يتعرض الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم للهجوم والنقد كل يوم تقريبا، بسبب مشكلات وزارته المتشعبة الثقيلة، فى المدارس والمدرسين والمناهج الصعبة والكتب والتابلت والامتحانات وغيرها، كل ذلك مفهوم ومقبول، لكن ماهو غير مفهوم ولا مقبول أن يكون الهجوم والنقد بسبب بعض فقرات فى كتاب مدرسى عن النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، بدعوى أن هذه الفقرات ” مناهج داعشية خرجت أجيالا من المتطرفين وجهزتهم للالتحاق بالتنظيمات التكفيرية واغتيال الأبرياء ” !!!
هذه الأوصاف االخطيرة عندما تطلق على مضامين دينية إسلامية تعبر عن حساسية مفرطة ضد كل ما يمت بصلة للدين الإسلامى والنبى والصحابة والفتوحات والأبطال التاريخيين لأمة الإسلام، هذه الحساسية بدأت بالتلصص على كتب التراث واستخراج مافيها من أقوال غريبة وشاذة وتعميمها لوصم التراث كله، ثم التسلل إلى السنة والسيرة النبوية وتفاسير القرآن وتشويه الأزهر وعلماء الدين، وصولا إلى التشكيك فى القرآن والنيل من قدسيته، والهدف هو اغتيال هوية الأمة، واجتثاثها من جذورها، حتى تصبح لقمة سائغة لمن ينتظرون لحظة الانقضاض عليها.
وكلما خفت صوت من الأصوات المتورطة فى هذه اللعبة القذرة، أو انكشف ضلال صاحبها واحترق جماهيريا خرجت أصوات أشد جهلا ولددا وفجورا، وقد صادفت الأسبوع الماضى منشورا لكاتبة دأبت على مهاجمة الأزهر وشيخه الجليل بجرأة فاحشة، لكنها هذه المرة كشفت عن مكنون نفسها، عندما هاجمت الدكتور طارق شوقى لوجود فقرات فى أحد الكتب المدرسية عن النبى والصحابة، ومن سوء حظها أنها وضعت صورة لهذه الفقرات التى ادعت أنها “داعشية” ولها علاقة بالتنظيمات التكفيرية واغتيال الأبرياء، لنكتشف كذبها وزيف اعاءاتها، وأنها ماقصدت بهذه الادعاءات الخطيرة إلا تشويه الإسلام .
تقول الفقرات المتهمة بأنها داعشية :
ــ ” لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفضل خلق الله دائم المشاركة لأصحابه فيما يقومون به من أعمال، لقد شاركهم فى بناء المسجد، ينقل معهم المواد اللازمة لبنائه كالحجارة وجذوع النخل وجريدها، وشارك معهم فى حفر الخندق، يحمل معهم التراب والحجارة، وكان يشارك أهل بيته فى أعمال المنزل “.
ــ ” خرج أطفال المسلمين فى غزوة الخندق مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يشاركون فى حفر الخندق، كل منهم يعمل بجد ونشاط، ينقلون التراب والحجارة من مكان لآخر، وكان منهم زيد بن ثابت الذى فرح به الرسول وقال له : نعم الغلام أنت يازيد، وتاريخنا العربى والإسلامى ومجتمعنا مليء بالكثير من المواقف التى تعكس الإقبال على التطوع “.
ــ ” يقول أحد المستشرقين عن هارون الرشيد : إنه المتدين المتصدق القائم بجميع فرائض الإسلام، أشد المسلمين إيمانا، فكان كثير الصلاة، يغزو عاما ويحج عاما آخر، ويتصدق من ماله كل يوم بألف درهم، ويحب الشعر والشعراء والأدب والفكر، ويقرب إليه العلماء، فكان عهده عهد ازدهار ورخاء “.
ــ ” المجتمع الإسلامى يؤمن بالشورى ويحرص على تطبيقها، ولا يفرق بين الناس بسبب اللون أو الجنس أو الدين، ويؤمن بحرية العقيدة فلم يجبر أحدا على الدخول فى الإسلام، ويتعايش فيه الناس متحابين مسلمين وغير مسلمين”.
والآن .. أين الرائحة الداعشية فى هذه النصوص؟ أين الإرهاب والمنظمات التكفيرية وقتل الأبرياء وغير ذلك من الادعاءات السخيفة التى رددتها الكاتبة فى تعليقها على هذه المضامين؟!
لقد ادعت أن وزارة التربية والتعليم فيها طابور خامس، وأن الرأى العام المصرى سوف يسجل أن المناهج الداعشية قد خرجت أجيالا من المتطرفين، وجهزتهم للالتحاق بالتنظيمات التكفيرية واغتيال الأبرياء، وأضافت مخاطبة وزيرالتربية والتعليم :” إذا كان التعليم الدينى العنصرى المتطرف يحتاج إلى قرارات سيادية فماذا فعلتم للارتقاء بالتعليم الحكومى المدنى ؟ مناهج القتل والسبى والشورى والخلافة وابن تيمية هى تربية حديثة على فنون الإرهاب، التعليم تحول إلى غزو ممنهج للعقل المصرى، غزوة المناهج “.
وبما أن مضامين الكتاب المدرسى المشار إليه لا تتحدث إلا عن الإسلام، فلن يكون مخطئا من فهم أنها وضعت كلمة داعش لتعبر بها عن الإسلام، وأنها اتخذت من داعش ستارا لاتهام الإسلام ذاته، هى لعبة قديمة لم تعد تنطلى على أحد .
فى منشور آخر تتهكم الكاتبة نفسها على صورة لفضيلة الإمام الأكبر تجلس بجواره عروس بريطانية أشهرت إسلامها وارتدت الحجاب بعد أن تزوجت من شاب أقصرى، وكان تعليقها سخيفا كالعادة، مسيئا إلى الشيخ الوقور، جعلت عنوانه ” غزوة النكاح ” ليضاف إلى عنوانها السابق ” غزوة المناهج “، فالإسلام عندها غزوات داعشية !!!
كاتب آخر ممن يركبون موجة التحرش بالإسلام والمسلمين تقيأ منشورا يقول فيه : ” أرسل سلاح البحرية البريطانى شابا اسمه داروين لسواحل أمريكا الجنوبية فاكتشف أهم نظرية فى علم البيولوجى (التطور)، وفى 1978 جاء نابليون إلى مصر ومعه 165 باحثا كتبوا وصف مصر وأسسوا علم المصريات، عمرو بن العاص عندما دخل مصر لم يكن معه عالم كيمياء واحد “.
حسنا !! عمرو بن العاص لم يكن معه عالم كيمياء، لكنه حرر مصر وأهلها من استعباد الرومان الذين أذاقوها العذاب ألوانا، وزرع فى ربوعها لواء التوحيد، وعلمها معنى حرية العقيدة، راجع كتاب المؤرخ البريطانى ألفريد بتلر ” الفتح العربى لمصر “، أما نظرية التطور فقد صارت أضحوكة بعد تأكد فسادها، وأما علماء حملة نابليون فقد جاءوا لنهب ثروات مصر واستعباد المصريين