وصل الإسراف لدى بعض الأسر إلى مستويات غير مقبولة، حيث بلغت قيمة هدر المواد الغذائية في الدولة وفق بيانات رسمية 6 مليارات درهم سنوياً، كما أن الاستهلاك المتزايد للكهرباء والمياه جعل معدل استهلاك الفرد في الدولة من أعلى المعدلات عالمياً، فضلاً عن المبالغة في الإسراف على الكماليات من سيارات وأزياء وإكسسوارات وهواتف محمولة، حتى فاقت نفقات الكثير من الأسر دخلها الشهري، وجعلها تضطر لمعالجة هذا العجز بالديون والقروض.
للمجتمع بالابتعاد عن سلوكيات الإسراف والتبذير، لتشكل التوجيه الأمثل لتكريس ثقافة الترشيد أسلوب حياة ضمن سلوك الجميع، وأن يتحمل كل فرد المسؤولية للمساهمة بفعالية في مساعي الدولة التي تستهدف الحفاظ على الموارد واستدامتها للأجيال القادمة.
إذا استمر التوفير بهذا المعدل فسيصل إلى 816 ميغاواط في اليوم الواحد وتخفيض 489 طن انبعاثات كربونية، كما أنه إذا استمر الترشيد بهذا المعدل خلال عام كامل فإن تكلفة كميات الطاقة الموفرة تكفي لإنشاء محطة إنتاج تضم 8 وحدات توليد تبلغ تكلفتها 800 مليون درهم، مبيناً أنه تم تركيب أكثر من 3 آلاف من القطع والأدوات المرشدة للمياه وفرت أكثر من 127 مليون غالون من المياه خلال العام الماضي، وتم متابعة وتقييم ومراقبة استهلاك 393 منشأة، مناشداً كافة سكان إمارة الشارقة بتركيب القطع والأدوات المرشدة للمياه لأنها توفر أكثر من 40% من الاستهلاك وتخفض الفاتورة بنسبة كبيرة.
أن هدر المياه يعتبر جريمة في حق المجتمع وسلوكاً خاطئاً تنهى عنه كل الأديان ويؤدي لارتفاع فاتورة استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 40%، كما أوضحت الإحصائيات أن التسربات غير المرئية في المباني تبلغ 85% من أسباب هدر المياه وغالباً تكون في الخط المدفون ما بين العداد إلى الخزان الأرضي، مبيناً أنه تنفيذاً لأهداف واستراتيجيات
والتي يجب الاستعداد لها والاستفادة من التجارب الأخرى في شتى المجالات لتحقيق التنمية المستدامة وتقديم أفضل الخدمات للمشتركين من خلال تنمية الوعي بقضايا المجتمع الحيوية وأهمها الاستخدام الأمثل للطاقة والمياه ونشر ثقافة ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه وجعلها سلوكاً يومياً للحفاظ على الطاقة والمياه خاصة
أن كل ما نقوم به من جهد اليوم يهدف في الأساس إلى حماية مستقبل وضمان غد أفضل لأبنائنا، حيث إن الطاقة والمياه تعتبران عماد الحياة، ولا تستطيع أي مجتمعات الاستغناء عنهما في ظل الاحتياج اليومي لهما كمطلبين أساسيين للنمو والاستقرار والحياة الطبيعية، وتوافرهما يعني وجود حضارة وحياة ونمو وتقدم واستدامة.
أن الدولة بذلت جهوداً كبيرة خلال الشهور الماضية في توفير كميات كبيرة من السلع الغذائية من كافة قارات العالم بواسطة الشحن الجوي وبتكلفة مرتفعة حتى لا يشعر أي مواطن أو مقيم بغياب أية سلعة، في الوقت الذي كانت فيه شعوب تنتمي لدول متقدمة تعاني من ندرة السلع الأساسية والاستراتيجية، ما يؤكد ضرورة الحفاظ على نعمة الغذاء وعدم التبذير فيها. وأشار إلى أنه منذ بدء جائحة كورونا أكدت حكومة الإمارات أن جميع السلع متوفرة وبشكل ممتاز، وانتشر شعار «لا تشلّون هم» في أرجاء الدولة، وتم استيراد آلاف الأطنان من الغذاء والدواء من كل أرجاء العالم.
أن ظاهرة الإسراف تتناقض مع قيمة «حفظ النعمة أن مهمة كل مواطن ومقيم أن يتقي الله في مطعمه وملبسه وأن لا ينفق فيهما الكثير مما لا داعي له. علينا الإرشاد في الإنفاق ولا نلجأ للتبذير لأن الله سيحاسبنا على كل درهم أنفقناه في غير محله، مع العلم أن الدولة تحملت الكثير والكثير من الأموال والجهد لتوفير الغذاء لنا وعلينا أن نحفظ حق هذه النعمة بحسن الإنفاق والبعد عن الإسراف والتبذير.
أن الاستغناء عن الإسراف بات مطلباً مهماً تحديداً في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم بفضل تداعيات الجائحة الصحية كورونا، ما يتطلب وعياً شاملاً وتغيراً جذرياً في السلوك الشرائي بحيث يتحول إلى شراء «تكيفي». أن الترشيد وعدم الإسراف ثقافة لا يعرفها إلا المميزون بعمق القناعة والثقة بالنفس بعيداً عن الاستهلاك التفاخري.
يبقى الاستغناء عن الإسراف غير الضروري دعماً للاستقرار الاقتصادي وبناء لحياة مليئة بالطمأنينة، واستشهد بالمثل الذي يقول: (لا تسرف ولو من البحر تغرف) وهذا يعني أنه مهما أعطاك الله من رزق وخير فلا تعبث به لأنك محاسب عليه.
أن قيادة الدولة حريصة على المجتمع الإماراتي بما يحقق له النفع العاجل والآجل في كل شؤون حياته، لا سيما توجيهها بعدم الإسراف في النفقات الخاصة والعامة، لما في الإسراف من إهدار لمقومات الحياة ومصالحها.
إن التجاوز عن الحد المطلوب الذي يحتاجه المرء في طعامه وشرابه ومركوبه وأثاثه ونفقاته الخاصة والعامة، «يُعد من البطر الذي نهى عنه الشارع الحكيم، كما في قوله سبحانه وتعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} في آيتين من كتاب الله تعالى، كما أثنى على الذين لا يسرفون بقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} وجعلهم في منظومة عقد مَن أثنى عليهم من عباد الرحمن».
وبيّن أن الإسلام دين وسطي في كل شيء، ومن أهم ذلك ما يصلح وضع الحياة، وهو التوسط في الإنفاق، مشدداً على ضرورة الاتصاف بهدي الإسلام الذي وجهنا لكل خير ونهانا عن كل ما يضر بحياتنا عاجلاً وآجلاً.
من هنا كانت توجيهات القيادة الرشيدة بالحفاظ على مقومات الحياة والتوسط في الإنفاق وعدم البذخ والسرف لما في ذلك من إهدار للثروة والمدخرات، وهو ما كان يندب إليه النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري وغيره: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا، في غير إسراف ولا مخيلة»، وقال ابن عباس: كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك اثنتان: سَرَفٌ، أو مخيلة، والمخيلة الكبر؛ لأن ذلك مما يبغضه الله ولا يحب صاحبه كما قال سبحانه: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}. أن الله ذمَّ المسرفين في مُحكم آياته، وتوعدهم بالعذاب بما لا يخفى، وهو ذم على عمومه يدخل فيه الكفر والقتل والطغيان ومجاوزة الحد في الإنفاق، لعموم الاسم والوصف، «ولذلك كان السلف يعدون كل إنفاق لا يكون فيه طاعة لله تعالى من الإسراف كما قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلاً».شكر الله تعالى على نعمه التي أولانا إياها ولا نبطرها بإنفاقها بذخاً وسرفاً، «فإن ذلك مؤذن بزوال النعم، وإذا زالت فقلما تعود».
تشير الإحصاءات العالمية إلى أنه يتم هدر ثلث الأغذية التي يتم إنتاجها على مستوى العالم، كما تقدر قيمة المواد الغذائية المهدورة في دولة الإمارات بستة مليارات درهم سنوياً، ما يستدعي زيادة الوعي المجتمعي بأهمية الغذاء والحد من هدره للمحافظة على الأمن الغذائي. أن حجم الأغذية، التي وزعها البنك منذ تأسيسه، بلغ نحو 21 ألف طن من الأغذية، استفاد منها فئات العمال والأسر المتعففة والجمعيات الخيرية،
أن الأهداف الإنسانية لبنك الطعام تتمثل في: ضمان الاستغلال الأمثل لفائض الطعام، وتقليل هدر الطعام والمساهمة في تعزيز المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي وتوعية أفراد المجتمع بأهمية حفظ النعمة، ويسعى البنك بشكل مستمر للوصول إلى الهدف المنشود. «يتم توزيع فائض الأغذية مباشرة وكذلك من خلال الجمعيات الخيرية المعتمدة في الدولة، بعد الكشف على جميع الشحنات، للتأكد من سلامتها وصلاحيتها للاستهلاك، ونحن بصدد إطلاق تطبيق ذكي أنه يتم التنسيق بين إمارات الدولة لتجميع وإعادة توزيع الطعام،
وهذا التنسيق يتم أثناء توفر شحنات كبيرة من الأغذية، واستقبالها في أحد، لتوفير سيارات نقل لشحن الكميات المناسبة لكل فرع، وتغطي حاجة الفئات المستفيدة لديهم وبدورهم يقومون بتوزيعها، وفي بعض الأحيان يتم إخطار المؤسسات المتبرعة بنقل الشحنات الغذائية مباشرة من خلال بدء شراكات مستدامة مع كيانات قطاع الأغذية والضيافة مثل المطاعم ومحلات السوبر ماركت والفنادق، وزيادة الوعي بأهمية التطوع للطعام في أي مرحلة، بما في ذلك جمع أو تخزين أو توزيع وجبات الطعام، وتقليل كمية الطعام المُهدَر،
التي تحقق معدل صفر لهدر الطعام وكذلك ترسيخ القيمة الاجتماعية للاستدامة، والحد من هدر الطعام المفرط، من خلال حملات التوعية، التي تسلط الضوء على أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، إضافة إلى فتح فروع للبنك ، من أجل تقديم وجبات الطعام لأكبر عدد ممكن من الأشخاص المحرومين من الطعام».
« بهدف تحقيق انخفاض كبير في إهدار الطعام مع التخفيف من الجوع، وتوزيع الغذاء على الأفراد الأقل حظاً في المجتمع، وتهدف المبادرة إلى تعزيز التضامن الاجتماعي، وغرس قيمة الحفاظ على الموارد الغذائية وتقاسمها» . أن وضع ميزانية للأسر شهرية وسنوية، يساعد في ضبط عمليات الشراء ويجنبها الأزمات المالية، ومن ثم الابتعاد عن مظاهر البذخ والإسراف، كونها من المظاهر الضارة بالفرد والأسرة والمجتمع على حد سواء.
«إن قضية الترشيد وعدم الإسراف مرتبطة ارتباطاً كلياً بملف الأمن الغذائي الذي كان دوماً من المواضيع الهامة لدولة الإمارات، وقيادتنا الرشيدة تؤكد أن مصدر الحصول على الغذاء في الدولة يكون من قناتين مختلفتين هما الاستيراد والإنتاج المحلي، ونظراً لصعوبة الظروف البيئية في الدولة من حيث ندرة الماء وقلة المساحات القابلة للزراعة فقد تمكّنا على مدار السنوات الماضية من إنشاء البنية التحتية المناسبة لضمان استيراد جزء كبير من غذائنا، وبلا شك فإن الأمن الغذائي منظومة متكاملة لا تتعلق بإنتاج الغذاء فقط، بل ثقافة التعامل معه وذلك عن طريق ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف». أهمية كبرى للمواضيع المتصلة بحماية البيئة والاستدامة، وفي هذا السياق، تنظم الجهات المعنية مجموعة متكاملة من المبادرات والبرامج والأنشطة التوعوية على مدار العام تستهدف جميع قطاعات المستهلكين لتسليط الضوء على أهمية ترشيد استهلاك الطاقة والمياه وتبني أسلوب واعٍ ومستدام. وحققت برامج ومبادرات الترشيد التي أطلقتها هيئة كهرباء ومياه دبي بين عامي 2009 و2019 وفراً تراكمياً ضمن الفئات المستهدفة بلغ 2.2 تيراواط ساعة من الكهرباء و7.8 مليارات غالون من المياه، ما يعادل توفير مليار و300 مليون درهم، وتقليل مليون و136 ألف طن من الانبعاثات الكربونية.
أن الكثير من المبالغ المالية والمخصصات العائلية تنفق على أمور لا جدوى منها، مثل المبالغة في الإسراف على الكماليات من سيارات وأزياء وإكسسوارات وهواتف محمولة. وأضاف: إن ما يقوم به الجيران من تصرفات مثل شراء الكماليات غالية الثمن يؤثر في بقية الجيران، سواء بالمشاركة والدعم والقبول أو التقليد أو بالتذمر، وفي تلك الحالة قد يضطر البعض إلى اللجوء للمؤسسات المالية للاقتراض، وهنا يدخل الشخص في دوامة الديون وتبعاتها.
إن ثقة الفرد الحقيقية بنفسه نابعة من سلامة الذات وليس من المتعلقات المادية الباهظة الثمن أو المحدثة باستمرار، وأن على الجميع السماع لنداء الوطن بترشيد الاستهلاك حفاظاً على الموارد.
أن الاستهلاك التفاخري يؤثر في المستوى الاقتصادي للأسرة ويؤثر أيضاً في الاستقرار النفسي للفرد. أن البعد عن سلوكيات التبذير والإسراف يتماشى مع تعاليم ديننا الحنيف الذي يحض على عدم التبذير، ولا شك فإن الاعتدال في الإنفاق لن يعرض ميزانيات الأسر المواطنة والمقيمة إلى أزمات. الأفراد بضرورة أن تكون ممارساتهم الشرائية تكيفية تناسب ظروف الفرد الشخصية والاجتماعية والاقتصادية، داعياً الفرد إلى تقدير احتياجاته جيداً والابتعاد عن الشراء بشكل زائد عن حاجته.
إلى ضرورة الوعي لأساليب الدعاية والإعلان التي تركز على ميزة معينة وتضخمها وتلغي الجوانب الأخرى التي تكون اعتيادية أو أقل في تلك السلعة، والتدقيق في العروض من حيث تواريخ الانتهاء بما يتناسب مع احتياجات الفرد، ضرورة الابتعاد عن التفاخر والمباهاة في شراء السلع.
جوانب الخلل النفسية في عملية الشراء ما يطلق عليه في علم النفس «الهوس» الذي يمثل المبالغة في شراء سلعة معينة واقتنائها على الرغم من عدم حاجة الفرد لها أو الإدمان على تغييرها خلال فترات زمنية قصيرة على الرغم من عدم انتهاء صلاحيتها كتغيير الهواتف النقالة أو السيارات مثلاً كل سنة، ومن جوانب الخلل النفسية الأخرى عقدة النقص لدى بعض الأفراد الذين يسعون بشكل لا شعوري إلى تعويض ذلك النقص الكامن في شخصيته أو مظهره بلفت الانتباه إلى ما يشتري للحصول على التميز وصرف نظر الآخرين عن النقص الذي يؤرقه.
مثلما توجد جوانب خلل نفسية في عملية الشراء توجد أيضاً بعض جوانب الخلل الاجتماعية النفسية كالتفاخر والمباهاة بالسلعة أو بثمنها، أو حداثتها، أو حجمها، أو غير ذلك، لافتاً أيضاً إلى أحد جوانب الخلل الأخرى التي يمكن استغلال احتياجات الفرد خلالها أو خداعه وهي بعض أساليب الدعاية والإعلان، والعروض التي تجعل الفرد يشتري كمّا أكبر من سلعة بشكل زائد عن حاجته لها متوهماً أنه ربح لأن سعرها أقل مما كان عليه في السابق، وفي حقيقة الأمر قد يخسر لأنه قد يستخدم واحدة منها ولا يحتاج للأخرى. وذكر أن الإنسان الواعي هو من يحسب حساب كل شيء، وتكون لديه نظرة مستقبلية للأمور، بعكس الإنسان الذي يكون همّه الوحيد التباهي والتفاخر أمام الناس ولو على حساب نفسه، أي الخسارة المادية التي يتعرض لها في استبدال القديم بالجديد.