الأخلاق هى الدعامة الأولى لحفظ كيان الأمم ، والركن الشديد الذى تقوم عليه الشعوب ؛ ومن أجل ذلك كانت نبوة الأنبياء ورسالة الرسل كلها تحث على الأخلاق الفاضلة ، وتحض على الاستمساك بها ، وجاءت شريعة خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم داعية إلى الخلق القويم ، والطريق السوى ، والنهج المستقيم ، وكانت حياته كلها دعوة إلى كل خلق كريم ، وتنفيراً من كل ما ينقص الأخلاق أو يشينها ، وكانت دعوته الدينية جميعها بالحكمة والموعظة الحسنة ، لا عنف فيها ولا شدة ، ولا غلظة ولا كبرياء ، وقد علمه ربـه أن يأخذ الناس بالرفق فإنه كفيل يجمع القلوب حوله ، ومسارعتهم إلى الإيمان برسالته ( ولوكنت غليظ القلب لا نفضوا من حولك ) ، فكان عليه الصلاة والسلام المثال المحتذى فى لين الجانب ، والعنوان البارز على كل خلق ، وفضيلة ؛ وتعلم أصحابه منه ، وساروا على نهجه ، فكان فيهم العادل الذى لا تأخذه فى حق الله رهبة ، ولا يثنيه عن أدائه قربى أو صحبة ، وكان فيهم البر بالناس ، الحدب عليهم ،
الذى ينفق ما ملكت يداه ابتغاء مرضاة الله ، وكان فيهم من يحارب الرذيلة ويقيم حدود الله على فلذة كبده ، وكان فيهم الرجل الذى يرضى بعيش الكفاف ، ويبيت على الطوى ، ليطعم الجائع ، ويقضى حاجة السائل والمحروم . نعم : كان فيهم أولئك وأولئك الذين أقاموا للإسلام والإنسانية صرحا عاليا ، ورفعوا بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم الإنسانية كلها صوتاً مدويا … سمعوا نبيهم ومشرعهم يقول ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فاتخذوا هذه الحكمة النبوية لهم شعاراً ، فحاربوا المنكرات ، وشنوا الغارة على جميع الموبقات ، وطهروا النفوس من الشهوات الدنيئة ، والعادات الذميمة ، وملأوها طهارة وعفة وخلقا قويما ، فدانت لهم الممالك ، وخضعت لسطوتهم القياصرة ، وغدا الإسلإم فى زمنهم صنواً لكل فضيلة ، ونظيراً لكل خلق كريم . تلك أيام خلت ، وقرون مضت ، وجاء بعدها تيار المدنيه الزائفة ، فاجتذب كثرة المسلمين ، وحبب لهم إقبالهم عليه ، فعشقوا الترف والبذخ ، وتغلغلوا فى حب المادة ، وغرقوا فى اللهو إلى الأذقان وكلما تطور الزمن إلى مفسدة أو اخترع أهل المادة بدعة ، تسابق إليها الناس ، وتفننوا فى التمتع بها ولو كان فيها ما يخالف الدين ، ويغضب رب العالمين … ألم تر إلى الفضيلة كيف تسيل دماؤها كل يوم ، وإلى الشهوات كيف تروج سوقها ويعم خطرها ، ويستشرى ضررها ، كأننا فى عالم لم يشرق عليه الإسلام بنوره ، ولم تسر تعاليم نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بين أهله ؟ أو كأنا فى عصر جهل الناس فيه أن الدين الإسلامى والأديان كلها تحض على الأخلاق وتدعوا إلى التمسك بأهداف الطهارة والعفاف ؟ ولن يتقبل الله أعمالنا أو يبارك لنا إلا إذا نصرنا دينه بحرارة وإخلاص وبذلنا فى سبيله كل عزيز . ( يأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) .
Fawzyfahmymohamed@yahoo.com