتاب ولا تأنيب معه .
وقد كان من عاداتنا وأعرافنا الجميلة أنه إذا جاء رمضان تصالح المتخاصمون , وتزاور الناس وتواصلوا , وأدركوا بل أيقنوا أنه لا مجال للخصام أو الشقاق في هذا الشهر الكريم.
وإذا كان نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا ، وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُما الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ”.
فإن الناس يدركون أن صيامهم لا يمكن أن يكون تامًّا كاملاً مع وجود الشحناء أو البغضاء فيما بينهم , ومن ثم كانوا بفطرتهم يحرصون كل الحرص على إنهاء أي خصومات أو شحناء قبل رمضان , ويعدون ذلك من لوازم القبول ، فإن فاتهم ذلك قبل بداية رمضان تداركوه قبل نهايته ، فيا باغي الخير أقبل .
ولم يكن الأمر يقف عند هذا الحد , إنما كان يتجاوزه إلى التزاور المتبادل في ساحات كرم ومآدب إفطار وسحور هذا الشهر في أجواء عائلية وإنسانية تتسق وآداب هذا الشهر الكريم , لا تهدف إلا إلى تعميق أواصر الرحمة والمودة بين الأهل والجيران والأصدقاء في أريحية مصرية تستحق التشجيع والتقدير .