مع انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم وعجز الدولة عن احتوائه وانهيار المنظومة الصحية والاقتصادية، ظهرت الحاجة إلى مؤسسات المجتمع المدني لتقليل من تداعيات جائحة كورونا، من خلال الدور التثقيفي والتوعوي بكيفية مواجهة انتشار الفيروس، و تكثيف الحملات حول اليات الحماية والإجراءات التي يجب إتباعها للوقاية، وجمع التبرعات ومساعدة الدولة في إعانة الطبقات الهشة، و تنفيذ خطط ومشروعات تنموية تستوعب الشباب المتضرر من الأزمة، ومن هنا تهدف الدراسة إلى إبراز أهمية دور المجتمع المدني في مكافحة فيروس كورنا وذلك من خلال التطرق إلى نماذج لدراسة حالات متباينة جغرافيا.
منذ ظهور حالات الإصابة بالفيروس في مصر تعددت الدعوات المطالبة بضرورة تفعيل دور منظمات المجتمع المدني، وحشدها لتتلاءم مع اللحظة الفارقة التي تمر بها البلاد جراء جائحة كورونا، وقد انعكست في عدد من المبادرات من جانب بعض مؤسسات المجتمع المدني، والجهود الفردية من خلال تقديم التبرعات العينية والمادية،
والتي تستهدف التخفيف من الأعباء المعيشية جراء تضرر شرائح واسعة من المجتمع من توقف العمل في بعض المجالات، وفي مقدمتهم العمالة اليومية، ويمكن الاستدلال على إحدى النماذج من خلال دور بنك الطعام المصري، والحملة التي أطلقها تحت مسمى “دعم العمالة اليومية مسؤولية”؛ وذلك ابتداءً من 22 مارس، والتي يتم من خلالها توزيع 500 ألف كرتونة طعام كدعم غذائي. ونخص بالذكر الجهود المبذولة من جانب المجتمع المدني لدعم القطاع الصحي الحكومي، باعتباره يتحمل على عاتقه الجزء الأكبر من مسئولية مواجهة جائحة كورونا، والتي تمثلت في عدد من المبادرات فضلًا عن تقديم العديد من الشركات ومؤسسات المجتمع المدني تبرعات مالية لوزارة الصحة والسكان .ويمكن توضيح نماذج لتلك المبادرات على النحو التالي:
1- مبادرات الدعم الوقائي؛ من خلال توفير المستلزمات الطبية التي تحتاجها المستشفيات، من أدوات الوقاية الشخصية من العدوى، ومن بين النماذج، دور مؤسسة “مصر الخير”، من خلال إسهامها في تقديم المستلزمات الطبية والملابس الوقائية الخاصة بالأطباء والممرضين، بمستشفيات العزل والحجر الصحي والحميات، على مستوى الجمهورية.
2- المبادرة المصرية لإنتاج ٥٠٠٠ جهاز تنفس صناعي؛ حيث تهدف هذه المبادرة إلى رفع سعة، وكفاءة غرف الرعاية المركزة؛ وذلك بإعادة تصنيع ٥٠٠٠ جهاز PB 560 باستخدام التصميمات التي أتاحتها إحدى الشركات العالمية؛ وذلك بعد إنتاج نموذج تجريبي، وإجازته من وزارة الصحة. وتستند فكرة المبادرة على جمع مجموعة من المهندسين المتخصصين، والأطباء، ومتخصصي إدارة المشروعات، ثُم مخاطبة الهيئة العربية للتصنيع والشركة القابضة للصناعات المعدنية لإنتاج الجهاز على خطوط إنتاجهم، وخلق قنوات للتبرع لصالح الحملة من خلال جمعيات خيرية معتمدة وتحظى بالثقة العامة، وأخيرًا تصميم وتنظيم دورات طبية لتدريب الكوادر في جميع محافظات مصر على استخدام الجهاز. وتقوم المبادرة على تحقيق تعاون ثلاثي بين قطاع الصناعة، وجمعيات المجتمع المدني، والدولة لتحقيق الهدف المرجو في أقصر مدة ممكنة، وبجودة عالية. وقد بدأت بالفعل مجموعة عمل في دراسة تصميمات الجهاز، وتبين لهم بشكل مبدئي إمكانية تنفيذه في مصر.
3-مبادرات تحفيز العمل التطوعي وحماية الفرق الطبية:
يعاني القطاع الصحي الحكومي أزمة كبيرة في عدد الأطباء والتمريض؛ ولهذا اضطرت وزارة الصحة إلى تغيير شكل المواجهة التقليدية للوباء؛ وذلك بغلق العيادات الخارجية بجميع المستشفيات وتحويل طاقة العمل بأكملها إلى الوحدات الصحية، وهذا يُعد تعديلًا لمسار التعامل مع الأزمة، بهدف الاستفادة القصوى من الفريق الطبي الحالي. فبدلًا من أن تكون المستشفيات هي خط المواجهة الأول للمرض، مما يسمح بتحويلها لبؤر عدوى لاستقبالها عدد كبير من المرضى من مناطق مختلفة، تكون الوحدة الصحية أو مكتب الصحة الموجود في كل حي أو قرية الخط الأول للتعامل مع المرض، على أن يتم رفع كفاءة تلك الوحدات، ومدها بالفريق الطبي المدرب وبأجهزة الأشعة والتحاليل التي تمكنها من تأكيد أو نفي احتمالية إصابة أي شخص بـ “كورونا”، بحيث تقوم الوحدة بعد ذلك بتحويل الشخص المرجح إصابته بالفيروس إلى مستشفى الحميات أو الصدر القريب منه، ليجري فيه تحليل “pcr” . وفي حال تأكد الإصابة، يتم نقله إلى أقرب مستشفى عزل له. وبالتالي يتحقق هدف تخفيف العبء على الفريق الطبي بحيث لن يصل إلى مستشفيات الحميات سوى المرضى الذين يعانون من التهاب رئوي فقط. ومن ثم، يكون دور الأخيرة قاصر على التحقق مما إذا كان الالتهاب الرئوي بكتيريًا، ووقتها يحصل المريض على علاجه داخلها أو أنه ناتج عن الإصابة بفيروس كورونا، ويحتاج إلى النقل إلى مستشفيات العزل لتلقي العلاج.
ونتيجة للنقص في عدد الأطباء والتمريض، واحتياج القطاع الصحي بأكمله إلى التدريب على مواجهة الأزمة، فإن قرار وزارة الصحة بفتح باب التطوع يُعد قرارًا جيدًا يراعي هذا النقص، وقد يساهم في التخفيف من العبء على المنظومة الصحية؛ لأنه يسمح للتخصصات العلمية القريبة من مجال الطب مثل خريجي كليات العلوم والطب البيطري والأسنان القيام بأدوار تكميلية بمستشفيات العزل والإحالة أو بفرق التقصي والمتابعة الميدانية. وكذلك يسمح القرار بوجود متطوعين للعمل المجتمعي لتوعية الناس بأن خط الدفاع الأول للإنسان هو بيته، فضلًا عن إمكانية قيامهم بتوصيل الخدمات إلى المنازل، وخصوصًا كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، باعتبارهم الأكثر عرضة للإصابة.
وفي ذات السياق، قامت وزارة الصحة بتخصيص خطين ساخنين للأمانة العامة للصحة النفسية؛ لتقديم الدعم النفسي للمواطنين المتواجدين بالمنازل خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى تدريب 150 متخصص في الصحة النفسية عبر وسائل الإنترنت للتواصل عن بعد من أجل تقديم الدعم النفسي للمصابين بفيروس كورونا المستجد، وأهالي المصابين والفريق العلاجي في مستشفيات العزل وباقي فئات.
وفي هذا السياق تأتي أهمية تفعيل آليات عملية للدعم النفسي للناس عمومًا، وللفرق الصحية خصوصًا من أطباء وتمريض، وأيضًا دعمهم ماديًا ومعنويًا، والعمل على حمايتهم بجميع الوسائل الممكنة، وتوفير الاحتياجات اللازمة لأسرهم.
وعلى الرغم من الخطوات الجيدة من جانب الحكومة، إلا إنه مازال ينقصها توافر قنوات لاستيعاب المزيد من المبادرات المجتمعية، التي تأتي من خارج الحكومة والاستفادة منها عن طريق آليات واضحة ومحددة؛ وذلك بعيدًا عن البيروقراطية التقليدية. تلعب دور الوسيط بين الفرد المجتمع و الدولة فإنه يصبح من الضروري عليها في الحيز المتاح دعم ومساعدة مؤسسات الدولة والأفراد على حد سواء في ظل رؤية الدولة وحوكمتها وسياستها ومقاصدها،
كما تهدف هذه الدراسة إلى تغيير بعض القناعات النمطية السائدة من أن الدولة هي المسؤول الأول والأخير عن إيجاد الحلول للظروف الطارئة بمعزل عن المجتمع المدني أفرادا وجماعات، السعي إلى توعية المجتمع مدني والذي من شأنه تعزيز قيم المواطنة والتعاطي الإيجابي معها، كما ركزت هذه الورقات على وجوب تبني الدولة ثقافة المشاركة والمبادرة، وحماية المجتمع المدني بكل آلياته من كل ما يعيق دوره وغايته. أثر ضغوط العمل على أداء العاملين في القطاع الصحي في ظل جائحة كوفيد 19 في ولاية أم البواقي، وللوصول لأهداف هده الدراسة تم توزيع 200 استبانة على العاملين في كل من أي بمعدل دوران 94,5%. بعد إدخال البيانات في برنامج الـ SPSSومعالجتها تم التوصل إلى وجود أثر ذو دلالة معنوية عند مستوى 0.05 بين ضغوط العمل وأبعاد أداء العاملين وهذه العلاقة موافقة للنظرية الاقتصادية. كما تضمنت الدراسة مجموعة من النتائج أهمها أن البيئة الداخلية التي توفرها المستشفيات بشكل عام أو مجموعات العمل تساهم بشكل كبير في إجهاد نفسي وجسدي للعاملين في المستشفى والذي يعتبر أكثر فتكًا من الوباء نفسه