وكيل الأزهر يشارك في افتتاح المؤتمر العالمي السابع للإفتاء
الفتوى المنضبطة قادرة على توجيه الناس إلى السلوك الواجب تجاه الأزمات
«التغيرات المناخية» فرضت نفسها بقوة على أجندة عمل المؤسسات
النظرة الإسلامية للتنمية المستدامة توجب ألا تتم هذه التنمية بمعزل عن الضوابط الدينية والأخلاقية
كتب عبد العزيز السيد
قال الدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر الشريف، إن الفتوى إما أن تكون مصدر ثراء وخصوبة للحياة تجدد نشاطها وتستجيب لمستجداتها، وإما أن توقف حركتها، وتجذر مشكلاتها، والفارق بين الأمرين هو المنهجية المعرفية المتبعة في إصدار الفتوى، فإن كانت أصيلة في التلقي، حكيمة في التوصيل، ساعدت الإنسان على بناء تصورات صحيحة ومواقف سديدة نحو مجتمعه والمجتمعات الأخرى، وإن كانت الفتوى زائفة ذهبت بالناس إلى الهواجس والقلق وربما الكراهية تجاه كل ما يساعد على التنمية.
وأكد الدكتور الضويني خلال كلمته بالمؤتمر العالمي السابع للإفتاء الذي تنظمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم تحت عنوان «الفتوى وأهداف التنمية المستدامة»؛ أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب -حفظه الله- يعرب عن رجاءه الصادق لهذا المؤتمر أن يطرح بحوثا جادة ورصينة، تكون دليلا على مرونة الموروث الفقهي والفكر الإسلامي، وتجاوزه لزمانه، وتفاعله مع العصر الحاضر، وقدرته على الإسهام بنصيب وافر في حل مشكلات الواقع.
وأضاف وكيل الأزهر أن «التنمية المستدامة» -وإن نشأت في إطار الاقتصاد- فإن العلوم الشرعية ليست بمعزل عنها؛ بل إنها تضرب بسهم وافر في إقرارها ورعايتها، وفي القرآن والسنة كثير من الآيات والأحاديث التي تدعو إلى عمارة الأرض وإصلاحها والإحسان إلى الوجود كله، ويكفي ما تضفيه العلوم الشرعية من عمق للدراسات التنموية؛ فالمتأمل لواقع المجتمعات يدرك أن التنمية ومشروعاتها حين تقوم على المقومات المادية وحدها فإنها سرعان ما تؤدي إلى انهيار تنموي وتراجع حضاري.
وأوضح وكيل الأزهر أن من عطاء الفكر الإسلامي تلك «الفتوى الواعية» أو «الفتوى الرشيدة»، التي تقوم على صناعتها مؤسسات مسئولة، تعمل على استقرار المجتمعات وأمنها، وتدعم تقدمها ورقيها، تحفظ الهويات والثوابت، ولا تمنع التلاقي والتعارف، وهي تلك الفتوى التي تنظر إلى الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان، وما أنتج حولها من تراث ثري، ولا تغمض في الوقت نفسه عينها عن واقع الناس، وحركة حياتهم.
ولفت الدكتور الضويني إلى أن أحد المعوقات المعاصرة التي فرضت نفسها وبقوة على أجندة عمل المؤسسات هي «التغيرات المناخية»، والتي باتت تهدد التنمية، وتعوق مسيرتها بما تحمل من نذر مخيفة ومرعبة، توجب على البشرية أفرادا ومؤسسات ومجتمعات أن تعمل بجد لإيجاد علاج سريع لها، وأن الفتوى المنضبطة قادرة على توجيه الناس إلى السلوك الواجب تجاه هذه الأزمة الملحة.
وأوضح الدكتور الضويني أن الأزهر الشريف انطلاقا من الواجب الإيماني والوطني سار خطوات طيبة في هذا السياق على المستويين المحلي والعالمي، وعلى مستوى التدريب يستهدف الأزهر الشريف تدريب الدعاة من الوعاظ والواعظات على المفاهيم العلمية والشرعية المتعلقة بالمناخ، باعتبارهم قادة الرأي وموجهي الفكر.
واختتم الضويني كلمته: “إن النظرة الإسلامية الشاملة للتنمية المستدامة توجب ألا تتم هذه التنمية بمعزل عن الضوابط الدينية والأخلاقية، وأن تمتد أنشطة التنمية إلى الدين والدنيا والآخرة، بما يضمن التوازن والتوافق، وإن «الفتوى الرشيدة» هي التي تبصر الثوابت والمناهج والقواعد العلمية بعين وتبصر الواقع بالعين الأخرى فتصح الرؤية، سائلا الله -تعالى- أن يحفظ بلادنا وبلاد العالمين من آثار تغير المناخ، وأن يحمي مجتمعاتنا من زلل الفتـوى وخطرها”.